أخبار الآن | إسطنبول – تركيا (جابر المر)
في استكمال للاتفاق الذي تم توقيعه بين تركيا ودول الاتحاد الأوربي، والقاضي بإعادة اللاجئين من الجزر اليونانية إلى تركيا مقابل 6000 يورو تقدم للحكومة التركية؛ تستمر التحضيرات لاستقبال اللاجئين الذين سيصل عددهم لنحو 72 ألف مهاجر غير شرعي، فقد بدأت اللجان المختصة في إدارة الهجرة التركية بالإعداد لتحديد مكان استقبالهم، والاختيار وقع على منطقة "ديليك" في ولاية أزمير.
التحضيرات التركية
ذكرت وسائل إعلام تركية وتحديدا صحيفة "خبر تورك" بأن إدارة الهجرة ستفتتح مركزاً لإعادة القبول الخاص باللاجئين العائدين من الجزر اليونانية، وسيتم تخصيص ميناء ديليك لهذا الأمر، فيما عاينت لجنة من إدارة الهجرة ثلاثة مراكز في منطقة ديليك من أجل إقامة مركز قبول المُعادين، واعتمدت اللجنة على أرض فارغة تبلغ مساحتها 20 دونما، حيث ستتم عملية البناء خلال الأيام القادمة.
وأضافت الصحيفة بأن الـ 72 ألف مُعاد من اللاجئين سيُوضعون في مخيمات في جزيرة ميدليي اليونانية قبل أن يُنقلوا إلى منطقة ديليك اعتباراً من الرابع من نيسان المقبل. وذكرت مصادر من إدراة الهجرة إلى أن اللاجئين المُعادين إلى تركيا سيتم تقديم لهم الهويات الخاصة وأخذ بصماتهم خلال 24 ساعة من وصولهم ومن ثم تحولهم السلطات التركية إلى مخيمات آخرى، أو إن أردوا الخروج و الذهاب إلى أقربائهم في تركيا.
الأمل الخائب والواقع الجديد
بعد المعاناة التي تحمّلها اللاجئون في بحر إيجة، عبر زج أرواحهم وأرواح أطفالهم في البحر عن طريق شبكات تهريب ومافيات لا ترحم ولا يهمها من يصل ومن يبتلعه الموج، تأتي العودة إلى تركيا مخيبة للآمال ودافعة لأقصى درجات اليأس بالنسبة للمعادين، فمن قطع طول البلاد في سوريا، وعرضها في تركيا، وتحمل كل أنواع المخاطرة، عدا عن التكاليف والأعباء المادية ليصل إلى الجزر اليونانية، لم يكن بحسبانه ولو للحظة واحدة أن كل هذا سيذهب هباء أمام خيار كان مطروحا من الأساس وهو التواجد بتركيا من قبل أن تغلق حدودها مع سوريا أصلا، ومحاولة الحياة فيها مهما بلغت الصعاب، فالحياة في المدن التركية على الرغم من تكاليفها إلا أنها تبقى بالنسبة للكثيرين خيارا أفضل من العيش ضمن مخيمات تقيمها الحكومة التركية وتحتاج لسنوات لتكون صالحة للحياة، هذا إن حسنت.
"أبو غالب المحمد" أحد العالقين على الجزر اليونانية يقول: "ستتم إعادتنا إلى تركيا، وتحديدا إلى مخيمات أزمير الجديدة كما سمعنا، تلك المدينة التي لم نعرف كيف غادرنا منها إلى اليونان، ولا نريد أن نتذكر، لكن الوضع في اليونان أصبح بائسا ومحبط جدا، ويبدو ألا خيار أمامنا سوى أن نعود ومن ثم يخلق الله ما لا نعلم وما لا تعملون".
خيم جديدة والقديمة على حالها
لدى تركيا العديد من المخيمات التي تأوي اللاجئين السوريين على طول حدودها الجنوبية مع سوريا، لا يخفى على أحد الحالة المزرية التي يعيشها اللاجئون هناك، والمسؤول المباشر عن هذه الحالة، حسب الحكومة التركية، تقصير العالم بدعم الحكومة التركية للقيام بأعباء المخيمات وتحسين أوضاعها، لذلك كان من المنتظر من الحكومة التركية تحسين أوضاع المخيمات القديمة بعد موافقة الاتحاد الأوروبي على مطالب تركيا المالية التي ستذهب فورا للاجئين، لكن الواضح من القرار التركي الجديد أن الحكومة التركية ستبني مخيمات جديدة للعائدين في الولاية الغربية أزمير الواقعة على بحر إيجة والتي تعتبر واحدة من أبعد الولايات عن الحدود السورية.
لن يكون وضع المخيمات الجديدة أحسن من القديمة، ولن يتحسن وضع اللاجئين إن وضع المبلغ الذي سيقدمه الاتحاد الأوروبي لتركيا في هذا الإطار، "مراد علي جان" ناشط تركي يقول لأخبار الآن: "إن صرف الحكومة التركية لبناء أي مخيم جديد سيزيد الطين بلة، لأن المبلغ المقدم من الاتحاد الأوروبي لن يكفي ساعتها لمساعدة اللاجئين المحتاجين لمساعدة أصلا، وإن لم تبن الحكومة التركية المخيمات سيكون الأمر سيئا كذلك فأين سيذهب اللاجئين المعادين من اليونان؟".
تتفاقم مأساة اللاجئين يوما إثر يوم وبدلا من حل المشكلة الجذرية التي يعلم الجميع أنها تكمن بوجود بشار الأسد على رأس النظام السوري، يسعى الاتحاد الأوروبي ومن خلفه العالم كله إلى علاج مأساة بهذا الحجم بإبر المسكن لا بالعلاج الفعال، فعندما يوضع حل للأسد وهجومه على الشعب السوري لن يخرج أحد من سوريا، بل على العكس سيعود معظم من خرجوا إلى بيوتهم وتبدأ المأساة بالانحسار.