أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (هاديا المنصور)

"جمعية شام السورية" جمعية اجتماعية خيرية تأسست عام 2013، تعمل على رعاية الأيتام السوريين وتأمين احتياجاتهم بتوفير أسمى أنواع الكفالة والرعاية لليتيم السوري داخل سوريا وفي دول اللجوء، ليس دعم اليتيم وحده وإنما مع ذويه، وتوفير أفضل البرامج التربوية والتعليمية له، وتنمية مهاراته ومواهبه وقدراته الحياتية لتمكينه من بناء مستقبله بيديه.

نشأة الجمعية ونشاطاتها

وعن هذه الجمعية يتحدث مسؤولها الإعلامي "يوسف الشندي" 38 عاما: "لا تقتصر نشاطات "شام" على مجال واحد وإنما تتوزع لتشمل عدة نواحي في مجال رعاية اليتيم كالإحصاء والإغاثة والكفالة إضافة إلى مجالات الصحة الجسدية والنفسية والمشاريع التنموية والتعليم والتدريب"، ويضيف بأن الجمعية ليست تابعة لأي حزب أو جماعة، يتركز عملها في الداخل السوري بنسبة 70% وفي دول اللجوء بنسبة 30%، أما مقرها الرئيسي فهو في مدينة "غازي عنتاب" التركية إضافة لوجود مكاتب فرعية لها في جميع المناطق المحررة في الداخل السوري، حتى في الغوطة الشرقية والغربية المحاصرتين وذلك من خلال فرق عمل متكاملة.

أما عن أهم أسباب نشوء هذه الجمعية التي تخصصت بكفالة اليتيم فيقول "الشندي": "نظرا لازدياد أعداء الأطفال الأيتام في سوريا، ولأهمية المكانة الرفيعة التي يتمتع بها كافل اليتيم عند الله تعالى والرسول الكريم، ولأن ليس هناك جهة محددة لكفالة اليتيم، أنشأنا هذه الجمعية لكفالة أكبر عدد ممكن من الأيتام".

آلية عمل الجمعية

أما عن آلية عمل الجمعية فيقول "الشندي" بأنهم يقومون في البداية بتسجيل جميع الأطفال الأيتام السوريين أينما كانوا سواء في سوريا أم في تركيا، بعد ذلك يقومون بكفالة الأكثر احتياجا، وحاليا تكفل الجمعية أكثر من 60000 طفلا يتيما.

تبدأ الجمعية بإغاثتهم ثم بإيوائهم وذلك بوضعهم في "دور الشام" للضيافة وعددها سبع دور موزعة داخل سوريا وخارجها، حيث يقيم فيها الأيتام إلى أن يتم تعليمهم وتأهيلهم ثم يطلقون ليعيشوا حياتهم.

يُكفل اليتيم في الجمعية حتى سن الثامنة عشرة، بعد ذلك تساعده الجمعية بإكمال تعليمه الجامعي أو تعليمه مهنة ما يستطيع بها مواجهة الحياة والانتقال من مرحلة الأخذ إلى مرحلة العطاء، وهذا ما يميز جمعية شام عن غيرها من الجمعيات كما صرح به مسؤولها الإعلامي.

الأطفال الأيتام والعائلات المستهدفة

عادت لـ "رامز" 7 سنوات، الحياة الأسرية التي افتقدها منذ أكثر من سنتين بعد وفاة والديه في قصف الطيران الحربي لقريته "كنصفرة" إحدى قرى ريف إدلب، فقد انتسب رامز لإحدى دور "جمعية شام" لرعاية الأيتام حيث الرعاية والاهتمام والتعليم.

يقول رامز: "كنت مشردا بين بيوت أقربائي وكنت أشعر بالوحدة ولست سعيدا، ولكنني هنا لدي أصدقاء كثر وأمهات كثر" وقد بدا على وجه رامز الفرح والسعادة".

"شيماء" طفلة يتيمة عمرها عشرة سنوات وهي تعاني من اليتم وبتر أحد أطرافها تقول: "أعيش في دار شام هنا في حلب منذ أكثر من ثمانية أشهر، هذه الدار خاصة بالمعوقين أمثالي ونتلقى فيها اهتمام وعناية خاصة، وأنا أحب هذه الدار فجميع من فيها هم أهلي وأخوتي".

"صهيب" 28 عاما، هو عم لطفلين يتيمين ولكنه يرفض التخلي عنهما واصطحابهما إلى إحدى دور الأيتام التابعة لجمعية شام، وفي هذه الحالة قامت الجمعية بكفالتهما وهما في بيت عمهما عن طريق تخصيص رواتب شهرية لهما، يقول صهيب: "إن أولاد أخي أمانة في عنقي ولا أريد أن يبتعدا عن ناظري رغم أن أوضاعي المادية صعبة في هذه الظروف، كما أنني سأصبح سيرة على كل لسان إذا تخليت عنهما، فطلبت من جمعية شام التكفل بهما وقد استجابت على الفور مع جزيل الشكر".

