أخبار الآن | أنطاكية – تركيا (وضحى عثمان)
الأخطاء الطبية في ظل الحرب في سوريا واقع لا يمكن إنكاره، فكثيرا ما تعرض أشخاص للمخاطر بسبب خطأ طبي قد يكون سببه الضغط الكبير على الكادر، المتمثل بكثرة الإصابات والحالات المرضية بسبب تقلص عدد المشافي والنقاط الطبية، فضلا عن نقص عدد الأطباء المختصين والممرضين.
المتضررون من ذلك كثر، لكن هنالك حالات قد يصعب تصديقهاـ فقصة "عائدة" المرأة الحلبية تشبه الخيال، خضعت هذه المرأة لـ 14 عملية جراحية، "11" منها بسبب الأخطاء المتكررة سواء في مشافي النظام أو المناطق المحررة، وأخيرا في تركيا.
أجرت عمليتها الجراحية الأولى في مشفى تابع للنظام في مدينة حلب، وكانت وقتها لإزالة "الزائدة الدودية" إلا أن العملية لم تكلل بالنجاح، إذ بقي في داخلها شفرة جراحية وقطعة شاش طبي، فأجريت لها عملية أخرى لإخراج الشفرة والشاش وعانت عندها آلاما كبيرة,.
بعدها بفترة أُصيبت برصاص قناص النظام بالقرب من مكان العمليتين، وذلك عند مرورها من معبر "بستان القصر" في مدينة حلب، المعبر الإنساني الوحيد بين حلب المحررة والنظام آنذاك، فتمكن كادر طبي ميداني من سحب الرصاصة من أحشائها.
لم تمضِ أشهر قليلة حتى أُصيبت بشظايا قذائف أطلقت من قبل مدفعية النظام المتمركز في "الراموسة" وأسعفت إلى مشفى "أطمة" الحدودي، لأن وضعها الصحي بات حرجاً. وفي مشفى أطمة أُخرجت الشظايا، إلا أن الكادر الطبي ترك في أحشائها إبرة وخيطا، فأجريت لها عملية سريعة تحت التخدير الكامل لسحب الإبرة والخيط، ومن كثرة العمليات وتقارب مواعيدها، تسبب ذلك لعائدة باحتباس سوائل.
كل تلك المآسي مرت بها عائدة في سوريا، فنقلت إلى تركيا وأجريت لها عملية وتصوير "طبقي محورية" ونقلت بعدها إلى مشفى الجامعة في أنطاكية، لتجرى لها ثلاث عمليات جراحية بسبب انسداد الأمعاء والإنتان، لكن جميع العمليات لم تنجح.
عائدة اليوم غير قادرة على الكلام بشكل واضح، إلا أنها قالت لنا بضع كلمات: "لقد أصبح جسدي حقل تجارب للأطباء غير المتخرجين أو المختصين، لقد تعرض جسدي لعمليات كثيرة جميعها فشلت بسبب الأخطاء المرتكبة، وهنالك الكثير من أمثالي يتجرعون الموت بسبب قلة الاهتمام والأخطاء الطبية".
ومن المعروف أن مشافي الداخل المحرر تتعرض لضغوطات كبيرة بسبب كثرة الإصابات نتيجة القصف والمعارك، وجل هؤلاء من المدنيين مما يجبر الكوادر الطبية على تقديم إسعافات أولية للمصاب ومن ثم ترحيله إلى مشاف مجهزة أكثر.