أخبار الآن | الريحانية – تركيا (وضحى عثمان)
أسهمت المرأة في سوريا قبيل اندلاع الثورة بشكل لافت في تطوير المجتمع، وبالرغم من المحسوبيات في عهد النظام، فقد شغلت مناصب عدة وكانت عنصرا رئيسيا في المجتمع لسوري،, والحال ينطبق أيضا بعد اندلاع الثورة حيث كانت النساء تشارك بالمظاهرات والفعاليات المتنوعة.
ومع طول أمد الحرب، بدأت المرأة السورية تعيش معاناة متعددة الجوانب، بدءا بظروف النزوح ومشاعر الخوف من العمليات العسكرية، مروراً بانشغال الرجال بالقتال أو اعتقالهم واستشهادهم.
هذه الظروف دفعت المرأة لتبحث عن أسلوب تعايش جديد، يضمن لها عيشاً كريماً، فراحت تستنبط أفكاراً لتؤمن قوت يومها سواء في المناطق المحررة أو في دول الجوار.
ففي مدينة "الريحانية" التركية، تقوم أم بجمع المخلفات المرمية في الشوراع بعد أن تركت عملها كعاملة نظافة في أحد المشافي هناك لأن الدخل لم يكن يكفيها، فزوجها معتقل منذ أربع سنوات ولديها خمسة أطفال بحاجة للطعام واللباس وغيره.
تخرج "فاطمة" في كل يوم لتجمع ما هو مرمي على أرصفة الطرقات من مخلفات بلاستيكية لتجمعها وتنظفها وتبيعها لاحقاً لتجار الخردة، وقد تمكنت "فاطمة" بذلك من تأمين عيش كريم كاف لها ولأفراد عائلتها الخمسة، لتعطي مثالا عن عفة النساء السوريات اللاتي يكافحن أحلكَ الظروف لتأمين ستر لهن ولعائلاتهن.
تقول فاطمة لأخبار الآن: "أنا لا أخجل من عملي، فأن أدخل السرور لقلب طفلي عندما أعود من العمل من خلال شرائي للألعاب أو الحلويات، فذلك شعور لا يوصف. وما أسعى له دائما أن أُدخِلَ إلى منزلي لقمةً حلال فزوجي المعتقل كان يعمل ليلا نهارا ليؤمن لنا الحياة الكريمة من تعبه وكده، وأيضا لأثبت للعالم ما مدى مقاومة ومصارعة المرأة السورية للظروف مهما تعددت أنواع القهر، فسنبقى كريمات شريفات.
فاطمة اليوم تسعى لتطوير عملها من خلال افتتاح مستودع لجمع البلاستيك بكميات كبيرة، وتسعى لجلب نساء سوريات ليعملن معها وتطوير العمل إلى مجال أوسع.
وحول الموضوع قال "أبو محمد" وهو رجل تركي بيته مجاور لفاطمة: "لقد حاول كثيرون استهجان عمل فاطمة، لكن لم يحتملوا المشقة والعناء أو ربما لم يكن لديهم إصرار فاطمة فلديها مبدأ بالحياة، أن تعيش عفيفة كريمة معتمدة على نفسها، ولديها إرادة لا تقهر، حالها كحال الكثير من النساء السوريات هنا أو في باقي مناطق تركيا."
قضينا يوما كاملا نتابع فاطمة وهي تعمل بجد ونشاط مقبلة على الحياة وكأنها تعمل في جمع الأزهار، فقد تترك الحروب الكثير من المآسي ولكنها تخلق أيضا قصص تخلدها الذاكرة كقصة فاطمة، تلك السيدة السورية التي لا تعرف المستحيل تعطي الدروس في الإرادة، لديها الكثير من الأحلام لتحققها كشراء دراجة و ألعاب لأطفالها، وهدفها الأساسي تحسين وضعها المادي من أجل أطفالها ومستقبلهم.