أخبار الآن | الحسكة – سوريا (عبد الرحيم سعيد)
في مثل هذه الأيام من كل عام، يبدأ الأكراد بتحضيراتهم لاستقبال "عيد نوروز" الذي يصادف يوم 21 من شهر آذار، والذي يعتبر عندهم عيداً للحرية. ويأخذ هذا العيد طابعاً وبعداً خاصاً فهو دائماً كان تحمل الطابع الثوري والسياسي، ويعتبرونه عيدهم القومي الأول والأكثر أهمية، وكثيراً ما كانت تحدث صدامات ومشاكل أمنية بين المحتفلين والأنظمة الحاكمة بسبب رفع شعارات سياسية و ثورية في هذا اليوم.
الأكراد في سوريا كانوا مثل غيرهم فعيد نوروز كان ممنوعا الاحتفال به في عهد نظام الأسد إلا بعد أخذ الموافقات من الفروع الأمنية، وإن وافقت فبشروطها التي كانت تلزم المحتفلين برفع صور "حافظ الاسد" في الاحتفال.
ومع بدء الثورة السورية بدأ الأكراد يشعرون بنوع من الحرية في إقامة الاحتفالات، والمناسبات القومية والوطنية ومنها "عيد نوروز"، بيد أنّ داعش كان لهم بالمرصاد من خلال استهداف التجمعات المحتفلة بسيارات مفخخة، ومنها ما حدث في ليلة نوروز عام 2015 حيث قتل أكثر من "55" حياتهم منهم نساء وأطفال في حي الصالحية في الحسكة وجرح المئات أثناء تجمعهم للاحتفال بعيدهم القومي.
بيان "المجلس الوطني الكردي"
تلك الحادثة وغيرها من السيارات المفخخة التي فجرها داعش بين المدنيين في القامشلي والحسكة، شكلّت هاجساً وخوفاً كبيراً عند الأكراد من محاولة داعش هذه السنة أيضاً من استهداف إحدى تجمعات المحتفلين بنوروز، مما كان السبب في إصدار "المجلس الوطني الكردي" قراراً بإلغاء التجمعات في عيد نوروز هذا العام والاقتصار على إشعال الشموع فوق سطوح المنازل، ورفع بعض الرموز الكردية، بحسب البيان الذي أصدره المجلس.
لم يكن المجلس الوطني الكردي ليفعل هذا لولا خوفه من داعش وعملياته، وخوفه من استغلال الفراغ الأمني الذي تشهده المنطقة، هكذا قال لنا "محمد شويش" عضو الأمانة العامة للمجلس: "نحن في المجلس الوطني الكردي ألغينا التجمعات والفرق الفلكلورية في عيد نوروز خوفاً من عمليات إرهابية قد يقوم بها داعش كما حصل في العام السابق، ولكنّنا ندعو الى إحياء هذا العيد القومي بإشعال الشموع فوق سطوح المنازل وكذلك رفع الرموز الكردية والخروج إلى الطبيعة دون تجمعات كبيرة خوفاً من استهدافها من قبل داعش".
هذا الخوف لم يقتصر على المجلس الوطني الكردي والأحزاب، بل الخوف من عمليات انتحارية انتشرت بين الأوساط الشعبية أيضاً، فـ "أبو بشير" سيحرم عائلته هذه السنة من الذهاب إلى الاحتفالات خوفاً عليهم من السيارات المفخخة أو من انتحاريين أو أيّة مشاكل أمنية قد تحدث في الاحتفالات، يقول أبو بشير لأخبار الآن: "لن اذهب للاحتفالات ولن أسمح لأولادي بالذهاب، لأنني أخاف عليهم من الانفجارات، لاسيما أنّه في الفترة الأخيرة كثر استهداف التجمعات المدنية في القامشلي والحسكة من قبل داعش، ولا نعلم في أية لحظة يتم استهداف احتفالات نوروز هذه السنة".
موقف "الإدارة الذاتية"
"الإدارة الذاتية" وجهازها الأمني "الأسايش" والعسكري "وحدات الحماية"، لم تعلن حتى اليوم عن أية قرارات أو إجراءات أمنية بشأن تجمعات واحتفالات عيد نوروز، وهي التي حملت في السنة الماضية جزءاً من المسؤولية عن التفجير الذي استهدف المحتفلين على عاتق الجهات التي دعت إلى التجمعات بعد أن أعلنت هي من طرفها ضرورة إلغائها ومنعها بسبب المخاوف الأمنية واحتمالات حدوث عمليات ضدهم.
"عبد الله سعدون" الناطق الاعلامي باسم الأسايش العامة يقول لأخبار الآن: "من المبكر أن نصدر حالياً أيّة قرارات بشأن عيد نوروز والتجمعات التي ستحدث بمناسبتها، ونحن منتبهون لأية معلومات استخباراتية قد تصلنا بشأن محاولة داعش تنفيذ عمليات بحق المدنيين"، وأضاف سعدون: هناك خوف من محاولة داعش تنفيذ عمليات ضد المدنيين في عيد نوروز، بسبب الانتصارات التي تحققها قوات سوريا الديمقراطية والتي من الممكن أن تدفع داعش إلى تنفيذ عمليات انتقامية بحق المدنيين.
وحول الاحتياطات الأمنية قال سعدون: "إنّ اجراءاتنا الأمنية ستكون مشددة قبل نوروز بأيام لمنع تسلل أي عنصر من داعش إلى مناطقنا، وفي حال وصلت إلينا معلومات تؤكد محاولة داعش استهداف المدنيين فوقتها سنمنع التجمعات حفاظاً على أمنهم و سلامتهم".
حتى هذه اللحظة يأمل الكثيرون أن تمرّ هذه السنة بخير دون ضحايا، وكل ما اقترب يوم 21 آذار يزداد الخوف من الإرهاب أكثر، وسيبقى الخوف حتى ينتهي ذلك اليوم بسلام.