أخبار الآن | الرقة – سوريا (رشيد الحمد)
سُجلت أمس الخميس 21 إصابة بجائحة "الأنفلونزا" في المشفى الوطني في مدينة الرقة، هذه الجائحة التي اجتاحت المحافظة وريفها وأودت بحياة 17 شخصا إلى الآن، ثمانية منهم أطفال، والأنباء تتحدث عن وجود مئات الإصابات في ظل نقص حاد بالكوادر الطبية ومخابر التحليل، مما يرشح العدد للارتفاع كل يوم. فقد توفيت ظهيرة يوم أمس الخميس السيدة "صيتة محمود كامل العمر" 33 عاما، من قرية "الدهموش" وهي آخر ضحايا الأنفلونزا الموثّقين.
غارات روسية على حي الصوامع .. وموجة جوع تجتاح المدينة
ليست الأنفلونزا وحدها آخر هموم الرقيين، فالموت يداهم السكان هناك بدءا من سكاكين داعش وليس انتهاء بالطيران الذي لا يفارق سماء مدينتهم والذي لم يعد يعرفون جنسيته ويتندرون على ذلك بأن "سماء مدينتهم تحتاج شرطي مرور"، فآخر ما تعرضت له المدينة من قصف هو عند الساعة 12.30 ليلة أمس من الطيران الروسي الذي أصبح الأهالي يميزونه من نوعية الأهداف وحجم الدمار الهائل الذي يحدثه، حيث استهدف "حي الصوامع" بغارتين أصابت إحداهما بيتا جنوب صوامع الحبوب وكان خاليا من السكان أما الغارة الثانية فكانت في أرض خلاء بجانب سكة القطار.
موت جديد بدأ يلوح في أزقة وحواري وشوارع الرقة هو "شبح الجوع" حيث أوقف تنظيم داعش ومنذ 19-1-2016 دعمه للأفران ليرتفع سعر ربطة الخبز إلى 210 ليرات سورية، ارتفاع سببّه السماح لأصحاب الأفران "التي أغلق معظمها" بوضع تسعيرة الخبز حسب الكلفة التشغيلية والوجدان دون مراقبة، ويعزو المهندس الزراعي "حسان" مدير الحبوب في تل أبيض لعدة سنوات قبل سيطرة التنظيم، ذلك إلى عدة أسباب منها أن التنظيم لم يشتر من الفلاحين موسم 2015 من القمح ولا 2014 وتصرف بالمخزون الموجود سابقا والذي يقدر بـ 400.000 ألف طن كانت مخزّنة في الصوامع الكبيرة والصغيرة أو كأكداس مغطاة بالعراء. تصرف التنظيم بالمخزون جاء عبر شحن كميات كبيرة منها إلى العراق وبيع الباقي إلى تجار يقومون ببيعه إلى مناطق النظام؛ التي حرمت من نتاج أكبر ثلاثة محافظات منتجة للقمح حيث تأتي الحسكة بالمرتبة الأولى وحلب بالمرتبة الثانية والرقة بالمرتبة الثالثة، والتي يقول المهندس "حسان" أن إنتاجها يتراوح بين 350.000 طن و500.000 طن سنويا حسب المواسم والأمطار، وقد أسهم طيران النظام والتحالف والطيران الروسي في الأزمة من خلال قصف بعض الصوامع مثل "صوامع سلوك" في الريف الشمالي و"الحوس" في الريف الشرقي.
أما المهندس "محمد" مدير مطحنة "الرشيد" سابقا، وهي المطحنة الوحيدة في الرقة وأريافها، فيقول: "تنتج المطحنة يوميا 220 طنا من الطحين الخبزي عبر كادر عمالي "110 عمال"، ولكن عند سيطرة التنظيم قاموا بفصل غالبية العاملين الفنيين ما أدى إلى تعطل أقسام عديدة وخروجها عن الخدمة"، ويكمل: تحتاج الرقة اليوم حسب عدد سكانها الحالي "يقدر بـ 200.000 نسمة إلى 60 طن يوميا عبر ستة أفران هي ما بقي يعمل من أصل 13 فرنا، وهو غير متوفر سوى ما يوفره التجار الذين يفرضون السعر الذي يناسبهم والذي بدأ ينذر بالكارثة دون أن يهتم التنظيم بذلك نهائيا.
تل أبيض
لا يختلف الوضع كثيرا في الريف الشمالي أيضا، والذي تسيطر على أغلبه "الوحدات الكردية" سواء من حيث انتشاء مرض "الأنفلونزا"، حيث اكتشفت أول حالة في مدينة "تل أببض"، وهي اليوم تعاني من نقص المخزون في القمح، ولو أنه وحسب الناشط الميداني "يزن العبدالله" أفضل قليلا من وضع الرقة المدينة.
ولا تزال البوابة الحدودية في تل أبيض، والتي تعد ثاني أكبر بوابة حدودية مع تركيا بعد بوابة باب الهوى في إدلب، مغلقة منذ سيطرة "الوحدات الكردية" على تل أبيض منتصف حزيران الماضي، الأمر الذي يضطر الناس إلى الدخول تهريبا، وسجل يوم أمس قتل حرس الحدود التركي"الجندرما" الشاب "باسل الفندي، 24 عاما، أثناء محاولته عبور الحدود عند نقطة "أبو زلة" 20 كم شرقي تل أبيض.