أخبار الآن | الحسكة – سوريا (عبد الرحيم سعيد)
يبدأ اليوم العام "2600" حسب التوقيت الكردي، الذي يعتبر عيد النوروز بداية العام ويشهد هذا اليوم احتفال الأكراد في سورية والعالم بعيد النوروز "عيدهم القومي" ذلك اليوم الذي انتصر فيه "كاوا الحداد" الثائر على "أزدهاك" الملك الظالم بحسب الروايات التي وردت عن هذا اليوم. ففي مثل هذا اليوم 21 آذار من كل عام يحتفل الأكراد بهذا العيد بطرق احتفالية كثيرة، فمنهم من يخرج للتنزه، ويستمتع بالأجواء الربيعية مع عائلته، وآخرون يحضرون العروض التي تقدمها الفرق الفلكلورية التي تتجهز لهذا اليوم قبل العيد بأكثر من شهرين، بالإضافة إلى إشعال النار الذي يعتبر التقليد الأكثر أهمية لنوروز، فالنار كانت الإشارة التي رفعها الثوار فوق قمم الجبال عندما قتل كاوا أزدهاك ليخبروا السكان أنّ الملك قد مات والظلم قد ولّى، فإحراق الاطارات والأخشاب كانت حاضرة دائماً في ليلة نوروز، والتي خفت كثيراً في الآونة الأخيرة بسبب إشعال الشموع عوضاً عن الاطارات.
النوروز في زمن الثورة
لم يكن يخلو هذا اليوم من منغصات تعكر صفوه، وأحياناً تقلب الفرحة إلى حزن والاحتفال إلى عزاء، فكثيراً ما كانت السلطات الأمنية في سوريا تقوم باعتقال المحتفلين، وكذلك اعتقال الكثير ممن كان يشارك في تقديم عروض مسرحية أو غنائية مع الفرق الفلكلورية، وحتى أحياناً إلى إصدار قرارات بمنع الاحتفال وإلغاء مظاهر الفرح بهذا اليوم. إلا أنّه في سنوات الثورة السورية بدأ الأكارد باستنشاق الحرية في بداياتها، وأصبحوا يحتفلون بنوروز وغيره من الاحتفالات دون أخذ الرخص والموافقات الأمنية، ولكن الارهاب كان عائقاً آخر، فما كان يسببه النظام من خوف بسبب اعتقالاته أصبح الآن داعش يسببه بعملياته التي تستهدف المدنيين، وهذا ما حصل في السنة الماضية حيث قتل ما يقارب "25" مدنياً أثناء تجمعهم حول النار الذي أشعلوه احتفالا بعيد النوروز في حي الصالحية بالحسكة. فالخوف من عمليات انتحارية وسيارات مفخخة قد تستهدف المحتفلين أثّرت كثيراً على أعداد المشاركين.
الخلافات السياسية تطغى على احتفالات النوروز
شهدت اليوم كافة مدن محافظة الحسكة، وكذلك الكثير من المدن الأخرى مثل عين العرب وعفرين ومناطق سكن الأكراد في دمشق، احتفالات بعيد النوروز، ولكن طرق الاحتفال اختلفت بحسب الاختلافات السياسية، فالمجلس الوطني الكردي الذي كان قد أعلن عن طريق بيان رسمي إلغاء التجمعات والفرق الفلكلورية بسبب الخوف من استغلال الفراغ الأمني واستهداف المحتفلين بعمليات انتحارية أو سيارات مفخخة، اكتفى بتوجيه "رسالة نوروز" إلى الأكراد، هنأهم فيها بهذه المناسبة، يقول رئيس المجلس الكردي في عامودا لأخبار الآن: "المجلس الوطني الكردي ألغى التجمعات والفرق الفلكلورية للاحتفال بعيد نوروز، لأسباب أمنية، لأنّنا نخشى من استهداف التجمعات كما حصل في العام السابق ودعونا أنصارنا إلى الاحتفال بهذا العيد بالخروج إلى الطبيعة ورفع الرموز الكردية".
