أخبار الآن | حمص – سوريا (خليل يونس ويوسف أبو يعقوب)
منذ أن أُعلن عن اتفاق الوعر، سجلت العديد من الاختراقات التي حصلت من قبل النظام أو عناصر محسوبة عليه، كما أن مناورات النظام بقيت مستمرة من أجل القفز على بعض بنود الاتفاق، لاسيما ملف المعتقلين. فقد تواردت أنباء عديدة عن انسحاب محافظ حمص "طلال البرازي" من اتفاق هدنة حي الوعر، بعد العراقيل التي لم تسمح لهم بحل ملف المعتقلين الذي تتهرب منه الأفرع الأمنية.
وتسعى اللجنة الأمنية جاهدة لتقليص العدد الأصلي للمعتقلين وهو 7300 معتقلا، يجب الإفراج عنهم ضمن اتفاقية الهدنة، حيث يصر النظام على الانتقال لمرحلة ما بعد إخراج المعتقلين مخالفا بذلك شروط الاتفاقية التي تضمنت عدم الانتقال لمرحلة جديدة قبل الانتهاء من تنفيذ سابقتها.
النظام يعرقل المفاوضات وأنباء عن خلافات بين مفاوضيه
في مطلع هذا العام، تم الإعلان عن اكتمال المرحلة الأولى من اتفاق الوعر وعن البدء بالمرحلة الثانية التي يعتبر موضوع المعتقلين في سجون النظام، أبرز وأهم ما فيها. لكن اليوم، وبعد مرور شهرين تقريباً، يبدو أن الأمور لا زالت تراوح مكانها.
الناشط "طارق هلال" يقول أن الاجتماع الأخير أقيم في دمشق بحضور وزير المصالحة من حكومة النظام في ظل ضغوط كبيرة حصلت خلال الاجتماع على اللجنة المفاوضة عن حي الوعر لخروج الثوار من الحي وهي تعتبر المرحلة الثالثة من الهدنة، في حين أن بند المعتقلين هو المرحلة الثانية التي لم يتم إلى الآن البدء في تنفيذها، بينما أصرت اللجنة المفاوضة على خروج المعتقلين قبل خروج المجموعات الأمر الذي سبب بعض الخلافات في الاجتماع وسط تهديدات من قبل النظام بإلغاء الهدنة ونقل ملف الوعر من وزارة المصالحة إلى وزارة الدفاع، وهذا يعني عودة الحصار والقصف ومحاولات الاقتحام العسكرية"، وأضاف أن المدنيين طالبوا اللجنة بعدم خروج أي مقاتل من الحي قبل خروج أبنائهم من المعتقلات والسجون.
"أمجد" أحد ناشطي مدينة حمص، يتحدث لأخبار الآن: "من يعطل تقدم المفاوضات هو النظام لاسيما أنه يريد أن يميّع قضية المعتقلين. حاول النظام التلاعب في هذا الموضوع عبر عدة آليات، كالإنكار مثلاً، أو سعيه إلى تخفيض عدد من سيفرج عنهم والآن يضغط إلى الانتقال إلى المرحلة الثالثة دون الانتهاء من ملفات المرحلة الثانية، وهذا انتهاك صريح لأساس الاتفاق الذي نص على عدم تجاوز أية مرحلة إلا بعد إنجاز كل المتطلبات التي قبلها، فما بالك إذا كان أهم ملفات المرحلة الثانية لم تعالج أبداً، أي ملف المعتقلين".
وضمن أجواء المفاوضات، تسربت أنباء عن خلافات أخذت بالبروز ضمن الفريق المفاوض عن النظام. "أبو ليث الحمصي" ناشط من حمص، يخبرنا حول هذا الأمر: "يبدو أنه ثمة خلافات في فريق النظام، بل إن هناك من يؤكد أن محافظ حمص قد انسحب من الفريق. أما سبب الخلاف، فهو الملف الشائك الذي لا يزال أحد العُقد التي لن يمضي الاتفاق إلى الأمام دون حلها، أي ملف المعتقلين. إذ يبدو أن المحافظ يريد بعض الحلحلة في هذا الملف لكي يمضي الاتفاق إلى خواتيمه، لكن اللجنة الأمنية في المدينة تضغط بعكس هذا وتعرقل أي مبادرة لحل هذه العقدة. هناك من يرى أن هذه التدخلات الأمنية هي مقدمة لإجراءات لاحقة ستتخذ بحق المحافظ، إذ من المعروف أن اللواء "جمال سليمان" أصبح هو رئيس اللجنة الأمنية في حمص خلفاً للواء "لؤي معلا" على خلفية مطالبات أهالي حي الزهراء في تغيير وإقالة كلاً من اللجنة الأمنية والمحافظ إثر التفجيرات الأخيرة في الحي. نفّذ النظام الشق المتعلق باللجنة الأمنية، وهناك أخبار أن المحافظ سيلاقي ذات المصير".
أهالي الوعر يجددون العهد
يعتبر أهالي حي الوعر أن بند المعتقلين هو جوهرة الهدنة التي تم إبرامها وبدأ تنفيذها الشهر الماضي، بينما يتوقع البعض أن هذه العراقيل التي يضعها النظام قد تطيح بالهدنة. وطلب النظام من الأهالي الداخلين والخارجين من وإلى الحي، بغرض الزيارة، العودة لبيوتهم خلال مدة أقصاها الساعة الواحدة ظهر الخميس 10 آذار في محاولة منه للضغط على المدنيين لإخضاع الثوار لشروطه.
وفي الأثناء، تنادى ناشطون وأهالي في المناطق المحررة إلى التظاهر يوم الجمعة الماضي، تحت عنوان يحمل دلالة كبيرة: "تجديد العهد"، والذي يشير إلى الالتزام بما ثار لأجله السوريين قبل خمس سنوات من مبادئ وأهداف، وكان أهالي الوعر ممن لبى هذا النداء.
"أبو ناصر" من أهالي الوعر يقول: "اعتقد النظام أنه نال منا عبر حصاره وعبر الموت الذي وزعه علينا خلال هذه السنوات، أو أننا سوف نصمت حتى نحافظ على الهدنة والمفاوضات ولا نعود إلى ما كنا عليه قبلهما. لكن الحقيقة، أن الثورة لا زالت في داخل معظمنا، وأنها أصبحت حياتنا ولا معنى لنا بدونها. نخون أنفسنا وشهداؤنا وكرامتنا إذا تخلينا عنها. ومن هنا، تظاهر الوعر يوم الخميس، وأيضاً في جمعة تجديد العهد تظاهر الناس وهتفوا للحرية والدولة المدنية ولإسقاط النظام وللإفراج عن المعتقلين. كما قام المتظاهرون بتذكير النظام أننا نحن أهالي الوعر ولن نغادرها. أعادت المظاهرات الأمل إلينا، السوريون أقوى من الموت الذي فرض عليهم".
وكان الأهالي داخل الحي قد خرجوا في مظاهرة سلمية يوم الخميس مساء، رددوا فيها شعارات تطالب بإخراج المعتقلين وإسقاط النظام للضغط على اللجنة المفاوضة للتمسك بالشروط والمبادئ وعدم إهمال أي بند من بنود الهدنة.