أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة – (زكريا نعساني)
على مر أربعة عقود ألغى النظام السوري بعهدي الأسد الاب والاب ألغى المشهد السياسي في سوريا تماما وصاغ دستورا جعل من حزب العبث الذي يراسه قائد المجتمع والدولة وينضوي تحته مجموعة أحزاب موالية سماها الجبهة الوطنية التقدمية.
ومع بدء الحراك الثوري السوري وانطلاق المظاهرات في كل مكان لم يجد المعارضون السياسيون أي جسم سياسي يجمعهم في مواجهة النظام على مدار أكثر من سبعة أشهرمن الاحتجاجات الشعبية حتى وصلوا في مؤتمر انطاليا الى تصور لتوحيد العمل السياسي فيما بينهم.
حَراكٌ سياسيٌ شهدته سورية بعد أيامٍ من انطلاق الثورةِ السورية سنةَ إحدى عشْرةَ وألفين إلا أنه اقتصر على مئات الأصوات المعارضةِ من ناشطين سياسيين وتياراتٍ كانت تعارضُ النظامَ من الخارج أو تعملُ سرًا في سورية.
ومعَ تشديد القبضةِ الأمنيةِ بعد الاحتجاجات التي عمتِ المدنَ السوريةَ استطاع النظامُ إسكاتَ معارضيهِ في الداخل باعتقالهم أو قتلِهم ، وبقيتِ الأصواتُ الخارجيةُ تطالبُ بالحرية من دول المنفى، إذ أسس المؤتمرُ السوريُّ للتغيير في أنطاليا نواةً لكل الجماعاتِ والتحالفاتِ السياسيةِ فيما بعد ، وقد ضم للمرة الأولى كلَّ أطيافِ المعارضةِ السورية.
ففي الثاني من تشرين الأول نوفمبر سنةَ إحدى عشْرةَ وألفين قرر المعارضون في الخارج الاتحادَ وتشكيلَ كِيانٍ سياسيٍ يضمُ أكثرَ أطيافِها وأطلقوا عليه اسمَ المجلسِ الوطني السوري، الذي استمر في العمل السياسي ممثلاً لمعظم أطيافِ المعارضة.
شارك المجلسُ الوطنيُّ في الحَراك الدَّولي طَوال سنةٍ إلى جانب تمثيلِه السوريين في مؤتمر جنيف الأول الذي دعا إلى عقده المبعوثُ الدَّوليُّ إلى سورية آنذاك كوفي عنان في حزيران يونيو سنةَ اثنتي عشْرةَ وألفين ، لحل الأزمةِ السوريةِ سلميًا.
في نوفمبر، تشرين الثاني من السنة نفسها أُسِّس الائتلافُ الوطنيُّ لقوى الثورة والمعارضة بعد الاتفاقِ على توحيد العملِ السياسي والعسكري والإغاثي في كِيان واحد.
ضم الائتلافُ السوريُّ إلى جانب المجلس الوطني أربعةَ تياراتٍ سياسيةٍ وهيئاتٍ ثوريةً ومجالسَ عشائريةً واقتصاديين وتحالفاتٍ لمكونات عرقيةٍ إلى جانب ممثلين للمجالس المحلية في المناطق المحررةِ والمجالسِ العسكريةِ العاملةِ في الداخل.
حاز الإئتلافُ السوريُّ الجديد على اعتراف مباشرٍ من دول مجلس التعاون الخليجي والدولِ العربية باستثناء الجزائرِ والعراقِ ولبنانَ ممثلاً سياسيًا شرعيًا للشعب السوري.
تلا الاعترافَ العربيَّ هذا اعترافاتٌ دَوليةٌ أبرزُها من فرنسا وبريطانيا والولاياتِ المتحدة، وتمكن الائتلافُ من فتح سفاراتٍ له في عواصمَ عربيةٍ وعالميةٍ منها الدوحةُ وباريس ، لكنه لم يتمكنْ من العمل كسفارةٍ سورية لعدم اعترافِ الأممِ المتحدة بشرعيته.، أصبح الائتلافُ الممثلَ الوحيدَ للشعب السوري وشارك في اجتماعات جامعةِ الدولِ العربية ومجموعةِ الدعم السورية وأصدقاءِ سورية وغيرِها من المحافل الدَّولية.
كما شارك طرفًا رئيسًا في الاجتماع الذي دعا إليه المبعوثُ الدَّوليُّ إلى سورية آنذاك الأخضرُ الإبراهيمي في الثاني والعشرين من يناير كانون الثاني سنة أربعَ عشْرةَ لايجاد حلٍ سياسيٍ في سورية وسُمِّي باسم مؤتمرِ جنيف الثاني.
وفي خلال عملِ الائتلافِ شهدتِ الساحةُ السياسيةُ السورية ظهورَ كثيرٍ من التيارات والأحزابِ السياسية التي تعملُ خارجَ إطارِه ، مثلَ توافقِ المعارضةِ في مؤتمر القاهرة.
كما عمد النظامُ الى خلق أحزاب وتياراتٍ مواليةٍ له من الداخل السوري والخارج وأشركَها في حكوماتِه التي شكلها مثلَ جبهةِ التغيير والتحرير التي يرأسُها قدري جميل لكنها جميعًا لم تحظَ بأيِّ اعترافٍ دَولي.
ومع دخول الثورةِ السورية منعطفًا مفصليًا مهمًا مع دخول التدخل الروسي العسكري المباشرِ في سورية دعا المبعوثُ الدَّوليُّ ستيفان دي ميستورا بعد صدور قرارِ مجلسِ الأمنِ ألفين ومئتين وأربعةٍ وخمسين ، واجتماعِ فيينا سنةَ خمسَ عشْرةَ دعا إلى اجتماع جديدٍ باسم جنيف الثالث، فوحدتِ المعارضةُ السورية صفوفَها مرةً أخرى ، وشكلتْ في العاشرِ من ديسمبر/كانون الأول سنةَ خمسَ عشْرةَ الهيئةَ العليا للتفاوض التي ترأَسَها رياض حجاب رئيسُ الوزراءِ المنشقُ.
سرعانَ ما عادتِ التياراتُ المحسوبة على روسيا والنظامِ إلى الواجهة السياسية مرة أخرى مطالبةً بإشراكها في المفاوضات وبالرَّغم من ضغط روسيا لزج هذه التيارات بين المعارضةِ كطرفٍ ثالثٍ ، لم يفلح هذا الضغط في إنجاز رغبة موسكو حتى الآن.