أخبار الآن | إسطنبول – تركيا (إيهاب بريمو)
مع تزايد عدد اللاجئين السورين في إسطنبول على مدى الأربع سنوات الماضية، نشأت الكثير من المشاريع التعليمية وغيرها من المشاريع التي تساعد السوريين في غربتهم، ومن أهم هذه المشاريع "رياض الأطفال" التي تعتبر الركيزة الأساسية لبناء جيل ثورة الحرية والكرامة؛ مراكز تقوم عليها بعض الجمعيات العاملة في المجال الإنساني والمسجلة كمنظمات مجتمع مدني في تركيا.
رياض أطفال وفق مناهج علمية
"روضة الأمان" هي إحدى مشاريع "جمعية معاً" للأعمال الإنسانية في مدينة إسطنبول حيث اتخذت الروضة شعاراً لها "نغرس بذور حب التعلم والعمل الجماعي في نفوس الأطفال عن طريق التجربة والمشاركة".
مراسل اخبار الآن زار الروضة وأجرى لقاء مع السيدة "منى" مديرة الروضة التي أوضحت أن الروضة تتبع أسلوب ومنهاج "المونتيسوري" عن طريق اللعب والنشاطات المختلفة وتعليم الطلاب اللغة العربية والتركية والإنكليزية، كما تحدثت عن أعداد الطلاب في الروضة والأجور المترتبة على الطالب، حيث يبلغ تعداد الطلاب بين 30 إلى 50 طفل مقسمين إلى ثلاثة فئات عمرية. أما الأجور فهي رمزية جداً مع وجود عدد من الطلاب الأيتام الذين يتم تعليمهم بالمجان أو تأمين متبرع لهم لتغطية الأجور المترتبة على الطفل.
"مونتيسوري" هو منهج تعليمي وضعته الطبيبة والمربية الإيطالية ماريا مونتيسوري، وهو يمارس في جميع أنحاء العالم، ويخدم الأطفال من عمر 3 إلى 18 سنة، واعتمدت بشكل أساسي على مراقبة سلوك الأطفال وتجربة تفاعلهم مع الطبيعة.
رياض الأطفال .. تربية أخلاقية وتعليم
أما "روضة الأوائل التي هي قسم من أقسام مدرسة الأوائل في مدينة إسطنبول، حيث تعتبر مدرسة نموذجية تهتم بتربية الأطفال أخلاقيا – تربويا – تعليميا من سن الأربع سنوات وحتى الشهادة الثانوية، وتعتمد المدرسة على المنهاج السوري المعدل، أما بالنسبة للشهادتين الإعدادية والثانوية فتعتمد حالياً المنهاج الليبي. توضّح مديرة الروضة السيدة "عبير البندقجي" طريقة عمل الروضة قائلة: "نتبع في الروضة أسلوب التعليم واللعب والترفيه مع الأطفال لأنه من أنجح الأساليب في التعليم بالنسبة للأطفال، عدد الطلاب يتراوح بين 50- 60 طفلا في كل فوج حيث يوجد دوامين صباحي ومسائي وذلك لأن الروضة تستقبل الأطفال السوريين والعرب.
تم افتتاح فرع اسطنبول لأول مرة للعام الدراسي 2013-2014 كمؤسسة تربوية تعمل على بناء جيل متعلم ومثقف، ويرى السيد "سميح علي الشيخ" مدير مؤسسة "الأوائل التعليمية" أن المدرسة بكافة أقسامها تأخذ مبلغا رمزيا ونعد الطلبة السوريين بفتح فروع أخرى لمؤسسة الأوائل التعليمية في تركيا ودول الجوار، وأتمنى أن تكون مجانية لكل السوريين وهذا حق لكل طالب آمن في بلده فكيف إذا كان مهجراً فمن باب أولى أن نبذل كل جهدنا ونقدم كل ما بوسعنا ونسعى ونعمل جميعاً لإنفاذ أطفالنا وتأمين كل ما يلزم، وخاصة مجانية التعليم.
آثار الحرب في سوريا وانعكاساتها على نفسية الطفل
في ظل الحرب الدائرة في سورية منذ الأربع سنوات كانت فئة الأطفال هي المتضرر الأكبر على جميع الأصعدة من جراء القصف والتهجير وآخرها التجويع، كل هذه الأساليب انعكست سلبا على نفسية الأطفال.
تقول السيدة "ريم عوض" أخصائية اجتماعية ونفسية: "لا شك أن الحروب والأزمات والكوارث وتأثيراتها النفسية والتربوية والاجتماعية تكون تأثيراتها الأكبر على الأطفال وخصوصا الأعمار من ثلاث سنوات فما فوق، لأنه في هذه المرحلة يكون الطفل أكثر وعياً واكتشافاً وذو ذاكره قوية".
وتضيف: من خلال جولتي وتعاملي مع هذه الأعمار وجدت العديد من المشكلات من ضمنها شعور الخوف والانطواء والفقدان وعدم الاستقرار وانخفاض في الانتباه والتركيز، وتخوّف من الشقاء والبؤس نتيجة سوء الأوضاع المعيشية، العدوانية والكذب والسرقة وذلك نتيجة الحرمان.
وتحدث عن تجربة لها، فتقول: "محمد" طفل في الثالثة والنصف من عمره، من ريف حلب، يعاني من الانعزال والانطواء و"مص الإصبع"، لا يحب اللعب والانخراط مع بقيه الأطفال وفقا لما حدثتني والدته نتيجة لسماعه أصوات الانفجارات والرصاص، يشعر أيضا بالخوف الدائم ويعاني مشكلات في النطق، أما "خديجة محمد" من جسر الشغور فعمرها 4 سنوات تعاني من التبول اللاإرادي نتيجة الشعور بالخوف المزمن، فقد عانوا من القصف العشوائي والمبيت في الملاجئ وعدم توافر الحمامات أيضا في مثل هذه الأماكن.
وعن كفية علاج هذه الحالات تقول: يجب علاج الأطفال في مرحلة "بعد الصدمة" من خلال ترك مجال للتعبير عن مشاكلهم بالرسم وتحليل رسوماتهم وترك مجال للحديث عن ما تعرضوا له، ومنحهم شعور الأمان والثقة وعرضهم على طبيب في حال وجود مشاكل صحية إضافه إلى تركيز وعناية الأهل.
القصف والتهجير لا يزال مستمرا وأعداد النازحين تتزايد والأطفال هم الأمل الوحيد لبناء جيل الحرية والكرامة لذا يسعى العاملون في مجال التعليم لبناء جيل شوهته الحرب والعودة به بأسرع وقت إلى سوريا.