أخبار الآن | القلمون – سوريا (أبو محمد اليبرودي)
في ظاهرة قل حدوثها على مستوى سوريا، وتعطي مؤشرات إيجابية لتأثير الثورة على المستقبل القريب، تمكن أهالي بلدة "الضمير" من تغيير مجريات الأحداث الدامية في بلدتهم وإيقاف الاقتتال بين الفصائل عن طريق مبادرة شعبية محلية صهرت صوت الأهالي ومطالبهم ضمن مجلس لأهالي البلدة، استطاع أن يكون الصوت الأعلى فيها رغم كثرة حملة السلاح واختلاف توجهاتهم.
فقد نجح مجلس الأهالي المشكّل من أهالي بلدة الضمير فعلا من إيقاف الأحداث الدامية المستمرة في بلدة الضمير منذ ثلاثة أشهر والمندلعة بين جيش الإسلام وكتائب أحمد العبدو من جهة وبين جيش تحرير الشام ورجال الملاحم الذين استعانوا مؤخرا بعناصر لداعش، حيث وصل عدد الضحايا جراء هذا الاقتتال إلى 70 قتيلا من المدنيين ومن المقاتلين بالإضافة لأكثر من 200 جريحا.
انتفاضة للأهالي
يقول الإعلامي "أحمد دياب" منسق لجنة الأهالي أن تحرك الأهالي لوقف هذا الاقتتال جاء كرد فعل على سقوط العديد من المدنيين بسبب الاقتتال داخل البلدة، حيث سارع وجهاء من البلدة إلى جمع جهودهم من خلال اختيار ممثلين من وجهاء البلدة ومن الأشخاص الفاعلين وذوي التأثير والمكانة داخل البلدة، وذلك للضغط على الفصائل المقتتلة لإيقاف الاقتتال والاحتكام لقرارات اللجنة وإيقاف سيل الدماء المنهمر منذ أشهر.
يضيف "أحمد" أن عدد عناصر اللجنة حاليا وصل إلى أكثر من 50 شخصا من ممثلي الأحياء ووجهاء البلدة، بالإضافة لشرعيين ومشايخ من الضمير، وقد كان عددها كبيرا في سبيل محاولة التغلب على التحديات الكبيرة التي واجهتها في مراحل التشكيل وذلك باتهامها بالانحياز لأحد طرفي الصراع في بعض الأحيان، وعدم مصداقية أطراف النزاع بالالتزام بقرارات المجلس واختلاق الادعاءات على الطرف الآخر في أحيان أخرى.
مفاوضات ثم مظاهرات
وعن مسار عمل المجلس، يقول "دياب" أن ممثلي مجلس الأهالي اتجهوا بداية للكلام المباشر مع الفصائل المقتتلة والطلب الرسمي منها بالالتزام بمطالب الشارع، وتم حينها فعلا إقامة بعض الهدن الإلزامية القصيرة بين الطرفين في أوقات خروج طلاب المدارس أو صلاة الجمعة والقيام بجلسات شرعية للقضاء بين الطرفين.
أما عندما تكرر عدم استجابة بعض الأطراف لمطالب المجلس فقد قام المجلس بالطلب من أهالي الضمير النزول للشارع في مظاهرات حاشدة لفرض مطالبهم على الفصائل المقتتلة، وهذا ما حصل فعلا، فقد خرجت عدة مظاهرات حاشدة بالآلاف لأهالي الضمير استطاعت إزالة السواتر الترابية من شوارع البلدة وإزالة الدشم والشوادر الحاجبة للقناصات وذلك بعد إنزال كل القناصين من أسطح المنازل، الأمر الذي أدى لإعادة الحياة للمدينة بشكل ممتاز جدا مقارنة عما كانت عليه أثناء الاقتتال.
وختم "أحمد" أن ممثلي مجلس الأهالي لم يقتصر عملهم في المرحلة الحالية على وقف الاقتتال، بل كان لهؤلاء الأشخاص دورا سابقا كبيرا في إنجاح ثلاث صفقات تبادل للأسرى مع النظام السوري، وقد قاموا بتلك الصفقات بشكل ناجح أعطى انطباعا ايجابيا عنهم في البلدة.
وقد أوردت "شبكة الضمير مباشر" الواجهة الإعلامية الرسمية باسم مجلس الأهالي عدة بيانات رسمية للمجلس تتضمن قرارات صادرة عن المجلس ومطالب من الأهالي موجهة للفصائل مع نشر عدة بيانات رسمية من قبل جيش الإسلام وتجمع العبدو في الانصياع لمطالب المجلس والأهالي.
وقد أوردت الشبكة أيضا أن عناصر المجلس لم يكونوا بمأمن أثناء عملهم، فقد تعرض "أبو مهند سكاف" العضو الفاعل في اللجنة، لعملية اغتيال عن طريق عبوة ناسفة زرعت في سيارته كادت أن تودي بحياته لولا اكتشافها قبل ركوب السيارة، وتأتي هذه الحادثة ضمن عدة رسائل تهديد تأتي من مجهولين لا يرغبون بعودة الاستقرار للمدينة المشتعلة منذ عدة أشهر.