أخبار الآن | درعا- سوريا (أسامة زين الدين)
تصاعدت وتيرة لجوء النظام للحرب النفسية ضد الأهالي والمدنيين، بالتوازي مع اشتداد الحملة الروسية على مواقع الثوار وأماكن تواجدهم، فقد شهد الشهر الماضي إسقاط طائرات النظام لمئات الآلاف من المناشير التي أغرق بها مختلف المحافظات، في مسعى منه لضرب معنويات الأهالي، خاصة بعد الانتكاسات التي منيت بها قوى الثورة في الأشهر الأخيرة في جبهات درعا والساحل وحلب. حيث يزامن النظام بين تقدمه النسبي على الأرض، مدعوما بالطائرات الروسية، وبين إرهاق المدنيين نفسيا بشكل متتابع عبر هذه المناشير.
ورغم بدء سريان الهدنة، إلا أن طائرات النظام أغرقت اليوم مناطق واسعة بمناشير غطت عدة قرى، من بينها "انخل وجاسم وطفس وداعل" وقرى أخرى في ريف درعا الشمالي، كما أفاد ناشطون بإغراق النظام أيضا الغوطة الشرقية بمنشورات تحمل نفس المعنى وإن اختلفت آلية صياغتها.
مناشير النظام بين العصا والجزرة
اتبع النظام سياسة التنويع بين سياسة العصا والجرة في مناشيره خلال الأشهر الماضية، فاستخدم لغة قوية بنبرة وعيد وتحد خاطب فيها فصائل الجيش الحر التي تقاتله خصيصا، وكرر في مجملها أن ساعة الحسم قد اقتربت، وأن أيام الثوار بات معدودة.
كما فاخر في بعضها بقوة سلاحه وعتاده كما حصل في مناشير ريف حمص الشمالي، حيث هدد النظام الأهالي في بعضها باستخدام أربعين نوع من الذخائر، يمكنها أن تصل لأي هدف فوق الأرض أو تحتها. وعمد في بعضها الأخر إلى التعظيم من قوة الجيش وقدرته على سحق الإرهاب ومحوه عن وجه الأرض.
أما في ريف حماة فكانت المناشير تحمل نبرة المنتصر الذي حسم المعركة وتأكد من حسمه لها، فجاءت تحمل عنوان "الساعة الأخيرة" مطالبا فيها الجيش الحر بتسليم سلاحه والعودة قبل فوات الأوان، إذ سيكون ثمن الرفض حياته!.
وحافظ النظام على نفس التكتيك في ريف إدلب، إذ حملت عنوان "ربع الساعة الأخيرة" حيث سعى النظام للإيحاء بأن قواته على وشك الحسم، مستخدما ومكثرا من عبارات الزمن أو الفرص الأخيرة.
ترغيب واستجداء
لم تكن سياسة العصا وحدها هي من استعملها النظام، بل استخدم أيضا لغة مرغّبة تعد من تاب عن حمل السلاح بالعفو الكامل وتسوية وضعه، فجاءت بعض مناشيره تحمل صيغة ترغيب وتحبب للمواطنين تطلب منهم عدم حمل السلاح، وتدعو الشباب للاستعداد للمستقبل المشرق الذي ينتظرهم بعد انتهاء ما سمتها المناشير بـ "الأزمة".
وكررت بعض مناشيره أسطوانة المؤامرة التي يعزف عليها منذ بدء الثورة، وبأن هناك من يغرر بأبناء الوطن ويدفعهم لحمل السلاح، ثم يتخلى عنهم ليلقوا مصيرهم المحتم ويقتل بعضهم بعضا، كما طالبت بعضها الشباب أن يختاروا "الحياة" بدل حمل السلاح ومواجهة الجيش في إشارة أن الجيش منتصر لا محالة.
ومع بروز ظاهرة "العودة لحضن الوطن" كما يسميها النظام، وتهليل النظام إعلاميا لعودة عشرات من أهالي بعض المناطق له وتسوية أوضاعهم، ظهرت منشورات من نوع جديد كما يقول الناشط "أبو محمد مسالمة" من درعا، حيث حملت المناشير إحصائيات تحدد أعداد الذين تداركوا أنفسهم وعادوا لرشدهم، مطالبة غيرهم بالسير على نهجهم في سعي منه للتأثير نفسيا على أهالي درعا، مستغلا الضغط العسكري الذي مكنه من احتلال مناطق استراتيجية كانت بأيدي الثوار ولفترة طويلة كالشيخ مسكين وعتمان.
وبرزت منشورات أخرى عدها النظام كبطاقات مرور آمن لمن يحملها، وتسمح له بالمرور على الحواجز لتسوية وضعه دون أن تتعرض له بأذى.
سخرية المدنيين والناشطين
يتعامل معظم المدنيون في المناطق المحررة، وبخاصة في درعا مع المناشير بنوع من السخرية واللامبالاة، وتصبح مادة دسمة للتندر بين الناشطين وبخاصة عندما تحث على العودة لحضن الوطن، والثقة بالجيش العربي الذي سيطهر البلاد من الإرهابيين ويمحوهم عن وجه الأرض.
"محمد" مقاتل في "لواء توحيد الجنوب" في درعا يقول أنه لم يفكر يوما في قراءة أي منشور، وبأن الأوراق التي تسقط لها استخدام واحد، وهو تسهيل إيقاد مدفأة الحطب في بيته.