وحول هذا الموضوع يقول الشندي: نحن في مجتمع سوري محافظ، تحتفظ فيه العائلات بالأطفال الأيتام سواء في بيت الأعمام أو الأخوال، وفي هذه الحالة نقوم بكفالة اليتيم ضمن عائلته ونقدم له ما يلزمه، أما بالنسبة لمن ليس له عائلة حاضنة فنحن نضعه في إحدى دور الجمعية".

مشاريع تعليمية دعم نفسي للأيتام

في المجال التعليمي كانت جمعية شام في البداية صلة وصل بين اليتيم والمدرسة، أما بعد تأزم الوضع الدراسي وقصف المدارس، قامت الجمعية بإنشاء مدارس خاصة بها، فكان هناك أكثر من أربع مدارس في الداخل السوري ومنها في قرية "كلي" إحدى قرى ريف إدلب وأيضا في حلب المدينة، تسعى الجمعية لتسجيل أطفال غير أيتام أيضا في هذه المدارس لكسر الحاجز بين الأيتام والمجتمع، أما عن المناهج المتبعة فهي المناهج الصادرة عن وزارة التربية في الحكومة المؤقتة.

"أم وليد" 45 عاما، من ريف إدلب، لديها أربعة أطفال أيتام تكفلت الجمعية بها وبأولادها، تقول: "بعد وفاة زوجي في سجون النظام لم يعد لدينا من معيل إلا الله، وكانت أحوالنا المادية معدومة كليا إلى أن تكفلت جمعية شام بأبنائي والإنفاق عليهم، ليس ذلك وحسب وإنما إعادتهم إلى مقاعد الدراسة ضمن مدارس الجمعية"، وتردف بأن الجمعية أيضا اهتمت بالجانب النفسي للأطفال من خلال مراكزها الخاصة بالعلاج والتأهيل النفسي والتي تضم متخصصين في هذا المجال، وأيضا من خلال النشاطات الموجودة والتي كان لها تأثيرا إيجابيا على نفسية الأطفال، فأطفالها كانون منعزلين في بيتهم ويعانون الانطواء والعدوانية، أما الآن فهم أصبحوا منفتحين ومرحين ولديهم أصدقاء كثيرين.

مشاريع تنموية و"قرية نموذجية"

إنشاء "قرية نموذجية" خاصة بالأيتام وعوائلهم هي من أهم المشاريع التي تقوم بها الجمعية حاليا، حيث يتم بناؤها في منطقة "سرمدا" التابعة لريف إدلب الشمالي، وقد اختير هذا المكان كونه منطقة حدودية ويعد آمنا نوعا ما، هذه القرية تحتوي على كل ما تحتويه المدن من بيوت وأسواق وحدائق ومساجد، والمشروع حاليا قيد الإنجاز وقد شارف على الانتهاء.

أما بالنسبة للمشاريع التنموية فقد عملت الجمعية على تمكين الأيتام وأمهاتهم من خلال تعلم الكثير من المهن ومنها الخياطة وصناعة الصابون، لوحات فسيفساء، مشغولات يدوية ومطبخ خاص بأمهات الأيتام لبيع المأكولات المختلفة، كما وقامت الجمعية بافتتاح أسواق خاصة لتسويق هذه المنتجات في مدينة غازي عينتاب التركية، وقد لقي هذا السوق إقبالا كبيرا وتم بيع جميع المنتجات، وثمن هذه البضائع يعود على اليتيم نفسه.

أما عن أهم الصعوبات التي تواجه الجمعية فيقول "الشندي": "لقصف المتواصل الذي  يضطرنا أن نغير مكان إحدى منشآتنا إلى مكان آخر، ولكننا تأقلمنا مع هذا الأمر كونه مستمر ولا يوجد حل سياسي يلوح في الأفق، أيضا هناك مشكلة في ضعف التعاون مع الجمعيات والمنظمات الأخرى".

ويختتم الشندي حديثه بالقول: "نحن مستمرون رغم كل الظروف وهدفنا الأول والأخير هو أن لا يبقى يتيم سوري دون كفالة أو رعاية، والعمل على جعل هؤلاء الأيتام نخبة المجتمع السوري بإذن الله".

"جمعية شام" لكفالة الأيتام .. تأهيل وتمكين اليتيم السوري عبر مشاريع تنموية