أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (هاديا المنصور)

بعد تحرير حلب، حدثت فجوة في أداء المؤسسات الحكومية الخدمية، ومن أجل متابعة عمل هذه المؤسسات جاءت مبادرة من مجموعة من الشباب المتميزين والخبراء في جميع المجالات.

"بلد" السورية، منظمة تتلمس احتياجات المجتمع وتقدم المبادرات وتنفذ المشاريع، هي منظمة مجتمع مدني، تهدف للعمل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإغاثية والتنموية والتعليمية ومجالات السلم الأهلي، وكذلك تعمل المنظمة على نشر ثقافة العمل التطوعي الخدمي الاجتماعي والحفاظ على البيئة وخاصة في حالات الحروب والكوارث التي تنتج عنها، وتأهيل الأفراد ليكونوا على قدر المسؤولية، إضافة إلى دعمهم ليصبحوا اصحاب مشاريع عبر تأمين المستلزمات الخاصة.

تم ترخيص هذه المبادرة في تركيا، وجاء ذلك نتيجة طبيعية لاتساع العمل والكادر البشري ووجود نظام داخلي في المبادرة والانتقال للعمل المؤسساتي أكثر فأكثر.

المنظمة وأهدافها

عن المنظمة يتحدث "فادي فاعل" 45 عاما، رئيس مجلس إدارتها فيقول: "تأسست المنظمة في 7 فبراير/ شباط 2014، مقر المنظمة الرئيسي في تركيا أما عن نشاطاتها فقد شملت جميع مناطق الداخل السوري المحرر حيث أطلقنا عدة مشاريع في حلب وريفها، إدلب وريفها، ريف اللاذقية، ونعمل على تأمين احتياجات النازحين في المناطق المختلفة".

ويضيف بأن هناك عدة معايير تنتهجها بلد لإيصال المساعدات للأسر الأكثر حاجة والأكثر فقرا، بعض هذه المعايير أن يكون رب الأسرة هو امرأة، عائلات نازحة موجودة ضمن تجمعات، مخيمات، أبنية غير مكتملة الإنشاء، وجود عدد كبير من الأفراد ضمن العائلة الواحدة، عائلات لا تمتلك الحد الأدنى من الدخل.

"رامز" 26 عاما، خريج جامعي وأحد المنتسبين لمنظمة بلد يقول: "لقد كان لبلد بصمة لدى مجموعة الشباب الفاعلين في المناطق المحررة، وذلك بالعمل على أن يخرجوا من حالة التغيب عن العمل المجتمعي إلى الانخراط فيه، ربما كان في البداية بنوع من الارتجال والعفوية وذلك بمحاولة الدخول إلى الخدمات الاجتماعية وتفعيلها، وفعلا بدأ الشباب يمتزجون بهذا العمل ويعملون من خلاله على تطوير خبرتهم ومهارتهم".   

مشاريع اقتصادية وتعليمية مختلفة

أما عن أهم المشاريع التي نفذتها المنظمة فيتحدث عنها "مجد شهابي" 34 عاما، مسؤول تنفيذ المشاريع في المنظمة: "هناك عدة مشاريع أطلقتها "بلد" في المناطق السورية المحررة وهي ذات طابع تنموي كمشروع بيت المؤونة والذي استهدف أكثر من 250 امرأة عاملة لإنتاج المنتجات التموينية المستهلكة مثل دبس البندورة، دبس فليفلة وملوخية وغيرها ثم طرح هذه المنتجات في السوق بغية كسر الأسعار الموجودة وإعادة تدويرها".

"أم سالم" 40 عاما، إحدى العاملات في المشروع، أرملة ومعيلة لأربعة أولاد تقول: "لقد أمنت لي "بلد" من خلال عملي بهذا المشروع مصدر رزق كريم أعيش منه مع أولادي، أحصل على راتب شهري إضافة لمعونة شهرية تغنيني عن طلب المساعدة من أحد".

ومن المشاريع التي عملت وتعمل عليها "بلد"، مشروع "زاد الخبز" المجاني، وعن هذا المشروع يقول "شهابي": "هو مشروع مهم جدا كونه يعمل ضمن دورة اقتصادية كاملة، فمنظمة بلد قد قامت بشراء القمح مباشرة من المزارعين بالسعر الذي حددته المؤسسة العامة للمطاحن والحبوب بغية مساعدة المزارعين وإيمانا من منظمة بلد بدعم الحوكمة ومؤسسات الدولة الناشئة". ويوضح بأنهم قاموا بالتعاقد مع المؤسسة العامة للحبوب للإشراف على عملية الشراء والطحن ونقل مواد الخبز المجاني الذي يتم توزيعه في مناطق حلب والأتارب ودارة عزة، حيث بلغ عدد المستفيدين من هذا المشروع أكثر من 5000 مستفيدا بزيادة شهرية تقدر بـ 10%، علما أن هذا المشروع بدأ في 19/9/2015 وما زال قائما حتى الآن وأصبح في مرحلته الرابعة.

