أخبار الآن | درعا – سوريا (عبد الحي الأحمد)

عقب المعارك التي استمرت لعدة أشهر أواخر العام 2014 ما بين جبهة فتح الشام "النصرة سابقاً" من جهة وداعش من جهة أخرى إثر احتلال الأخيرة محافظات الرقة ودير الزور شرق سوريا؛ أُجبرت  فتح الشام حينها إلى توزيع مقاتليها وأمرائها على شمال وجنوب البلاد، فانتقل بذلك قسم كبير من نصرة الشرقية "كما أُطلق عليهم" إلى محافظتي درعا والقنيطرة.

كان على رأسهم قادة من الصف الأول أمثال "أبو ماريا القحطاني" الشرعي العام إضافة لقرابة أربعمئة مقاتل مدججين بالسلاح ومدعومين بالأموال التي تقدر بعشرات الملايين من الدولارات. شكل وصول هؤلاء للجنوب كما اعتقد الجميع لَبِنة لإنشاء إمارة للتنظيم بإعتبار أن فتح الشام حينها كانت تبسط نفوذا واسعا على المناطق المحررة في كلتا المحافظتين.

تفكك جبهة فتح الشام

مع وصول مقاتلي الشرقية إلى الجنوب بدأ يطفو على السطح مدى التباين والاختلاف في النسيج الداخلي لفتح الشام، حيث تعاظمت الخلافات بين أمراء وقادة التنظيم كما وازدادت الانشقاقات في صفوفها باتجاه داعش بالنسبة للعناصر الأكثر تطرفاً من جهة وباتجاه فصائل الجيش الحر ممن اكتشفوا مدى زيف مشروع القاعدة وأثره السلبي على الثورة.

مراسل أخبار الآن تحدث في اتصال خاص مع أحد الأمراء المنشقين عن فتح الشام والذي رفض الكشف عن اسمه لدواع أمنية، قال فيه: "إن وصول مقاتلي جبهة فتح الشام من محافظة دير الزور بقيادة كل من أبو ماريا القحطاني ومظهر الويس واتهام مقاتلي الجنوب بانتهاج سياسة داعش ومحاولتهم الهيمنة على دوائر صنع القرار أسفر عن تعاظم الخلافات بين الطرفين وازدياد نسبة الانشقاقات".

وأضاف بأن "أمير جبهة فتح الشام -أبو محمد الجولاني- تدخل لإنهاء الخلاف فأمر بفصل فرعي فتح الشام بدرعا عن بعضهما البعض، فرع دير الزور بقيادة أبوماريا القحطاني و فرع درعا بقيادة أبو جليبيب الأردني – إياد الطوباسي".

و أشار إلى أن تفكك جبهة فتح الشام أثر بشكل كبير على مناطق نفوذها في المحافظة وكان مقدمة لمزيد من الانشقاقات عن فتح الشام التي وصلت في شباط فبراير2015 إلى انسحاب أكثر من أربعمئة مقاتل من محافظة درعا من التنظيم وتشكيل ما سمي "جند الملاحم" احتجاجاً على سياسة أمراء الصف الأول وغُلوهم، وقد شكل ذلك ضربة قاسمة لفتح الشام في الجنوب.

سرقة المرافق العامة
إن إدعاء فتح الشام عند تأسيسها في الجنوب السوري تطبيق شرع الله وإعادة الحقوق لأصحابها لم تكن سوى شعارات برّاقة حاولت من خلالها ملامسة مشاعر الأهالي المضطهدين من حكم الأسد خلال العقود الأربعة السابقة، إلا أن وصول التنظيم إلى مرحلة الذروة تبعه سقوط للحاضنة الشعبية جاء بعيد كشف الستار عن جشع الأمراء واستحواذهم على الممتلكات العامة بحجة أنها "أموال مسلمين" ولا يحق لغيرهم التصرف بها أو استخدامها لتأهيل المناطق المتضررة.

في مدينة "الشيخ مسكين" على سبيل المثال، ومع مطلع العام 2015، أعلنت الفصائل المقاتلة انتهاء سلسلة معارك "وادخلوا عليهم الباب" التي أفضت إلى تحريرها بالكامل، مجبرة قوات الأسد على الانسحاب من مؤسسات المياه والكهرباء والإسكان العسكري والتي كانت ممتلئة بالمواد الأولية والمعدات.

وضعت فتح الشام "النصرة سابقاً" يدها على معظم تلك الموارد ولاسيما المتعلقة بآبار المياه وشبكات الكهرباء لتقوم فيما بعد باستغلال المجالس المحلية في المناطق المحررة والتي كانت بأمس الحاجة لتأهيل البنية التحتية للقرى والبلدات، حيث اضطرت هذه المجالس لشراء ما تحتاج "من أملاك الشعب السوري" بمئات الملايين مما سيطر عليه التنظيم.

وفي ذات السياق قال الناشط الإعلامي "محمود المصري" لأخبار الآن: "إن الجريمة الكبرى التي قامت بها فتح الشام في محافظة درعا كانت سرقة وتخريب معبر نصيب الحدودي مع الأردن حيث أن رد فتح الشام على قطع تشكيلات الجبهة الجنوبية لمخططاتها بالسيطرة على المعبر كان بتخريب وسرقة الموجودات في المعبر تحت التهديد بإراقة الدماء".

وأشار أنه نهاية شهر نيسان /أبريل من العام 2015 تمكنت تشكيلات الجبهة الجنوبية من السيطرة على المعبر دون مشاركة فتح الشام في المعركة التي كانت تنوي السيطرة على المعبرة منفردة .

وتابع "المصري" بأن فتح الشام وعلى الرغم من عدم مشاركتها بالعمل أسهمت بشكل كبير في عمليات السرقة كون مقاتليها وبتعليمات من أمرائهم قاموا بسرقة السيارات من داخل المعبر والمنطقة الحرة، وقد استولت على أكثر من 300 سيارة تعود ملكيتها لتجار سوريين وأردنيين إضافة لاحتجاز عدد من سائقي الشاحنات من الجنسية "اللبنانية"

بهدف الحصول على فدية مالية. وتمكن الجيش الحر فيما بعد من وضع حد لذلك وأجبر فتح الشام على الانسحاب من المعبر ومحيطه وأعاد المخطوفين إلى ذويهم.

سرقة المعبر كانت عملية منظمة من قبل فتح الشام برأي المراقبين للوضع الإقليمي وذلك بغية الانتقام من تشكيلات الجبهة الجنوبية التابعة للجيش السوري الحر، والتي تمكنت من كشف مخططات التنظيم وعملت على تحجيمه في الجنوب بتبنيها أفكار الثورة السورية والعمل على تكريس الفكر المعتدل الذي أعاد الأمل بالمشروع الوطني الذي إنتفض الشارع لأجله.

اقرأ أيضا: 

من هم أعلى 5 لاعبين أجراً في العالم؟
بعد رونالدو.. راموس يعلن تضامنه مع المأساة التي يعيشها أطفال سورية

ضحايا بقصف جوي للنظام على مدينة دوما بريف دمشق

انتهاء هدنة حلب والمعارضة المسلحة تحاول كسر الحصار

المرعبي: إجرام روسيا في سوريا لن يحقق لها أي مكاسب