أخبار الآن | دمشق – سوريا (جابر المر)
عندما ينتقل صانع العمل الفني من صفة قليل الموهبة إلى الإجرام، يصبح الحال ما هو عليه اليوم في دمشق، من خلال عرض فيلم "فانية وتتبدد" لـ "نجدت أنزور" في صالات السينما ضمن مناطق النظام، بدءا من دمشق وليس انتهاء باللاذقية وطرطوس.
من غير الأدلجة يفشل الأسد
اعتاد السوريون على الأدلجة في مدارسهم، وعبر قنوات التلفزيون الرسمية خلال عقود مضت، لا معبود إلا البعث، هكذا يريد النظام أن يزرع برؤوس الأطفال دائما، رغم من فشل زرعته الخبيثة، فالأطفال الذين زرع برؤوسهم ما أراد من عقائد وأفكار بالية أول ما شبوا عن الطوق ثاروا عليه، وأعلنوها ثورة لا يخمدها غضب العالم كله وتخاذله.
أما اليوم فلم يعد النظام يستخدم الطرق القديمة ذاتها، بل طورها لتشمل السينما، عبر إجبار طلاب المدارس الذهاب برحلات تكلف كل طالب 1000 ل.س من أجل حضور فيلم "فانية وتتبدد" من إخراج "نجدت أنزور" والذي يقوم بجولة في مناطق النظام بعد أن تم افتتاحه في سينما الكندي في دمشق وفي دار الأوبرا.
الفيلم الذي أخرجه عراب التشبيح الفني في سوريا، يحاول أن يسلط الضوء على داعش، و”جهاد النكاح والسبايا”، وتظهر فيه امرأة عارية بشكل شبه تام، في مشهد اغتصاب يقوم به أحد عناصر داعش المفترضين بحق امرأة سورية. ويأتي هذا في إطار حملة يشنها النظام على كل ما هو سواه، فليتهم عرضوا مصائب داعش بشكل فني أمام الأطفال، إنما ما يحتويه الفيلم من ابتذال لا يمكن حتى للأطفال أن يصدقوه ويستفيدوا منه.
"قتيبة" أحد طلاب الصف الثامن الذين أجبروا على الذهاب للفيلم في دمشق يجيب على سؤالنا: "بعد أن خرجنا من الفيلم سألنا المدرس عن مدى ما فهمناه من الفيلم، أجبته أن الفيلم سخيف والممثلين مضحكين ولا يشبهون عناصر داعش الذين نراهم في الأخبار كما أن المشاهد المخزية في الفيلم أكثر من المشاهد المفيدة".
من يدفع 1000 ل.س ليحضر ابنه عنف وجنس؟
في ظل الظروف التي يعيشها السوريون اليوم في دمشق، نادرا ما تجد من يستطيع ادخار 1000 ل.س في ظل ارتفاع سعر الدولار إلى مستوى جنوني وما يقابله من ارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية، جعل الحياة أمام الدمشقيين تزيد أعباء فوق أعباء، فلا يستطيع تدبر أموره إلا من يرسل له أقاربه في الخارج مصروفه بالعملة الصعبة، وعلى الرغم من هذا ترى أولياء أمور الطلاب مضطرين أن يدفعوا بالتي هي أحسن، وإلا فمن الممكن أن تستدعيه المدرسة وتقوم باستجوابه حول رفضه إرسال ابنه ليتثقف ضد داعش. أم عمار تخبرنا: "اضطررت لدفع 3000 ل.س من أجل أولادي الثلاثة، لم أجرؤ على عدم إرسالهم، فالنظام لا يخاف الله، ولا أحد يعلم كيف من الممكن أن تفسر المدرسة عدم إرسال أبنائي لحضور الفيلم مع أصدقائهم".
هكذا أصبح الفنان نجدت أنزور، يأخذ من قوت الأسر الدمشقية ليري الأطفال مشاهدا مليئة بالجنس والعنف والابتذال، في حين أن أفلامه لم تعد تغطي تكلفة طاولات القمار التي يصرف أجره عليها بالكامل في الولايات المتحدة على حسب زعم مقربين منه.
بات إسقاط النظام واجبا أخلاقيا اليوم بعد أن بدا أنه يقتل الشباب ويدمر طفولة من يدرسون في مدارسه، ناهبا أهلهم وأخلاقهم، ومطلقا العنان وصالات السينما لشبيحة ظنوا أنهم موهوبين.