اخبار الآن | دمشق – سوريا (جابر المر)

لطالما كان للشهر الكريم طابعا خاصا في دمشق، فطقوس رمضان تبدأ قبل مجيئه بحوالي الأسبوع، حيث تزدهر الأسواق، وتبدو البهجة على الناس، ويسود مناخ روحاني في كامل المدينة. هكذا اعتادت دمشق أن تستقبل الشهر الكريم، قبل أن يقرر الأسد معاقبتها مع سكانها على طلبهم التخلص منه ومن عصبته، فتدهورت حال المدينة إلى الدرجة التي بت معها ترى الناس تخشى أن تتنفس وتعيش ضمن الممكن والمسموح، ولم يعد هناك لا ممكن ولا مسموح في هذه المدينة التي تنتظر سقوط طاغية دمر روحها قبل بنيانها.

أكثر ما عاناه ويعانيه الناس في دمشق اليوم هو الارتفاع الهائل بالأسعار نتيجة تدهور الليرة السورية الأخير أمام الدولار الأمريكي فقد وصل سعر الدولار الأمريكي الواحد إلى 650 ل. س للدولار الواحد، بعد أن اعتاد السوريون سعره ب 50 ل. س فقط، ما أدى إلى ارتفاع جنوني بالأسعار لا يقرب ولا يقارب منطق الرواتب المتدنية التي اعتاد عليها الناس في دولة الأسد.

انتشار ظاهرة عمالة النساء في دمشق بسبب غياب المعيل

وعود مريبة

وفي عملية مريبة لم يفهم الناس إلى اليوم كيف تسنى للبنك المركزي التابع للنظام خفض سعر الدولار قبل أيام ليصل حدود 450 ل. س للدولار الأمريكي الواحد، وتبدأ بعدها سلسلة الوعود والإشاعات التي ينشرها نظام الأسد بين الناس عن تحسن أحوالهم، فانطلق شبيحته يروجون على مواقع التواصل الاجتماعي التالي تحت عنوان "مسرب" في دولة لا يتسرب منها شيء إلا بعلم المجرمين القائمين على الأمر نفسه: "تم الانتهاء من مشروع زيادة الرواتب للعاملين في الدولة حيث تم إعداد مسودة مشروع الزيادة حيث نصت على زيادة سبعة آلاف ليرة مقطوعة على التعويض المعيشي ليصبح أحد عشر ألف ليرة بدل الأربعة آلاف، سيتم تشكيلها بعد تشكيل الحكومة الجديدة.

وتم الحديث عن مشروع لتثبيت سعر الدولار عند مائة وخمسين 150 ليرة بحيث يصبح الحد الأدنى "أي أقل راتب بالدولة مع بداية تمو"ز مائتي دولار 200 $. وما يتم تسريبه اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي يأتي في سياق خوف النظام من الدمشقيين الذين احتقنت نفوسهم ولم يعد بأيديهم ما يخسروه أبدا، بعد أحداث كثيرة كإحراق سوق العصرونية، وتعديات الأمن والشبيحة على كل من هب ودب في المدينة.

شباب دمشق.. ترك الدراسة وفرص العمل قليلة وأزمات نفسية

وعلى الرغم من تدني الأسعار مع زيادة سعر الليرة السورية فقد نزل سعر السكر الى 290 ليرة سورية من 420 ليرة في حين تهاوى سعر كيلو الشاي من 3800 ليرة الى 2800 ليرة، أما الزيت النباتي فانخفض من 685 ليرة إلى 630 ليرة، وزيت دوار الشمس انخفض من 785 ليرة إلى 710 ليرات، كما انخفض السمن من 800 ليرة إلى 690 ليرة.‏‏‏ لكن الجميع يعلم ويخشى أن ما هذا الهبوط بسعر الدولار المفاجئ إلا النذير بدمار العملة السورية تماما بعد فترة لاسيما إذا لم تتوقف الحرب، عندها ستبدأ مرحلة الأزمة بالنسبة للدمشقيين الذين يخشون قدوم ذلك اليوم، وينتظرونه في الوقت ذاته.