أخبار الآن | دمشق – سوريا (آية الحسن)
على مدار خمس سنوات، ومنذ بدء انتقال المقاتلين الإيرانيين والعرب الشيعة إلى دمشق وتمددهم فيها واستباحتهم لشوارعها، بدا لدمشق التي قسمها النظام أنها مُقدمة على تقسيم أخر أشد وأقوى. حيث لا يمكنك التأفف أو التململ من المناظر التي تواجهك في الشوارع كسرب سيارات يقطع إحدى طرق المدينة يتشح من فيها بالسواد، مخططة عليها عبارات تظهر خلفيتها الطائفية.
مع بدء هذا التقدم أصبح المركز الرئيسي لتجمع الشيعة العرب والإيرانيين في منطقتي "العمارة والعصرونية" وبعض حارات دمشق القديمة المجاورة لما يسمى مقام السيدة رقية، وبدأ بعدها العمل على شرعنة وجودهم بحجة حماية الأضرحة والمقامات الشيعية، مستمرين بتنفيذ الخطة التي أطلقوا عليها اسم "الحزام الأخضر" والتي تشمل المناطق القريبة والمتاخمة للمقامات الشيعية في دمشق وجنوبها، إضافة للمناطق المحيطة بالسفارة الإيرانية وبعض المناطق الهامة في قلب دمشق.
تغيير ديموغرافية جنوب دمشق
يطلعنا "فواز. س" ناشط ميداني من جنوب دمشق على خطة الإعمار التي تلجأ إليها الميليشيات الشيعية بمساعدة الأسد: "في منطقة حران العواميد وبعض مناطق المرج التي سيطروا عليها قبل فترة قاموا بإرساء قواعدهم من خلال تواجدهم المستمر واستملاكهم للبيوت التي هجرها سكانها، إضافة إلى شراء الأراضي في محيط بلدات ببيلا، يلدا، بيت سحم وفرضوا قائمة ممنوعات بوجه الأهالي وحاولوا التضييق عليهم من خلال السؤال المتواصل والتشديد الأمني حيث اضطر البعض لترك البيوت خوفاً من الاعتقال والمضايقات".
يقول "شاهر" أحد سكان منطقة السبينة سابقاً: "مُنع أهالي بلدات سبينة، وحجيرة، وبويضة المحيطة بمقام السيدة زينب، من العودة إلى بيوتهم، حتى لو كانوا موالين للنظام، إضافة لعملهم على شق طرق فرعية تصل بين البلدات الأخيرة، كما عمدوا إلى تهديم البيوت التي بقيت بعد قصف تلك المدن بشكل منتظم وممنهج. وقاموا بتفخيخ وتفجير ونسف الكثير من المنازل في بلدة الذيابية، وطرد سكانها وأهلها من اللاجئين الفلسطينيين والنازحين من الجولان".
منطقة بساتين الرازي وما حولها
المنطقة المحيطة بالسفارة الإيرانية على أوتستراد المزة بدمشق تعتبر من المناطق الهامة والتي يحرص المدّ الشيعي على الاستفادة منها واستغلالها، يقول "عمر" أحد سكان المنطقة: "يجبر المسلحون الإيرانيون سكان المناطق الواقعة جنوب شرقي المزة والبساتين خلف مشفى الرازي على إخلاء منازلهم، بذريعة تنظيم المنطقة وفتح بعض الطرقات والمنافذ المرورية فيها".
في جانب أخر يشهد حي باب توما الدمشقي ذو الغالبية المسيحة، حركة مكثفة للإيرانيين بدأت منذ وقت قريب، علماً أن منطقة باب توما لا تحوي أي وجود لمقامات شيعية أو أي شيء يستدعي وجود الإيرانيين والشيعة في ذاك الحي، وحتى تلك المواسم الدينية التي تستدعي الإيرانيين لزيارة سوريا والأماكن المقدسة التي يقصدونها خلال تلك المواسم، ما جعل أهالي باب توما المسيحي بحالة حيرة واستغراب حول تنامي وجود الايرانيين في الحي.
وتعرف الأغلبية أن الهدف من تغيير التركيبة الديموغرافية تقف وراءه سياسة التطهير الطائفي لأكثر المناطق بسوريا، ويتم ذلك من خلال خطط الهدم وإعادة الإعمار لمعاقبة الجماعات الأهلية التي تدعم الثورة والثوار، كما تهدف كذلك إلى طرد أصحاب الأرض الأصليين، ومنعهم من العودة إلى منازلهم لاحقاً، واستبدالهم بأجانب من أصول شيعية يدعمون النظام.
بيع الأملاك التجارية
أكدّ رجل أعمال دمشقي لأخبار الآن أن إيران تعتمد خطة ترغيب، حيث تعرض مبالغ كبيرة على أصحاب محال تجارية في دمشق القديمة، وإجبار رجال أعمال وتجار على بيع ممتلكاتهم لرجال أعمال إيرانيين. وقد حدث الكثير من هذه الحالات إذا كانت إيران تدفع مبالغ عالية، لقاء عمليات بيع، وغالباً ما يتم الموافقة عليها لأن الأهالي يرغبون بالسفر خارج البلاد، وهو ما يدفعهم إلى البيع بأسعار منخفضة.
إن سياسة التطهير والتغيير التي تتبعها إيران في سوريا ليست وقفاً على العاصمة دمشق فقط بل امتدت لتطال محافظتيّ حمص وحلب، بعد تقديم مبالغ مالية ضخمة لأصحاب الفنادق والشركات والعقارات بغية استملاكها، ووضع موطئ قدم دائم لها في سوريا.