أخبار الآن | دمشق – سوريا (جابر المر)
كل شيء في دمشق بات سعره خياليا مقارنة برواتب الموظفين، هذه القاعدة حفظها أبناء العاصمة لكنهم لا يشتكون منها، فالمطلوب إيجاد حلول لحياتهم، ومحاولة دفع خط الفقر إلى الأعلى حتى لو تطلب ذلك التسلق على هذا الخط الوهمي.
جنون الإيجارات
شهدت أسعار إيجارات المنازل ارتفاعاً ملحوظاً خلال الأيام الماضية بشكل كبير، بالتوازي مع ارتفاع سعر الدولار الذي شمل كل مناحي حياة السوريين، وبلغت الزيادة في أسعار الإيجار نحو 40%، إضافة إلى التهديد بالإخلاء إذا لم يتم دفع المبلغ المطلوب، وشملت المناطق التي ارتفعت فيها الإيجارات "صحنايا والجديّدة وجرمانا ومساكن برزة والزاهرة" وهي جميعها مناطق تخضع لسيطرة النظام وتقع على خطوط التماس مع المناطق المحررة.
وقال المدرس "أبو خالد" 41 عاما، وهو أحد المستأجرين في منطقة صحنايا بريف دمشق: "إن صاحب المنزل رفع سعر الإيجار من 35 ألف ليرة سورية إلى 50 ألف ليرة، مشيراً إلى أن المنزل لا يتلاءم مع المبلغ المطلوب فالكسوة عادية جداً، بالإضافة لعدم وجود الخدمات المطلوبة كالمياه والكهرباء، وفوق هذا كله فإن راتبي لا يصل إلى 50 ألف ليرة سورية".
"أبو حسين" أحد المستأجرين في منطقة الزاهرة بدمشق يعمل بالأعمال الحرة قال: "إن صاحب المنزل يجدد العقد كل ثلاثة أشهر فقد رفع الأجرة من 150 ألف كل 3 أشهر إلى 200 ألف ليرة سورية مع التهديد بالإخلاء إذا لم يتم الدفع، منوهاً بأن فرش هذه الشقة متواضع جداً".
بدوره لفت نبيل "موظف بالقطاع الخاص" ومهجر يسكن في مساكن برزة، إلى أن صاحب المنزل رفع الأجرة من 35 ألف إلى 60 ألف ليرة سورية، مهددا المستأجرين بالإخلاء وقال: "ما نحصل عليه من راتب نهاية كل شهر، لا يكاد يكفي مصاريف العائلة حتى منتصف الشهر، لا نعلم كيف ييسر الله لنا إيجار البيت شهريا، فكلما اقترب الشهر من نهايته دبّ الرعب فينا من أن يخرجنا صاحب المنزل لأننا تأخرنا عليه بالدفع".
لا شقق في العاصمة
دمشق التي كانت تأوي الجميع قبل الثورة، وكانت بيوتها متاحة برخصها مقارنة بغيرها من العواصم العربية، تشكو اليوم من امتلائها عن بكرة أبيها، فكل الريف والمدن التي تتعرض للقصف أتى أبناؤها للعاصمة ليحافظوا على حياة أبنائهم، ويتابعون أعمالهم كي يقوا أنفسهم وعوائلهم ذل السؤال.
"أبو ناصر" صاحب أحد المكاتب العقارية في "الزاهرة"، يخبرنا بأنه لم يعمل منذ فترة طويلة: "امتلأت بيوت دمشق بالمستأجرين، وبات عملنا الرئيسي هو تسيير الأمور بين المالك والمستأجر، فقد خف عملنا منذ أكثر من ثلاثة سنوات، من استأجر بيتا يحاول بشتى الوسائل والطرق أن يحافظ عليه، لأنه يعلم أنه ما إن يخرج منه فلن يجد بيتا أخر بسهولة، أما اليوم فكان الله بعون الناس لأن البعض سيضطر للخروج من منزله بعد ارتفاع الأجور دفعة واحدة".
يتشرد الناس حتى في دمشق العاصمة التي يعتقد الأسد أنه يسيطر عليها ويسيّر أمورها، ولم يعد للسوري من مكان يذهب إليه فيتساءل: اما من مكان يذهب إليه الأسد فيرتاح الجميع؟.