أخبار الآن | دمشق – سوريا (جابر المر)
بلغ الجنون أقصاه في العاصمة السورية دمشق، حيث أن ضعف موارد الحياة فيها، وتحمل الناس لشتى الصعاب، لم يمنع النظام من التظاهر الدائم بأن ما يجري في العاصمة دمشق طبيعي وكأن لا شيء يحدث، فعيد الأم هو للاحتفال بالجرحى الذين خطفوا أرواح شباب سوريا تاركين أمهاتها يبكين عيدهن حرقة، والنيروز الذي أمضى أكراد دمشق أعوامهم يقيمونه سرا، ويخسرون شبانهم على أيدي قوى الأمن كي يحتفلوا فيه، بات يقدم في أحد أهم منصات النظام الفنية والثقافية، دار الأسد للثقافة والفنون أو ما يعرف بدار الأوبرا.
كبير القتلة يستقبل المجرمين الصغار وأمهاتهم
بمناسبة عيد الأم ومرور عام على برنامج "جريح الوطن" الذي تقيمه مؤسسات الأسد لتمكين جرحى الشبيحة والجيش من العودة للمجتمع، بعد أن خسروا ما خسروه من أجسادهم دفاعا عنه وعن كرسيه، استقبل الأسد وزوجته عددا من الجرحى، وتداول النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو مدته 15 دقيقة يدمج ما بين استقبال الأسد للجرحى وأمهاتهم، وما بين تسجيلات يثبت فيها الجرحى ولائهم الدائم للأسد ويتحدثون عن إصاباتهم بطريقة درامية مصحوبة بالموسيقى والدموع، إضافة للكلمة التي ألقاها على مسامعهم والتي كانت عبارة عن سفسطة لا منطق بها ولا معنى.
وكان أبرز ما قاله الأسد بهذه المناسبة: "الشيء الوحيد الذي يعادل التضحيات التي قدمتموها سواء بالروح أو بالصحة أو بالجسد هي فقط سلامة الوطن. وعندما يعود الوطن سليما أعتقد أن كل واحد فيكم سيقول أحس أن يدي عادت كما كانت ورجلي وعيني وصحتي وإذا كنت قد فقدت شيئاً منها فأنا اليوم قد عدت سليماً. وأعتقد هو نفس الشيء بالنسبة لكل عائلة شهيد التي ستشعر إذا عاد الوطن آمناً كما لو أن ابنها عاد لها من جديد"، هذا الكلام الذي لا يغني ولا يسمن من جوع ما جاء إلا من عجز الأسد عن تقديم الرعاية لجرحاه والدعم المنتظر منه، فهو اليوم خائبا ضعيفا متروكا من حلفائه.
النيروز في دار الأسد
لا يذكر الأكراد الدمشقيون من نظام الأسد قبل اندلاع الثورة إلا حملات الاعتقال التي كانت تشنها قوى الأمن على الأكراد فيما لو فكروا بالاحتفال بعيد النيروز، ولا ينسى أبناء "ركن الدين" في العاصمة كيف كان يتم قمعهم وتهميش هويتهم الثقافية، وها هي اليوم وزارة الثقافة تقيم احتفال النيروز بأكبر معاقل النظام الثقافية "دار الأسد للثقافة والفنون" التي تم تهجير أهلها من فاعلين في المجالات الثقافية لتسيطر عليها عصبة وزارة الثقافة المدارة من قبل كل أفرع الأمن في سوريا، وبالتحديد فرع الأمن السياسي.
المضحك في الموضوع أن احتفال النيروز أكثر ما يعطيه طابعه الخاص هو أنه يقام مع بدء الربيع، شهر الخصب والشباب، حيث أن الشباب هم متن هذا الاحتفال، إلا أن احتفال دار الأوبرا لم يحضره إلا كبار السن ممن بايعوا الأسد على الطاعة المطلقة، فلا مكان للشباب في دار الأوبرا التي يقف حاجز النظام على بابها ويقوم بتفتيش هويات الجميع، والشباب بالضرورة مطلوبين لخدمة العلم أو لدفع مبالغ طائلة لعناصر الحاجز ليتغاضوا عن الموضوع، هذا ما بات يمنع الشباب الدمشقي من القيام بأي فعل من شأنه الاقتراب من دار الأوبرا.
21 آذار، حيث تبكي المكلومات في عيدهن؛ أولاد في المعتقلات أو شهداء أو مغيبين قسرا، يبالغ الأسد بفجوره وجنونه وكأنه ملك أو إله، وكأن السوريين أصناما.