أخبار الآن | عامودا – سوريا (عبد الرحيم سعيد)
يعود تاريخ الحركة السياسية الكردية إلى عام 1957 وهو تاريخ تأسيس أول حزب سياسي كردي في سوريا باسم "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بقيادة الدكتور نور الدين ظاظا وأوصمان صبري. بعد ذلك تعددت الأحزاب الكردية بفعل الانشقاقات في الحزب الأول من جهة، وتأسيس أحزاب جديدة تحمل أفكارا أخرى من جهة ثانية، وكذلك انقسام السياسيين الأكراد بين اليمين واليسار. وقد وصل عدد الأحزاب الكردية التي كانت تعمل بشكل شبه سري قبل الثورة السورية ما يقارب "11" حزبا.
بعد بدء الثورة في سوريا تعرضت هذه الأحزاب إلى انتقادات شديدة من قبل شباب التنسيقيات الكردية بسبب موقفها الضبابي وغير الواضح من الثورة في بداياتها، وعدم مشاركتها بشكل فعّال في المظاهرات ضد نظام الأسد.
ومع التطورات المتسارعة في الثورة، وفي الشهر العاشر عام 2011 وبدعم من إقليم كردستان العراق، تأسس "المجلس الوطني الكردي في سوريا" بهدف توحيد الصف والخطاب الكردي في سوريا ووضع برنامج سياسي موحد للمجلس.
تبنى المجلس فكرة أنّه جزء من الثورة السورية، لكن سرعان ما بدأت الخلافات من جديد بسبب، حسب رأي المهتمين، ارتباط بعض الأحزاب بأطراف خارجية وتذبذبهم بين مؤيدين لمسعود البرزاني وجلال الطالباني، وارتباط البعض بحزب الاتحاد الديمقراطيPYD ، وما يسببه هذا الارتباط من اختلاف المواقف حسب اختلاف الداعم أو الحليف.
يقول "يونس محمد" رئيس المجلس المحلي للمجلس الوطني الكردي لأخبار الآن: "منذ تأسيس المجلس تشكلت كتلة لم تكن متجانسة تماماً، حيث كانت الآراء والمواقف تتنوع باتجاه المحاور الأساسية في الساحة وخاصة المحورين الدوليين أمريكا وروسيا، وكذلك ارتباط البعض بمحور إقليم كردستان العراق ورئيسه مسعود البرزاني، وارتباط البعض الآخر بمحور حزب الاتحاد الديمقراطيPYD والمرتبط بدوره بالدول التي تتضرر من التغيير الجيوسياسي في المنطقة مثل ايران والنظام السوري وكذلك الحكومة العراقية".
هذه الخلافات بلغت ذروتها في شهر ديسمبر من عام 2014 حيث قام المجلس بفصل عدة أحزاب "الحزب الديمقراطي الكردي/ البارتي، حزب الوحدة الديمقراطي الكردي، حزب الوفاق الكردي" بتهمة التعامل والتعاون مع حزب الاتحاد الديمقراطي والإدارة الذاتية، وتنفيذ أجنداته ضمن المجلس.
وبينما يقول "يونس": "شكلنا لجنة قانونية تخصصية توصلت إلى نتائج ملموسة بارتباط تلك الأحزاب بحزبPYD لذلك اتخذ المجلس القرار بفصلهم". فإن "عادل سليم معمو"، عضو في الحزب الديمقراطي الكردي/ البارتي يرى: "أن ما قيل عن علاقاتنا مع الإدارة الذاتية وحزب الاتحاد الديمقراطي هو ذريعة وحجة لإبعاد الكثير من الأطراف التي كانت تقف ضد الهيمنة والسيطرة على المجلس الوطني الكردي والسعي للاستئثار بقرارات المجلس لنفسها، وعملية فصلنا كانت التفافاً على المرجعية السياسية الكردية وتسببت في شق الصف الكردي أكثر".
جسم سياسي جديد
لم تقف هذه الاحزاب مكتوفة الأيدي أمام هذا الإجراء من المجلس الوطني الكردي، وبدأت بالعمل من أجل تأسيس جسم سياسي آخر يضمها، فقامت الأحزاب المفصولة مع عدة تجمعات أخرى بعقد اجتماعها الأول في يومي الجمعة والسبت 12-13/2/2016 بمدينة عامودا تحت اسم "التحالف الوطني الكردي"، الذي يضم بالإضافة لتلك الأحزاب بعض المستقلين ووجهاء العشائر في المنطقة وكذلك حركة الإصلاح وحزب اليسار الكردي.
يهدف الجسم الجديد إلى إنشاء تجمع سياسي كردي يمثل شريحة واسعة من أكراد سوريا، وكذلك المحاولة للتوسط بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي لتوحيد الصف الكردي.
يقول لنا "عادل سليم" أحد أعضاء التحالف الذين حضروا المؤتمر التأسيسي: "الهدف من الكيان الجديد هو بناء إطار سياسي يمثل شريحة واسعة من الأكراد بعيدا عن الأجندات، ليكون الأكراد أصحاب قرار بعيداً عن التدخلات الإقليمية والدولية وحتى الكردستانية، وسنحاول أن نكون جسراً بين الحركات الكردية الموجودة والتي لم تستطع أن تصل إلى قرار مشترك بشأن الحركة الكردية"، ويردف: كان من قرارات المؤتمر تشكيل وفد كردي مشترك من كافة الأطراف يستطيع أن يمثل الكرد في المحافل الدولية مثل جنيف وفيينا.
حضر المؤتمر قيادات في الإدارة الذاتية من أمثال "حكم خلو" رئيس المجلس التشريعي، وكذلك حضور بعض شخصيات عشائرية ومستقلين.
من المستفيد؟
يرى الكثير من المراقبين والسياسيين أن المستفيد من هذه الانشقاقات والخلافات هو النظام السوري الذي يستفيد من تشتت الجهات المعارضة على الصعيد الإعلامي والميداني وكذلك حزب الاتحاد الديمقراطيPYD كمحاولة لاستقطاب بعض الأطراف والاستئثار بالساحة الكردية بسبب ضعف الأطراف الأخرى.
يقول "عمر حاج نوري" أحد النشطاء المدنيين والحقوقيين، لأخبار الآن: " إن من يستفيد من هذه الخلافات والانشقاقات في الأجسام المعارضة هو النظام السوري وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD لأنّ هذه الخلافات تضعف الأطراف الأخرى، ويبقى المتضرر الأكبر من هذه الخلافات هو الشعب الكردي الذي بدأ يفقد الثقة في هذه الأحزاب ويتوجه لحلول أخرى وجهات أخرى".
يذكر أنّ المجلس الوطني الكردي هو جزء من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، والمجلس مدعوم بشكل رئيسي من إقليم كردستان العراق حيث يقوم بدعمه مادياً وساسياً.