مناصرو المجلس الوطني الكردي من جهتهم تقيدوا بهذه الدعوة بالابتعاد عن التجمعات، واكتفوا بالاحتفال بإشعال الشموع والمشاعل والخروج إلى الطبيعة للاستمتاع بالأجواء الربيعية. فإبراهيم خرج من الصباح هو وزوجته وطفلتيه إلى أحضان الطبيعة ليحتفلوا بعيد النوروز، شارك ابراهيم في رحلته بيت عمه مع عائلته، رفضوا أن يذهبوا لاحتفال الإدارة الذاتية لأنّهم لا يريدون الاحتفال تحت شعارات سياسية لا يقتنعون بها، يقول "ابراهيم داري" لأخبار الآن: "لم أذهب إلى مسرح وتجمعات الإدارة الذاتية لأنّني لا أريد الاحتفال تحت شعاراتهم ورموزهم، وهتافاتهم التي لا أقتنع بها، لذلك خرجت من الصباح أنا وعائلتي إلى الطبيعة لنحتفل وشاركنا بيت عمي الذين رفضوا أيضاً الذهاب إلى مسرح الإدارة الذاتية".
أما حزب الاتحاد الديمقراطي والإدارة الذاتية، فقد دعت إلى تجمعات كبيرة بهذه المناسبة، واحتفلت بعيد النوروز تحت شعار "من روج آفا حرة إلى سورية ديمقراطية فيدرالية"، وقامت الفرق الفلكلورية التابعة له في معظم المدن بتجهيز المسارح وتقديم العروض الفنية "غنائية ومسرحية ورقص"، شهدت مسارحهم رفع صور مقاتلو وحدات الحماية الشعبية وصور "عبد الله أوجلان" زعيم حزب العمال الكردستاني، هذه التجمعات شهدتها كافة مدن محافظة الحسكة "رأس العين، الدرباسية، عامودا، القامشلي، المالكية" وفي ظل أجواء أمنية مشددة، حيث انتشرت الحواجز ضمن المدن وعلى كافة مداخلها، هذا التشديد الأمني بدأ قبل العيد بعدة أيام حيث أصدرت قوات الأسايش "الشرطة" قراراً بمنع تحرك الدراجات النارية داخل المدن نهائياً من تاريخ 18/3/2016 حتى 22/3/2016، وكذلك منع الشاحنات التجارية من دخول المدن، خوفا من استغلال داعش هذه الشاحنات لعمليات انتحارية.
وقد صرّح "عبد الله سعدون" الناطق الرسمي باسم الأسايش لأخبار الآن: "اجراءاتنا الأمنية هي من شقين، الشق الأول يخص المواطنين وهو إلغاء ومنع التجمعات في 20 آذار أي قبل العيد بيوم لأنّ أي تجمع سيكون هدفاً للإرهاب، وكذلك منع إطلاق العيارات النارية ومنع الدراجات من دخول المدن من 18 وحتى 22 آذار، وكذلك أعلنا عن ثلاث خطوط هواتف ساخنة ليتمكن المواطن من الابلاغ عن أي شيء على مدار 24 ساعة، وأمّا الشق الثاني فهي تعليمات القيادة العامة للأسايش إلى كافة فروعها بتكثيف الدوريات في مداخل المدن، ونصب حواجز داخل المدن بشكل مؤقت"، ويضيف سعدون خبرا حصرياً لأخبار الآن حسب قوله: "إن القوات الخاصة "هات" أيضاً سيكون لها دور في هذه التدابير الأمنية وهي منتشرة في كافة المدن".
القوات الخاصة "هات" هي نوع من القوات الأمنية والتي تسمى بقوات المهام الخاصة ومكافحة الارهاب، وهي نادراً ما تشارك بعمليات أمنية داخل المدن؛ مختصة فقط بالعمليات الخاصة، التي تستهدف جماعات أو شخصيات مرتبطة بداعش أو أطراف خارجية أخرى ولكنّ لحساسية اليوم تم تكليفها بالمشاركة في التدابير الأمنية لهذا اليوم.