أخبار الآن | مخيمات القلمون – سوريا (أبو محمد اليبرودي)

بالرغم من الجهد المضاعف الذي تبذله المرأة القلمونية مع عائلتها في خيام النزوح، إلا أن ذلك لم يكن عائقا أمام استمرار عطائها للثورة والعمل لصالح النازحين لتكون بذلك شريكة حقيقية للرجل في الثورة وتحمل مشقة النزوح أيضا.

لم تختلف الثورة في القلمون عن باقي المناطق السورية في بروز دور المرأة من خلال التظاهر والعمل في المجال الطبي والإغاثي وتقديم الدعم النفسي للأطفال المتضررين من الحروب، إلا أنها امتازت في استمرار هذا الدور في مراحل نزوح الأهالي إلى مخيمات عرسال من خلال التوفيق بين مهامها الأسرية والعمل التطوعي لأجل نازحي القلمون المخيمات والمساهمة في كسب قوت العيش بجانب الرجال.

تضحية ومعاناة

تقول السيدة "عائشة أم خالد" أن نزوحهم الأخير جعل مسؤولياتهم العائلية مضاعفة، والقيام بها يحتاج لجهد كبير مقارنة مع حياتهم السابقة، فتربية أطفالها الثلاثة لم يعد ذاك الأمر السهل في خيمة لا تتوافر فيها أبسط مقومات الحياة وخصوصا في ظل الاحتياج المادي الكبير لتأمين أبسط متطلبات الحياة.

وتضيف أنها لم تستسلم للظرف القاسي الذي تعيشه، بل باتت تبذل جهدا مضاعفا في تربية أطفالها وتفرغ قسما من وقتها للقيام ببعض الأعمال الصوفية والنسيجية، والتي استطاعت من خلالها تأمين مصدر دخل بسيط بالإضافة لتوزيعها قسما من منتجاتها على فقراء المخيم الذي تقطنه في سعي منها لعدم الانقطاع عن الثورة التي لطالما عملت لأجلها.

استمرار في العطاء

وفي سياق متصل قالت "أم عمر" اليبرودية "مؤسسة جمعية نساء يبرود"، أن حالة أم خالد لم تكن هي الأولى، بل إن تكرر مبادرة نسوة المخيمات للعمل والبحث عن مجال للعمل أو لتقديم خدمة للنازحين دفعهنّ لتشكيل الجمعية؛ التي كان هدفها توحيد جهودهنّ وفتح أبواب أخرى لخدمة الثورة من خلال النازحين بالإضافة للمساهمة بتأمين فرص عمل للنسوة وهن ضمن المخيمات.

وتضيف أم عمر، أنهن قمن من خلال الجمعية بعدة معارض بين مخيمات عرسال هدفت للترويج للمنتجات التي تصنّعها النسوة وتأمين مكسب مادي لهنّ من خلالها، بالإضافة لإقامة عدة ندوات توعية لنساء المخيمات المستهدفة عن ضرورة استمرار عطاء المرأة بالرغم من صعوبة الظروف، وأن دورها في مساعدة الرجل بحمل أعباء العائلة هو من مقومات استمرار الثورة الأساسية.

وفي نفس السياق، يقول "د. منذر بركات" أمين الهيئة الثورية ليبرود، أن مبادرة نساء القلمون للعطاء بكل الظروف ليس غريبا عن جو القلمون الطبيعي، فالمعروف عن نساء القلمون قبل الثورة إقبالهنّ الشديد على نيل الشهادات الجامعية والعمل بمجالات عديدة أبرزها التعليم والمجال الطبي، حيث بلغت نسبة الجامعيات في يبرود قبل الثورة ما يزيد عن 75 % من نساء المدينة.

استمرار للتعليم

أما عن تجربة المدرّسة "ابتسام خلوف" في المجال التعليمي، فإنها تقول أنها لم تتأخر مع مجموعة من المعلمات عقب النزوح لعرسال في العودة لمزاولة العمل في التدريس لأطفال المخيمات، حيث زاولن في البداية عملهنّ بشكل تطوعي دون أجر إيمانا منهن بضرورة عدم انقطاع الأطفال في فترة النزوح عن التدريس، إلى أن تم افتتاح عدة مدارس نظامية تكفّلت بتقديم رواتب لهنّ مما شكل حافزا آخر على الاستمرار.

وتؤكد "خلوف" أن عدم حصول بعض المدرسات على عمل مأجور في مدارس عرسال لم يثنيهنّ عن استكمال العمل التطوعي لأجل أطفال المخيمات، فقد استمر العمل على دورات الدعم النفسي للنازحين الجدد في عدة مخيمات، ويأتي ذلك إيمانا منهنّ بأن عدم مقدرة المرأة على حمل السلاح لا يعني عدم مبادرتها للعمل لصالح الثورة في المجالات الاجتماعية والإنسانية في ظل انشغال الرجال في الأعمال الثورية المسلحة.