أخبار الآن | ريف حماة – سوريا (نجوى بارودي)
مئات العمال وقفوا أمام مبنى اتحاد عمال محافظة حماة والعوز باد على وجوههم، إحدى المآسي التي سببها النظام السوري بوحشيته، عائلات بأكملها نزحت من إدلب والرقة لتستقر في محافظة حماة باعتبارها المحافظة الأقرب إليهم، تركوا ديارهم وأرزاقهم مستنجدين بمن قد يمد لهم يد المساعدة.
ولكن معاناتهم ازدادت عندما وُضع الموظفون منهم تحت تصرف المحافظة ليذهب كل إلى عمله وحسب اختصاصه، ولأن حكومة النظام هي أبعد ما قد تكون عن الكادحين، فقد جعلتهم يعملون لعدة أشهر وأصدرت قرارا فيما بعد بتوقيف صرف الرواتب لأبناء محافظتي الرقة وإدلب ليكون هذا الفعل استغلال بشع .
قرع الأبواب
بعد طول انتظار من قبل العاملين والموظفين، ومع مرور أشهر "تجاوزت سبعة" لم يحصلوا على راتب أو إعانة مادية رغم أنهم في مواقع عملهم في محافظة حماة، فبدؤوا من المحافظ والذي أوعز إليهم أنه "ما في حدا أحسن من حدا" وليس الشاكي بأفضل من المشتكي إليه فهم جميعاً "في الهوا سوا"، توجهوا إلى أمين فرع الحزب والنتيجة واحدة فلا رواتب تصرف لهم أيضاً، لجئوا إلى اتحاد العمال في محافظة حماة للنظر في أمرهم لكن: لا حياة لمن تنادي!.
النظام وعبثية الحياة
التقينا بعضهم وبعضهم الآخر هرول بعيدا خوفا من أي تصريح قد يدلي به، تحدثوا عن معاناتهم وصعوبة حصولهم على لقمة العيش لأطفالهم، "سليمانط من إدلب: "يمضي اليوم واليومين ولا يوجد في منزلي لقمة خبز واحدة، أنا وعائلتي نعيش على الماء" .
يقول "عبد الجبار": "أمضيت الشتاء بأكمله وأنا أرتدي قميصي الصيفي لأنني بعت كل ما أملك من ملابس استطعت إخراجها بصعوبة تحت القصف كي أشتري الخبز فقط لي ولعائلتي، أشهر عديدة وأنا أجلس وراء الآلة في معمل الحديد وكلما طالبت بأجورنا لا نسمع سوى الوعود وحين انقطعنا عن العمل بعثوا لنا بإنذارات بالفصل لنكون بلا خيار ثالث" .
"هادي" يصر على أن: "النظام يحاول إيجاد كل الوسائل المتاحة لقتل شعبه وخصوصاً في المناطق الثائرة، إن لم نمت تحت براميله فهو أصدر قرارات بمنع أجورنا لنموت جوعا"ً.
"سمير" النازح من محافظة الرقة، حاول وبشتى الطرق البحث عن عمل إضافي ولكن كانت الأبواب تغلق في وجهه، فغالبية القطاعات الخاصة التي استمرت في المحافظة هي لمتنفذين في النظام أو من شبيحته، بل ومع رفضهم كانوا يكيلون له ولأصدقائه شتى التهم بسبب انتمائهم لمحافظة ثائرة" .
لم يجنِ هؤلاء العمال بوقوفهم لساعات أمام المبنى أي فائدة تذكر سوى خروج رئيس الاتحاد "والمعروف بتشبيحه في محافظة حماة" والتقاط بعض الصور التذكارية معهم وتوجيه بعض الخطب والكلمات الرنانة التي تعود مسؤولو النظام على ترديدها لأربعين سنة مضت .
"أحمد" والذي بكى كطفل وهو يجلس في وسط الشارع لم أستطع التحدث إليه، يقال أن الموت واحد، ولكنه في سورية له وجهان: قتلا أو جوعاً.