أخبار الآن | اسطنبول – تركيا (أسامة زين الدين)
أثار تعيين الأمم المتحدة لـ "شكرية المقداد" كمستشارة وممثلة لها في مشروع يهدف لتقييم حالة المهجرين واللاجئين النفسية والعقلية، زوبعة من الاحتجاجات والانتقادات الواسعة التي ضجت بها الساحة الإعلامية السورية والدولية على حد سواء.
ففي حين سخر الناشطون السوريون عبر منابرهم الشخصية والثورية من تعيين زوجة نائب وزير الخارجية السوري في هذا المنصب، وشكلوا حملات عبر منابر دولية كمنظمة "آفاز" للضغط على الأمم المتحدة للتراجع عن هذا التعيين، لجأت صحف دولية كبرى لتوجيه انتقادات حادة لمنظمة الصحة العالمية، على هذا الاختيار المشابه لتكليف الذئاب بحراسة الأغنام، حيث يعد "المقداد" أحد أركان النظام السوري ومدافعا عنه بشراسة في المحافل الدولية، وعن حربه التي يشنها على الشعب السوري، الذي قتل نصف مليون منه، وهجر نصفه وشردهم. ويتم بعد كل هذا تعيين زوجته لتقيم وضعهم وترفد الأمم المتحدة بتوصيات للتعامل معهم.
أعاد هذا التعيين للواجهة السؤال بقوة عن دور الأمم المتحدة، ومدى نزاهتها وحياديتها في تعاملها مع الثوار ومع مؤسسات النظام.
مساعدات إنسانية للضحايا يوكل توزيعها الجلاد
عززت الإحصائيات من فرضية تواطؤ الأمم المتحدة ومحاباة النظام على حساب المؤسسات الثورية، حيث أكدت أن أكثر من 95 بالمائة من المساعدات الإنسانية سواء أكانت غذائية أم دوائية، ذهبت ليد النظام أو موالين له في العام الماضي بزيادة عشرة بالمائة عن العام الذي سبقه.
وقد قام العديد من الناشطين والحقوقيين بتوثيق جزء كبير من هذه المساعدات في المعضمية المحاصرة، وفي القامشلي وفي حمص وفي ادلب، وفي أماكن أخرى كثيرة كانت مؤسسات النظام فيها شريكة أساسية للأمم المتحدة في عملية التوزيع، وتحظى بدور وتأثير كبير في تحديد الأولويات للمناطق والقرى الساخنة التي يجب أن يتم إمدادها بهذه المساعدات، وتحاول حرمان المناطق الثائرة منها رغم حاجتها الماسة وحصارها الخانق.
الباحث في المركز العربي للأبحاث والدراسات "حمزة مصطفى" صرح في لقاء صحفي أن من مظاهر هذا التواطؤ إصرار الأمم المتحدة ومؤسساتها على إدخال معظم المساعدات الإنسانية عن طريق النظام، رغم صدور قرار من مجلس الأمن يجيز فيها إدخال المساعدات من المعابر التي لا تخضع لسيطرة النظام.
فضيحة التنسيق مع النظام لإعداد التقارير الإنسانية
رغم كون النظام هو المسؤول الأول عن حصار المدن الثائرة وتجويعها وقتل أطفالها جوعا وبردا، إلا أن الأمم المتحدة تنسق معه بشأن إصدار تقاريرها الإنسانية وخطة عملها، فقد كشفت "الفوريان بوليسي" عن فضيحة مدوية مفادها تزوير الأمم المتحدة لتقاريرها الإنسانية بناء على ملاحظات النظام. حيث حصلت المجلة الأمريكية على النسخة الأصلية من "خطة الأمم المتحدة الإغاثية الإنسانية في سوريا لعام 2016"، قبل أن يتولى نظام بشار الأسد تحريرها وتعديل بعض محتوياتها، لحجب معلومات عن حصار بعض المناطق.
وأجرت الصحيفة مقارنة سريعة بين محتويات التقرير النهائي المنشور والتقرير الأصلي، فوجدت أن من بين الفروق محو عشرات الفقرات القوية من التقرير الأصلي، فضلاً عن اختفاء إشارات في أكثر من عشرة مواقع مختلفة من الخطة الأصلية تتعلق بالحصار المفروض على المدنيين في أكثر من بلدة سورية، وانتشار القنابل والبراميل المتفجرة وضرورة إزالتها كونها تشكل خطرا على المدنيين دون تحديد مسؤولية النظام عنها، إضافة إلى اعتبار عدد من المناطق كمضايا التي مات أهلها جوعا مناطق "يصعب الوصول إليها" وليس مناطق "محاصرة".
مساعدات وفيرة لمن لا يحتاجها!!
اتهم المجلس المحلي لمدينة المعضمية في وقت سابق هذا الشهر فرق الأمم المتحدة بتوزيع المساعدات الإنسانية على ميليشيات الشبيحة، عوضاً عن مستحقيها الذين يتضورون جوعاً بالمدينة، متهماً إعلام النظام بالترويج لعملية إدخال "ناجحة" للمساعدات إلى المدينة. كما أكد تعرض الأهلي حملة شتائم وللضرب وحتى لإطلاق الرصاص المباشر، بهدف منعهم من الوصول إلى الحي الشرقي "الموالي" الذي استقبل المساعدات الإنسانية.
تكرر هذا الأمر مع المساعدات الأخيرة في دير الزور والتي تجري عملية إنزال جوية للمساعدات فيها، حيث ذكر الباحث "علي باكير" أن الطائرات التي تقوم بإلقاء المساعدات هي طائرات روسية، وبأن الجيش النظامي هو من يحدد إحداثيات المناطق التي يراد إسقاط المساعدات فيها، بينما أكد الناشطون الحقوقيون في المدينة المحاصرة أن شحنة المساعدات وقعت قرب اللواء 137 التابع لقوات النظام في المدينة، ويصعب على الأهالي الوصول لها علماً أن عددهم قد بلغ الربع مليون محاصر.