"أبو عمر" 46 عاما، يعاني من مرض في القلب وعاطل عن العمل ولديه ثمانية أولاد، وهو أحد المستفيدين من مشروع زاد الخبز المجاني، يقول: "أحصل يوميا على كيسين من الخبز مجانا، هذا الأمر خلصني من عبء تأمين الخبز الذي زاد سعره هذه الأيام".

أما المزارع "خالد" فيقول: "لقد ضمنت المنظمة شراء محصولي من القمح بالكامل وبأسعار جيدة وهذا الأمر رفع عن كاهلي هموم تسويق المحصول ونقله وتصديره وما يرافقه من أخطار وسط الظروف الراهنة".

أما في المجال التعليمي فقد عملت "بلد" على مشروع تأهيل سبعة أقبية لتصبح مدارس آمنة لتعليم الأطفال واليافعين في حلب وريفها، وذلك بتأمينها بشكل كامل من رواتب للمدرسين ونفقات الوقود للمحروقات، الإنارة والتدفئة.

وحول هذا الموضوع يقول "أيهم" 12 عاما: "لأول مرة نشعر بالأمان ونحن نتعلم، كون هذه المدارس عبارة عن ملاجئ، فيما تعرضت معظم المدارس للقصف والدمار من قبل الطيران الحربي".

منظمة "بلد" السورية .. مشاريع تنموية ونشر ثقافة العمل التطوعي بين الشباب

عمل "بلد" مع النازحين على معبر باب السلامة

وفي ظل الهجمة الشرسة لروسيا ونظام الأسد على حلب وريفها الشمالي، لاح شبح الحصار للمدينة ونزح أكثر من 50000 مواطن إلى معبر السلامة. وهنا كان لـ "بلد" تواجد أيضا، يقول "فادي" رئيس مجلس الإدارة: "لدينا فريق يعمل في ريف حلب الغربي، حيث أجرى مسح لمعرفة عدد العائلات النازحة إلى هناك خوفا من حصار حلب، وتبين أن عدد العائلات النازحة إلى دارة عزة حوالي 1500 عائلة بالإضافة إلى 1000 عائلة أخرى إلى القرى المجاورة"، ويؤكد "فادي" بأنهم قدموا لهذه العائلات العديد من المستلزمات كالخبز والسلل الغذائية والصحية والأدوات المطبخية والبطانيات والأغطية وكل ما يلزم للتخفيف من ألم ومعاناة النزوح.

وينوه إلى أنهم قاموا مؤخرا بنقل كميات كبيرة من القمح والطحين من مستودعاتهم المتفرقة إلى قلب مدينة حلب، وذلك لتقديمها للأهالي في حال تم حصار المدينة. كما ويشير إلى أن مشاريعهم لم تقتصر على حلب وإنما شملت كلا من ريفي اللاذقية وإدلب، حيث أطلقت المنظمة مشروع "دفيني 1و2" والذي استهدف 500 عائلة من مخيمات ريف اللاذقية وأكثر من 1500 عائلة في مخيمات ريف إدلب، وهي عبارة عن توزيع ألبسة شتوية على النازحين.

هنالك تعاون جيد بين كل من منظمة "بلد" وبين المجالس المحلية والجمعيات والمنظمات في المناطق المختلفة وذلك للوصول إلى معظم المتضررين.

مشكلات وصعوبات

أما عن أهم المشكلات التي تواجه المنظمة فيقول "فادي": "في البداية كانت هنالك صعوبات لوجستية خدمية نتيجة تضييق النظام على حركاتنا، وهذا أدى إلى إشكالات وفقدنا العديد من الشهداء ممن كانوا مؤسسين للمنظمة بفعل قصف النظام لمنشآتنا، ومنهم الشهيد أمين عبد اللطيف ويمان اللبني وآخرون، هذا بالإضافة إلى صعوبات قطع الطرق وعدم وصول إمدادات سريعة، وأيضا كان عدم توافق الدراسات للواقع إحدى الصعوبات لكون عدد النازحين في تزايد يومي ومستمر".

ويختتم حديثه بالقول: "رغم الصعوبات والعوائق أرى "بلد" متميزة بكوادرها وطاقاتها وشبابها، متجددة بمشاريعها،  أراها حجر أساس في سوريا المستقبلية والحرة بإذن الله".

منظمة "بلد" السورية .. مشاريع تنموية ونشر ثقافة العمل التطوعي بين الشباب