أخبار الأن | ريف دمشق ـ سوريا ( لبنى صالح )
مع بداية شهر آب/ أغسطس الماضي، اتفقت مناطق جنوب دمشق المحررة على إعادة عمل القضاء في المنطقة تحت اسم (المحكمة العامة لجنوب دمشق)، بعد توقفَ دار القضاء جنوب العاصمة دمشق عن العمل منذ مطلع تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2015، وتعهدت معظم فصائل المعارضة في المنطقة بعدم التدخل في أمور وقرارات المحكمة، واحترام ما يصدر عنها من قرارات وعقوبات، إلا أن العديد من ناشطي الجنوب الدمشقي، وعلى الرغم من ترحيبهم بعودة القضاء، أبدوا شكوكًا في جدية الفصائل ورغبتها الحقيقية بمساعدة المحكمة واحترام استقلالية القضاء، معللين ذلك بتصرفات الماضي لبعض الفصائل وعدم انصياعها للأحكام، وخاصة بعد أن أصبح لكل فصيل محاكمه الخاصة وسجون ومعتقلون في كثير من الأحيان.
متطلبات المرحلة المقبلة
ومن جهته قال المحامي زياد العبدو بأن وجهاء المنطقة والمعنيون، من قادة الفصائل وعلماء دين وحقوقيون، يجب عليهم أن يأثرون أن تكون المحكمة مستقلة تمامًا عن كل التجاذبات الفصائلية، وأن تكون للمحكمة قوة عسكرية خاصة بها، وأن يكون القضاة فيها مستقلين ولا يتبعون لأي فصيل معين، ويجب أن تقوم القوة التنفيذية بفض النزاعات، وتنفيذ القرارات الصادرة عن المحكمة، ويجب أن تكون جميع كوادر المحكمة مستقلين، ما يضمن حيادية قراراتها، إضافةً إلى تعهد الفصائل بالالتزام بتنفيذ قرارات المحكمة ومؤازرتها في حال تعرضها لأي خطر.
مهام المحكمة الجديدة
أكد فادي شباط أمين سر المحكمة العليا في جنوب دمشق والمسؤول الإعلامي للمحكمة "لأخبار الأن" بأن أبرز مهام المحكمة الجديدة الفصل في القضايا الخلافية بين المواطنين، في جنوب دمشق فحسب، دون التطرق إلى الأعمال الأخرى التي كانت تقوم بها دار القضاء، أو الهيئة الشرعية سابقًا، كالإفتاء أو المشاركة في القرارات السياسية للمنطقة، مضيفًا: “ أن المحكمة تعتمد بأحكامها على القانون العربي الموحد والتعديلات الصادرة عن هيئة الشام الإسلامية وعمل المحكمة سيقتصر على الأمور القضائية وتحصيل الحقوق، وبهذا المعنى تنظر المحكمة في جميع القضايا التي تُعرض عليها، ابتداءً بتلك المدنية الصغيرة )خلافات مالية وسرقات(، مرورًا بقضايا الأحوال الشخصية، وانتهاءً بالقضايا الجنائية من قتل ومشاجرات، وغير ذلك من القضايا الجنائية الأخرى”.
الانعكاسات الإيجابية لإعادة تشكيل المحكمة
يقول شباط بعد تعليق العمل في دار القضاء السابقة انتشر الفراغ القانوني في مناطق جنوب دمشق المحررة، وبقيت القضايا العالقة بين المتخاصمين، وخاصة التي لم تفصل بها المحكمة متروكة ولم يتم البتّ بها، إضافةً إلى زيادة الفوضى، كحالات الخطف وتعاطي واتجار المخدرات، مشيرا بأن عدم وجود كيان قضائي يفصل في الأمور والخلافات أدى إلى سيادة شريعة الغاب في المنطقة، وبقاء كثير من الأمور المعلقة دون حلول، حيث أصبح المختصمين يلجئون إلى إحدى الجهات، لتحصيل حقوقه؛ وبالتالي، من ليس له جهة تحميه أو تدعمه يبقى دون حقوق، ما دفع المطالب الشعبية لضرورة تشكيل كيان قضائي في المنطقة، وبدأت منذ بداية عملها بفصل للنزاعات وتحصيل الحقوق واعادتها لأصحابها، وملاحقة تجار المواد المخدرة ومحاسبتهم ومصادرة واتلاف موادهم الممنوعة، كما كان للمحكمة نصيب كبير في الشان الاداري والسياسي بالمنطقة، كما منعت المحكمة أخذ اجرة البيوت من الضيوف النازحين في المنطقة.
أما الناشط ضياء الشامي فقال :لن نكون متشائمين، رغم أن قرار تشكيل قوة تنفيذية لم يتم حتى اللحظة ولا سيما أن بيان الإعلان عن تشكيل المحكمة الجديدة تحدث بشكلٍ واضح عن أن جميع الفصائل تعهدت باحترام قرارات القضاء، بما يساعد في الأخذ على يد الظالم؛ حتى يُرد الحق لأهله، مضيفا من أهم مقومات نجاح التجربة القضائية في مناطق جنوب دمشق المحررة يعود إلى دعم المحكمة وتمويلها وعدم تهميش دور دار القضاء وتفعيل سلطاتها التنفيذية والعسكرية المستقلة عن أي فصيل في المنطقة، وأن تكون المحكمة رادعا للفصائل ولأي اعتداء على المدنيين، وهذا ما طالبت به الأهالي المحكمة الجديدة بعد حالة الانفلات الأمني الذي شهدته المنطقة.
يذكر بعد اقتحام تنظيم داعش مخيم اليرموك في نيسان/ أبريل 2014، توقفَ دار القضاء جنوب العاصمة دمشق عن العمل منذ مطلع تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2015، لأسباب عديدة ترجع إلى ضعف الدعم العسكري والتمويل لها، إضافة إلى الصراعات الداخلية بين الفصائل التي كانت المدمر الأكبر للهيكل القضائي جنوب دمشق بسبب تهميش قرارات المحكمة عدم انصياع الفصائل أو قبولها لأحكام الدار، بعد أن أصبح لكل فصيل محاكم خاصة، ما جعل القضاء ضعيفًا وأفقده سلطته التنفيذية أمام المدنيون هناك وأصبح عاجزًا عن فض النزاعات التي راح ضحيتها ما يقارب 70 من المدنيين.
اقرأ ايضا:
عوائل نازحة تفترش الحدائق والأرصفة بدمشق وتتخذها مسكنا
العائلات المحافظة في سوريا تنحني للقمة العيش