أخبار الآن | جنوب دمشق – سوريا (آية الحسن)
يعود مسلسل "الهدن" مجدداً ليتصدر الأخبار من دمشق، حيث شهدت منطقة القدم– عسالي عودة المدنيين إليها ممن تركوها قبل أربع سنوات إثر القصف والدمار الذي بدأ ينهك سكانها منذ منتصف عام 2012.
فقد بدأت أول أمس الاستعدادات لإدخال خمسة آلاف مدني من أهل حي القدم والعسالي والجورة جنوب العاصمة. أغلبهم كانوا في منطقة الكسوة والزاهرة ومناطق أخرى من دمشق نزحوا إليها وسكنوا مدارسها.
رواية النظام حول مفهوم الهدن
حسب ما بثته قنوات إعلام النظام تظهر صوراً لاستعداد حافلات من حي الكسوة لنقل العائلات إلى المنطقة، وتابعوا أن المنطقة شهدت دخول ورشات عدة للصيانة استعداداً لإعادة الخدمات المدنية والفنية فيها. ويعتبر النظام أن تأخير الاتفاق على الهدنة سببه التواجد الكثيف لمن يسميهم المسلحين ليكمل بكذبته نفسها. ويرجع حدوث ذلك في هذا التوقيت إلى تراجع نفوذ عناصر داعش وانحسار دورهم، فعندها بدأت الترتيبات اللوجستية لتنفيذ هذه الخطوة ضمن اتفاق المصالحة. وكان من أهم البنود المتفق عليها هو وقف إطلاق النار وإخراج المعتقلين وفتح الطرقات مع إعادة الخدمات للحي.
آراء الأهالي وعودتهم
إذا قلت لشخص ما غائب عن حيّه وبيته مدة طويلة أنك ستعود غداً، فهذا سيجعله سعيداً دون أن يفكر بمن سيرجعه وكيف. هذا حال الكثير من السوريين الذين أجبرهم النظام في ممارساته الوحشية على ترك بيوتهم ومناطقهم هرباً من الموت، ولكن الحال عند البعض مختلف، فالكثير من سكان المناطق المنكوبة متحسرين متألمين لا يريدون العودة للدمار.
"أبو محمد" 50 عاما من منطقة القدم يقول: "عندما خرجنا من البيت كنا ستة أشخاص أنا وزوجتي وأربعة أولاد. اليوم سأعود وحدي لأن زوجتي توفيت وأولادي سافروا. وهذا لا يسمى عودة فحياتنا كلها تغيرت، ولكن هذا لا يمنع شوقي لرؤية بيتي رغم الغصة والحزن".
"وفاء" 35 عاما زوجة شهيد وأم لطفلين تقول: "إذا كانت الهدنة تعني خلاصي من العيش في المدرسة مع الغرباء فأنا أرحب بها مهما كانت ومن كان القائمون عليها. لم نعد نتحمل كل هذا العذاب والتشرد". وعندما سألناها إذا كانت متأكدة بأن بيتها مازال موجوداً أجابت بأنها ستعود إليه لو كان رماداً.
"حازم" 14 عاما يقول: لم أعد أتذكر الكثير عن منطقة القدم، أصبح لي في المدرسة ذاكرة كبيرة، فأنا أحب النوم في الصفوف واللعب دوماً في الباحة الكبيرة.
"أم أحمد" 40 عاما تؤكد أنها لن تعود لمكان مدمر وموضوع الهدنة ليس إلا كذبة لتسكيت الناس عن المطالبة بخساراتها. وتقول أن على الجميع الاعتراض على شكل الحياة التي يرميهم إليها النظام. فنحن خرجنا منها شبه مدمرة كيف سنعود ونجدها؟.
حال المناطق المجاورة
وسط غموض حول مصير منطقتي "الحجر الأسود" و"مخيم اليرموك" المتاخمتين لمنطقة القدم، أشار الناشط الميداني "عبدالله أبو سالم" ميداني إلى أن كلاً من المنطقتين إضافة لمناطق مثل ببيلا ويلدا عالقة بين أخذ ورد، فهي منضمة إلى الهدنة إلاّ أنها لم تنعم بها بعد. وهذا ما سيحدث في أغلب المناطق الجنوبية من العاصمة التي تعد من أكثر مناطق العاصمة دماراً، وأقلها حظاً حيث لم تبت فيها الأمور ولم يتخذ بشأنها أية إجراءات.
جدير بالذكر أن منطقة القدم مؤثرة جغرافياً على مناطق كثيرة محيطة بها، والتي تعاني الأمرّين من الحصار والدمار وتشديد السيطرة الأمنية عليها، فهي الحد الفاصل بين دمشق والمحيط الجنوبي منها، حيث تعتبر صلة الوصل بين أحياء الميدان والزاهرة من جهة وبين مخيم اليرموك والحجر الأسود من جهة أخرى، بالإضافة لقربها من الطريق الدولي بين دمشق ودرعا، الذي تتمركز فيه منشآت صناعية ومعامل ويعتبر عمود فقري في خريطة مدينة دمشق.