أخبار الآن | الريحانية – تركيا (وضحى عثمان)
في كل منطقة يسكنها السوريون في تركيا، إعلانات جدارية لرياض الأطفال، وفي بعض الأحيان لا يفصل بين الإعلان والآخر سوى عشرات الأمتار، ولعل أبرز ما دفع السوريين لإنشاء روضات مختصة بالأطفال السوريين هو تنمية الأطفال على الطريقة السورية بالإقتران مع بعض المحاسن التي تلائم السوريين في تركيا.
ودائماً ما تكون هنالك تهجمات من قبل بعض الانتهازيين، فبدأت موجة تشويه لمالكي تلك الروضات بأنهم يستغلون ظروف النازحين، إلا أن الواقع غير ذلك.
التقينا بمدير "روضة الزهور" في مدينة "الريحانية" جنوب تركيا، وأوضح لنا أهم الأسباب التي جعلته يُنشئ هذه الروضة، وقد تتشابه أسبابه مع إقدام كثيرين على تلك الخطوة، فبالدرجة الأولى أوجدت شاغراً أمام حملة الشهادات للعمل، وبالدرجة الثانية وفرت دخلاً للسوريين وكفتّهم عن الحاجة.
وقد جاءت فكرة إنشاء الروضة لديه من كون زوجته تعمل مدرسة في إحدى المدارس، وكان يقضي وقته في رعاية أطفاله ريثما ينتهي دوام الزوجة، ففكر بحال من لديهم أطفال، ومن هنا جاءت الفكرة.
يقول مدير روضة الزهور: "بدأت بإمكانيات أكثر من بسيطة، كنت أنقل الطلاب بسيارتي الصغيرة وأقوم بجميع المهام، وكان الدخل لا يكفي لتغطية المصاريف. عملت معي معلمتين برواتب زهيدة جدا، ثم جاء راتب الـBTT فأصبحنا ندفع إيجار البناء من رواتبنا ويبقى لنا جزء من الراتب يساعدنا على أعباء الحياة، وبذلك أصبحت الروضة مصدر رزق لي وللمدرسات في الروضة، وأحمد الله على هذا الدخل رغم قلته، إلا انه يساعدنا في دفع إيجار منزلنا".
وحققت رياض الأطفال في تركيا نجاحات كثيرة، حيث أمنت جوا من الفائدة للأطفال وهذا ما دفعها للانتشار في أماكن كثيرة، وحثَّت ذوي الأطفال على المبادرة لتسجيل أطفالهم فيها، لكي يتعلموا أساليب التأقلم وهم في سنين عمرهم الأولى، وقد أسهم إنشاء هذه الرياض في إنعاش حياة بعض السوريين العاطلين عن العمل سابقاً.
"أم جمال" مديرة روضة "شمس الحرية" هي زوجة لشهيد، لديها أطفال بحاجتها وبحاجة دخل يساعدهم على العيش، ولا يمكنها العمل وتركهم في المنزل، وقد عانت الكثير قبل أن يخطر ببالها افتتاح الروضة بإمكانيات قليلة جدا، فحولت منزلها الذي تسكنه إلى روضة صغيرة تستقبل فيها أطفال العائلات التي لديها وظائف، ولم تتلق الدعم من أحد، واليوم يعمل معها فريق من المدرسات ذوات الخبرة في هذا المجال، فالكل كان يعمل بشكل تطوعي، وبعدها جاء راتب الكفالة من الـ BTT الذي سوف يحل جزء من مشاكل المدرسات و"أم جمال" المادية.
قصص كثيرة عن تلك الرياض، أصحابها ناضلوا وصبروا من أجل الاعتناء بالأطفال السوريين وإنمائهم بشكل صحيح، بالإضافة للحصول على راتب يكفيهم الحاجة، وهي اليوم مجال لعمل كثير من السوريين من أصحاب الشهادات الذين أصبحوا عاطلين عن العمل في بلاد النزوح.