أخبار الآن | كيليس – تركيا (وضحى العثمان)

تشهد مدينة "كيليس" التركية ومنذ أكثر من شهرين أوضاعاً أمنية سيئة سببها قذائف المدفعية ومصدرها الأراضي السورية والتي أودت بحياة العشرات من المواطنين الأتراك والسوريين الذين كان لهم أيضاً نصيب في عدّاد الضحايا وإن كانوا خارج دائرة الحرب.

شوارع خاوية

تبدو المدينة اليوم أكثر ترقبّاً وحذراً من  قبل، حيث بات الجو مشحوناً وذلك بعد الاعتداءات التي تعرّض لها السوريون، الأمر الذي خلق حالة حظر تجوال غير مباشرة و دون سابق إنذار.

يقول "حيدر بشناق" وهو شاب سوري يعيش في كيليس لموقع أخبار الآن: "الأسواق تبدو خاوية على خلاف العادة، فمثلاً يكتظ عادة سوق المدينة بأكثر من ألفي شخص كل يوم، لكنه اليوم لا يتعدى الـ 100 شخص وهنا قد نلاحظ الفرق".

الشائعات الكثيرة

لعبت الشائعات دوراً كبيراً في فرض هذه الحالة على المدينة، فكل يوم نسمع "باعتبار المدينة منطقة عسكرية"، فالكثير من الشائعات التي تدفع معظم الناس بما فيهم الباعة لترك الأسواق والأشغال والالتزام في منازلهم، وقد يصل هذا الخوف والقلق حد نزوح بعض العائلات السورية أو التركية قاصدين كل من مدينتي مرسين وعنتاب ومناطق أخرى أكثر أمناً.

وعن حال السوريين بشكل خاص، تقول المدرسة السورية "رهف" لأخبار الآن: "قررت أغلبية العائلات البقاء هنا في المدينة لعدة أسباب وعلى رأسها مادية، فالخروج إلى مدينة كعنتاب، يعني أن ما كان يدفعه السوري كإيجار للمنزل سيتضاعف حسب الأسعار هناك، وهذا ينطبق على بقية مجالات الحياة، الكل يعيش حالة من الخوف واليأس والترقب".

الاعتداء على السوريين والإضراب احتجاجاً

شهدت المدينة طوال الشهر الماضي ردود فعل عدة من قبل الأتراك على ما يحدث في مدينتهم التي زاد فيها عدد السوريين عن عدد سكانها الأصليين بحسب آخر الإحصائيات، إذ خرجت تظاهرات عدة في المدينة طالبت الحكومة بوضع حد للقذائف التي تسقط من الجانب السوري، فضلاً عن الاستياء العام من السوريين الذين يراهم الأتراك أنهم السبب فيما وصل إليه الحال.

ويقول محمد: "تعرضت أكثر من مرة للإزعاج فقط لأنني سوري، فهويتنا لا تخفى على أحد وذلك من خلال سياراتنا أو طريقة نطقنا للغة التركية"، مضيفاً: صحيح أنني لم أتعرض للضرب أو التكسير، ولكن هناك غيري من السوريين من تعرض لذلك، وما تعرضت له هو إزعاج واستفزاز فقط وليس أمامي سوى السكوت.

وقد نظم الأتراك قبل يومين إضرابا في السوق احتجاجاً على عدم إيجاد الحكومة حلاً جذرياً لإيقاف  سقوط القذائف فوق رؤوسهم، واستجابت لذلك الأسواق بنسبة 80% تقريباً، حيث خلت من المارة والتجار وأغلقت المحال.

انخفاض للأسعار وتدني إيجارات البيوت

تسببت حالة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة بانخفاض أسعار الكثير من البضائع على اختلافها وتنوعها، فالباعة ينتظرون من يشتري، و بأرخص الأسعار، وانعكس ذلك أيضا على أسعار الإيجار في المدينة حيث انخفضت حتى النصف، فضلاً عن هجرة الأيدي العاملة منها، الأمر الذي خلف فراغاً في يوميات المدينة المذكورة.

يقول "أمجد" : في السابق كان من الصعب إيجاد عمل بسهولة، أما اليوم فبتنا نرى في معظم الأماكن الاعلان مطلوب عامل، إنه المضحك المبكي في آن واحد".

وفي ظل تلويح الحكومة التركية وبشكل متكرر بالتدخل العسكري في سوريا لحماية أراضيها والحفاظ على أمنها و استقرارها،  تعيش "كيليس" ما عاشه ويعيشه السوريون منذ سنوات من ألم الخوف والموت والنزوح  ولكن هذه المرة على أيدي داعش الذي كان ولا زال له باع طويل في مأساة الشعب السوري واستمرارها، ولا أحد يعلم ما سيؤول إليه الحال في المنطقة.