أخبار الآن | غازي عنتاب – تركيا (ميس الشامي)
مما لا جدال فيه، أن أكثر الفئات التي تتأثر بالحروب على مر التاريخ هي الفئات المهمشة التي تشكل أضعف الحلقات في معادلة العنف. وقد تجملت المرأة السورية بشكل عام، في الداخل ودول اللجوء، القسط الأكبر من تبعات الحرب اليومية في سوريا.
شروط السوق التركي وحاجة العاملات
في تركيا، حيث الوجهة المليونية للسوريين، وعلى وجه الخصوص الولايات والمدن الحدودية، مع منح حكومتها المواطن السوري حرية التحرك؛ والعمل. بشكل غير رسمي حتى الآن، انتشرت ظاهرة عمالة الفتيات السوريات في المحلات التجارية التركية، في ظل غياب منظمات تدعم إستراتجية تأمين عمل للنساء المتعلمات، إذ أصبح من الاعتيادي توظيف أيّة "شابة" في المحلات التجارية التركية، باختلاف أنواعها، مع اضطرار الأتراك لعملهنّ على قاعدة "عصفورين بحجر واحد"، مترجمات للسوريين لكي يسهّل للتاجر عمليات البيع، وأيد عاملة رخيصة.
"أمل" فتاة سورية تنحدر من الريف الحلبي، تعمل في محل لبيع الحلويات في منطقة "تشارشي" في مدينة عنتاب، تقول بحرقة: "درست الأدب العربي في جامعة حلب، ولكن للأسف لم أجد هنا أّيّة فرصة تمكنني من العمل وتتناسب مع تعليمي، والمشكلة الكبرى أن المنظمات المتواجدة هنا دون "واسطة" لا تعير الاهتمام لي؛ ولا لدراستي، مما جعلني أعمل هنا لمدة 12 ساعة، براتب يعتبر قليلا جدا بالنسبة لظروف المعيشة الغالية في تركيا، وأحياناً أتعرض لاستغلال واضح بسبب حاجتي لهذا العمل"، وتوضح أمل أن "صاحب المحل يمنحني استراحة لمدة ساعتين فقط خلال النهار، مما يعني أنع عليّ البقاء واقفة بانتظار الزبائن في الساعات الأخرى".
أما الشابة "نيرمين"، وهي الأخرى من حلب عمرها 14 عاما، تعمل في محل إكسسوارات وعطورات تقول: "أعمل كي أعيل عائلتي قليلا، حيث قل عدد المعيلين في العائلة، بسبب استشهاد أخي الوحيد، وكهولة والدي المتقدم بالسن، الذي اضطر لبيع "السميت" أو ما يسمى الكعك التركي، بجانب المحل الذي أعمل فيه حتى يكون مطمئناً علي".
مهمة نيرمين لا تنتهي مع البيع، وإنما صاحب العمل يطلب منها بعض الأحيان الوقوف ساعات خارج المحل كي تجذب الزبائن من السوريين للشراء.
محاولات نسائية لعمل خاص
غير بعيد عن ضجيج السوق، وفي منطقة "دوز تبه" الشعبية، تضطر الشابة "ديمة" من ريف إدلب وخريجة المعهد الصحي في دمشق، إلى الوقوف خارج محل الألبسة الخاصة بالنساء والأطفال كي تستطيع جذب الزبائن والتحدث معهم وإقناعهم برؤية البضاعة: "اتفقت مع صاحب المحل على أخذ نسبة من المبيعات بعد جدال طويل، النساء السوريات يأتين إلى المحل بسبب وجودي هنا، لكن ساعات العمل طويلة جدا"، وتضيف: أعمل بشكل شخصي تطوعي في مساعدة بعض المرضى السوريين ممن يحتاجون إلى أخذ حقن وإبر مختلفة، بحثت عن عمل في مجال تخصصي لكني أيقنت أن ذلك من باب المستحيل إن لم يكن لي علاقات هنا.
وتخبرنا ديمة بأنها بصدد المغامرة بافتتاح مشروع صغير "محل لبيع الألبسة النسائية" فربما تستطيع أن تكمل حياتها بعيدا عن استغلال السوق وقوانينه الظالمة.
هذا هو حال النساء السوريات إذ غدت المتضررة الأولى من الحرب الدائرة، إن بقينّ في الداخل حياتهنّ معرضات للاعتقال؛ والخطف؛ والاغتصاب، وإن فكرن بالنزوح والهجرة، عليهن القبول بالمكتوب، وكسب رزقهن من تعبهنّ من أجل ضمان الحياة واستمرارها، والقليلات منهنّ كتب لهم النجاح كما هو حال السيدة "دعاء الحسين" التي أصبحت سيدة أعمال ناجحة في مدينة اسطنبول بعد خروجها من محافظتها دمشق في عام 2012.