أخبار الآن | اللاذقية – سوريا (حلا محمد)
أربعة اشهر تفصل طلاب الشهادة الثانوية "البكالوريا" بفرعيها العلمي والأدبي عن تحديد مصيرهم في واقع صعب يعيشه أهالي ريف اللاذقية، في ظل "التشبيح" الذي يعيش في كتب الطلاب والمدارس وحتى الطرق الواصلة إليها، حيث يقضي معظم طلاب الشهادة الثانوية أوقاتهم في المنازل، للدراسة من جهة، ولتجنب المضايقات في الشوارع من جهة أخرى.
مدارس حكومية متردية ودروس خصوصية
فقد انتشرت ظاهرة "الدروس الخصوصية" وبشكل كبير في الفترة الماضية بحيث شكلت مصدر رزق جانبي للعديد من المعلمين، ومصدر إرهاق كبير لجيب الأهالي، حيث بلغت ساعة التدريس لمادة الرياضيات على سبيل المثال ما يقارب الألف ليرة سورية، وغالباً ما يكون مدرس المادة في المدرسة هو المدرس الخصوصي للعديد من طلاب صفه في منازلهم، فالتدريس الخاص هو "مهنة العصر" لمن يمتلك المال.
"إيمان" طالبة شهادة ثانوية بفرعها العلمي، تتحدث عن سوء التعامل في المدارس الحكومية في مدينة اللاذقية؛ تقول: "في السابق كنا نقول أنه كاد المعلم أن يكون رسولا، أما الآن فالنسبة الكبيرة من المعلمين وخصوصاً لطلاب الشهادة الثانوية يعتبرون من الجلادين؛ لا يتم شرح الدروس بشكل جيد وإنما فقط مجرد قراءة، وعند السؤال عن أي شيء يقول لنا: لا داعي للشرح فمعظمكم لديه مدرس خصوصي".
"أحمد" أيضاً من طلاب الشهادة الثانوية بفرعها الأدبي: "أذهب إلى المدرسة يوم فقط في الأسبوع وذلك لإثبات الوجود وهذا حال معظم الطلاب، ومن جهة أخرى لا أدري متى يقام أي حاجز طيار للقبض على الشباب وتجنيدهم خاصة أنني تجاوزت سن الثامنة عشرة وهذه المرة الثانية التي أتقدم فيها إلى الشهادة بعد فشلي في المرة الماضية".
طلاب الشهادات الثانوية يعودون لأيام آبائهم
بحضور التقنين الكهربائي والذي يحل ضيفاً ثقيلاً على معظم الطلاب وخصوصاً طالبي الشهادة الثانوية، حيث يصل التقنين الكهربائي إلى ما لا يقل عن 16 ساعة خصوصاً في هذا الوقت من السنة الذي يغلب فيه طول الليل على النهار.
يقول "خليل" طالب شهادة ثانوية الفرع العلمي في إحدى مدارس مدينة اللاذقية: "كان أبي يقول لنا سابقاً جملته المعهودة: يا بني درست أنا وأعمامك على ضوء الشمعة وضوء البلدية، ولكن كم من الشموع ستصمد على مدار الليل خاصة وسعرها مائة ليرة! وأي ضوء بلدية يعمل كي آخذ كتبي ودفاتري للدراسة تحته! عدنا وببساطة إلى عصور آبائنا وأجدادنا، تعبت أعيننا من أضواء الشموع".
تغيير المنهاج وارتفاع معدلات القبول الجامعي
تتغير المناهج التدريسية كل عدة أعوام إلى ما هو أشد تعقيداً عن سابقها، مما يؤثر سلباً على الطلاب المعيدين، يرافقه ارتفاعا في معدلات القبول الجامعي، كل ذلك يشكل شبحاً يطارد طلاب الشهادة الثانوية حتى أثناء نومهم، غير حالات الغش التي تحدث سنوياً وذلك بعد تمييز المراكز الامتحانية.
فقد تم فصل المراكز الامتحانية لطلاب المناطق المؤيدة في مراكز منفصلة تماماً عن مراكز امتحان المناطق ذات الأغلبية السنية، مما يفسّر حالات التفوق والدرجات الكاملة لبعض الطلاب من عائلات معروفة مثل "شلاش ومخلوف" وأبناء المسؤولين والضباط في مدينة اللاذقية في امتحانات العام الماضي.
فقد وصل "التشبيح" إلى أقصى درجاته في الشهادة الثانوية والتي كانت تعتبر سابقاً من أكبر أحلام الشباب والتي تخولهم إلى دخول التعليم الجامعي، أما الآن فهي تقتصر فعلاً على من يمتلك الوساطة والمال الكافي لتعيين "مدرسين خصوصيين" لمعظم المواد وحتى مادة "القومية" التي تتغنى بحزب البعث وقائده.