أخبار الآن | حماة – سوريا (نجوى بارودي)
اللافت للنظر في مؤتمرات اتحاد حماة للنقابات العمالية والتي تضم حوالي 20 ألف عامل، حضور الجميع باستثناء العمال، وإن وجدوا رغما عن مسؤولي الاتحاد يجري تكميم أفواههم بشتى الطرق تصل لحد التهديد بالفصل التعسفي. قادة نقابيون هزيلون اشتروا مناصبهم بآلاف الدورات ليسرقوها فيما بعد من جيوب الكادحين.
يؤرق العمال هاجس التسريح التعسفي والدراسات الأمنية والاعتقالات على الحواجز دون مبررات، وبحسب تقارير فإن هناك حالات صرف من الخدمة تمت من دون أي تحقيق مع المصروفين، بل لا يعرفون الأسباب التي تم صرفهم بموجبها، وبعضهم لم يأخذ مستحقاته القانونية.
والجدير بالذكر أن مديرة القوى العاملة في وزارة العمل في حكومة نظام بشار الأسد "رزان العمري" قالت: "إن إجمالي عدد العاملين المستقيلين بين 2011 و2014، وصل إلى 84904 عامل في سورية"، في محافظة حماة وحدها بحدود العشرين ألف عامل .
"عشرات من رجال الأمن المدججين بالسلاح، فتاة شقراء مترفة برفقة رجل عريض المنكبين يدخلون إلى قاعة الاجتماعات المليئة بالعمال مهترئي الثياب، رسم الفقر على وجوههم ما رسم"، إنها ليست لقطة من أفلام جيمس بوند بل مؤتمرا لاتحاد عمال حماة والذي يجري فيه تقييم كامل لكل ما جرى على أرض الواقع من أنشطة للمعامل والإدارات .
إدارات مهترئة وخائفة
يبدو على الإدارات خوفها وجبنها الواضح من استعراضها لما تم وأنجز، لأن الحقيقة تقول أنه لم يتم عمل أي إنجاز قد يخدم الفئة المعدمة من الشعب، وجميعهم علّق فشله على شماعة سنوات الحرب التي تدور في سورية، فمديرية الكهرباء دون كهرباء ونقابة النفط المسؤولة عن العديد من الشركات المتوقفة، بسبب القصف الهمجي للنظام السوري، تطالب برفع سعر البنزين تحت حجة أنه مادة للرفاهية، نقابة الغزل والنسيج لا تجد أي مبرر للعمال الذين وقفوا وبعلو صوتهم يطالبون برواتبهم التي لم يقبضوها منذ خمسة أشهر .ونقابة الدولة والبلديات تستعرض وبفرح شديد المحاكم التي عقدت ضد أي عامل يعزف عن الذهاب إلى عمله "علماً أنه لا يتقاضى أي أجر" متناسين الأسباب وراء ذلك، وتستعرض أيضاً أسماء العمال الذين سرحوا من عملهم لتغيبهم 15 يوماً مع العلم والجميع يدرك أن أغلبهم قيد التحقيق لأسباب غير معروفة .
العمال على طرقات التسول
يرفض رئيس الاتحاد في محافظة حماة "والمسؤول عن ستين ألف عامل يعانون الأمرين من القمع والقهر وسوء المعيشة وانعدام الدخل"؛ أي طرح بل وتهكم وقهقهات علنية أمام أحد العمال حين اشتكى جوعه ومرضه ومنزله المهدم تحت القصف .
في وقفة مع البعض بعيداً عن أعين الأمن والشبيحة الذين ملأوا المكان تحدثوا:
يقول "علي. س" منذ حوالي الستة أشهر لم أقبض راتبي، اضطرتني الظروف إلى البيع في "عربة فول"، طرقت جميع الأبواب ولكن الإهانة هي ما نالني، أرغب بالرحيل عن هذا البلد الذي لم نعد نملكه أو يملكنا بل يتحكم به عصابات حقيقية تسرق الأخضر واليابس ولكن ليس بيدي حيلة".
"سعاد" لها معاناة أخرى، تقول: "جئت اليوم آملة أن أستغل وجود هؤلاء والذين يطلق عليهم بالاسم فقط مسؤولين عن العمال كي أعرف أين زوجي والذي اعتقلته قوات الأمن وهو خلف آلته في معمل النسيج، وطبعا بعدها بفترة قصيرة تم فصله تعسفياً دون أن نأخذ أي تعويض، ونحن الآن بلا معيل وفقدنا الأمل بعودته، طبعاً لم يسمحوا لي بالاقتراب من المعنيين والتحدث إليهم بل تم تهديدي بالاعتقال أيضاً".
"محمد. ص": "كيف سنشكو معاناتنا وفقرنا لرجل مسؤول عن أفقر طبقة في سورية وهو يركب سيارات بمليارات الدولارات، كيف سنشكو وهو يصرخ في وجهنا كرجل أمن أو ضابط في الشرطة والرجال المدججين بالسلاح يحيطونه من كل حدب وصوب، نحن في بلد تحكمه مافيات حقيقية لا تشعر بما يحصل على أرض الواقع من قتل وفقر وتشريد" .
مؤتمر كرنفالي تخلله توزيع الهدايا لموالين النظام من العمال، أخذ ثمنها من جيوب من لا حول لهم ولا قوة، والذين يلهثون رغم كل المخاوف وراء كسرة الخبز، سرقات بالمليارات تصب في جيوب القيادات العمالية لتجعل مئات المعامل دون آلات وآلاف الأسر دون معيل.