أخبار الآن | حمص – سوريا (رواد حيدر)
عمل نظام الأسد منذ مطلع العام 2013 على مشاريع "المصالحة الوطنية" في المناطق الخارجة عن سيطرته، أي بما معناه "العودة لحضن الوطن"، لكن أغلبها باء بالفشل، فاستبدلها ولمعها وأطلق عليها اسم "الهدن"، ليقوم بطرحها من جديد مركزاً على المناطق التي فشل في اقتحامها؛ حيث كان يقدم في كل مرة عروضاً مدروسة، واضعاً ملف المعتقلين ضمن أولويات الاتفاق، ليتنصل منه بعد ذلك.
وهذا ما حصل في حي الوعر "آخر الأحياء الخارجة عن سيطرة النظام في مدينة حمص" حيث حاصر النظام أهالي الحي لمدة تجاوزت السنتين، من ثم عرض عليهم هدنة لإخراجهم مما هم فيه ضمن ثلاثة بنود كان ثانيها وأهمها الكشف عن مصير المعتقلين من أبناء الحي، وإطلاق سراح المحتجزين داخل الأفرع الأمنية، وهو ما لم يحدث.
خرق "الهدنتين" وسقوط شهداء وجرحى
عند الساعة العاشرة من مساء يوم أمس، أطلقت قوات النظام المتمركزة في الكلية الحربية صاروخ أرض-أرض استهدف أحد الأبنية السكنية في حي الوعر، ما أسفر عن مقتل 3 مدنيين "بينهم امرأة مسنة" وإصابة 13 آخرين معظمهم بحالة خطرة.
مركز حمص الإعلامي نشر عبر موقعه على الإنترنت أن الإصابات بحالة سيئة للغاية، خاصة أن المشافي الميدانية تعاني انقطاعاً تاماً للتيار الكهربائي ونقصا في المحروقات والمواد الطبية، تلك التي عجزت الأمم المتحدة عن إدخالها إلى الحي طيلة الفترة السابقة.
من جانبه ذكر الناشط الإعلامي "جلال التلاوي" أن: "النظام خرق هدنتين في هذا القصف، هدنة الوعر، والهدنة المُتفق عليها دولياً بين الطرفين الأمريكي والروسي"، مشيراً إلى أن حالة من الهلع تغلغلت بين صفوف المدنيين خوفاً من تكرار القصف والعودة إلى ما قبل تاريخ 4-12-2015، تاريخ الهدنة المزعمة.
وفي سؤال حول ما إذا كان القصف قد صدر عن الميليشيات المساندة للنظام والرافضة للاتفاق، قال التلاوي: "لجنة التفاوض في الحي قالت إن القصف جاء بأمر مباشر من رئيس اللجنة الأمنية في حمص اللواء جمال سليمان، والكلية الحربية التي أُطلق منها الصاروخ، يسيطر النظام عليها بشكل كامل"، مضيفاً: الميليشيات المساندة للنظام عندما تريد قصف الحي تقوم بذلك من قرية المزرعة الشيعية القريبة.
الحصار أو التغاضي عن ملف المعتقلين
هدنة الوعر التي وُقعت بداية كانون الأول من العام الماضي، ضمت 3 بنود أساسية، هي فتح المعابر وإدخال المساعدات، الكشف عن مصير المعتقلين وإخراجهم من الأفرع الأمنية، تسليم السلاح الثقيل وخروج الرافضين للهدنة من الحي.
البند الأول طُبق بسلاسة خلال الشهرين الأولين من عمر الهدنة، لتبدأ المشاكل تتكشف عند الوصول إلى البند الثاني، حين طالب نظام الأسد بالانتقال للبند الثالث دون التطرق لملف المعتقلين البالغ عددهم قرابة الـ 7350، وهو ما رُفض من قبل لجنة التفاوض في الوعر؛ رفضٌ أيده الأهالي حين خرجوا بمظاهرات رافعين شعار "لا هدنة بدون إخراج المعتقلين".
يقول جلال: "عند الانتهاء من المرحلة الأولى والانتقال للثانية، بدأ ممثلو النظام يتهربون من الاجتماعات، مهددين بالتصعيد ما لم يتم نسيان ملف المعتقلين".
وفعلاً، وفى النظام بوعوده، حيث أُغلقت جميع المعابر بتاريخ 12-2-2016، وقطعت الكهرباء ومادة الخبز عن الأهالي، وسط تهديدات بقصف الحي إذا لم يتم الرضوخ لمطالب النظام، وهذا ما حدث اليوم.