أخبار الآن | أنطاكيا – تركيا (جمال الدين العبد الله)
خلال خمس سنوات من عمر الثورة السورية، ومع ازدياد الوحشية التي تمارسها قوات النظام على المناطق المحررة من قصف وتهجير؛ اضطر العديد من السوريين إلى الانتقال نحو تركيا حاملين معهم ثقافاتهم، وما تبقى من أموالهم التي ادخروها في سوريا، وانتشروا هنا وهناك، بادئين حياة جديدة قد لا تخلو أحياناً من المتاعب.
اضطر "أبو صلاح" البالغ من العمر 40 عاماً إلى الانتقال من ريف اللاذقية مع عائلته نحو إقليم هاتاي "أنطاكيا" في تركيا، ليفكر بالعمل من جديد لإعالة أبنائه الثلاثة، وقرر افتتاح دكان صغيرة في أحد الأزقة الفرعية في حي "المزرلك" الشعبي الذي يقطنه العديد من السوريين.
يقول أبو صلاح: "بعيد استهداف قوات النظام لدكاني في قريتي بجبل التركمان، اضطررت إلى النزوح لتركيا واستئجار محل صغير، وشراء بعض البضائع من هنا وهناك، وتربية بعض الزبائن الجدد، بدأ الأمر صعبا نوعاً ما لكوني غريباً عن هذا البلد وثقافتهم، لكن خبرتي في ريف اللاذقية أفادتني كثيراً".
ويضيف أبو صالح: "في البداية بدأت ببيع "الخبز العربي" الذي انتشر في تركيا بشكل كبير، ثم الشاي والسكر، وبعض المواد التموينية وخاصة للسوريين المقيمين في المنطقة، وبدأ بعض الأتراك فعلاً بالشراء من عندي لكوني أبيع بعض البضائع أرخص مما هي عليه عند البقاليات التركية".
دفتر الديون يعود إلى الواجهة
معظم السوريين القاطنين في تركيا يعملون بأجور محدودة، إما يومية أو اسبوعية أو شهرية، مما يضطر العديد منهم إلى الشراء بالدَّين، وخصوصاً المواد الغذائية والأساسية، مما يجعل أرباب البيوت يشترون بشكل كبير من البقاليات السورية والتي يقوم البعض منهم "بفتح حساب دَين" لمن يُثق بهم.
يقول "عبد الله" أحد الزبائن السوريين الذين يرتادون البقاليات السورية: "معظمنا لاجئون في بلد ليس بلدنا، ويوجد فارق اللغة والتفاهم، اشتري من عند البقال السوري لعدة أسباب، لان ذلك السوري يقتات من دكانه التي لا يملكها، ويعيل عائلته منها، ولديه التزامات حالي كحاله، وفي النهاية يجب أن نفيد بعضنا بعضاً".
ويضيف "عبد الله": "اضطررت إلى فتح حساب دين لدى أحد الدكاكين السورية الذي يعرفني لأني أسكن منذ زمن في هذه المنطقة ويعرفني صاحب البقالية، كوني استلم راتبي من أحد المصانع التركية التي أعمل بها شهرياً، وبعض محلات الأتراك لا يعطون السوري بالدَّين، وذلك بسبب بعض الحالات التي استدانت من البقاليات التركية بمبالغ كبيرة ثم غيرت منطقة سكنها".
الدكاكين السورية .. منبع ذكريات لمرتاديها
قد تتغير الحياة في المهجر للسوريين بشكل كبير، مناطقياً وفكرياً، لكن العديد حاولوا قدر المستطاع إعادة ثقافة الحياة اليومية السورية رغم اللجوء إلى مجالات عدة؛ ومنها الدكاكين والمحلات السورية، والتي حين تدخلها تشعر أنك لا زلت في سوريا، طريقة ترتيب البضائع، وتسعيرها، والملصقات الصغيرة التي تنبّه على عدم الجلوس في الدكان لمدة طويلة كونها باب رزق.
يقول "محمد" أحد اللاجئين السوريين الجدد في تركيا: "أتعمد دائماً الشراء من الدكاكين السورية، فكلمات الترحيب والسؤال عن الحال، وطريقة استعراض البضائع، والخبز السوري وشاي ليالينا، وعلب المتة والبضائع الأخرى، تأخذني برحلة قصيرة إلى سوريا مخترقة حاجز المكان، كل ذلك يدل على أن أينما حل السوري وارتحل، ينقل ثقافته وسوريته معه رغم كل الظروف".
انتشرت العديد من المشاريع الصغيرة والكبيرة للسوريين في تركيا مثل محلات السمانة والبيع بالتجزئة، والذي ساعد على ذلك عدم فرض اي رسوم أو ضرائب، إلا أجرة المحل وفواتير الماء والكهرباء والتي قد تكون مرهقة في بعض الأحيان.