أخبار الآن | دمشق – سوريا (زياد المبارك)
فجأة، ودون سابق إنذار ينخفض سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية إلى أقل من النصف. هبوط غريب سرعان ما أزال الدهشة والفرح لدى المواطن السوري الذي رأى منعكسات هذا الهبوط في انخفاض بعض المواد الأساسية التي تقوم حياته عليها. لكن وراء الانخفاض المفاجئ ما لا يمكن لتحليل اقتصدي وسياسي أن يقبله بهذه السهولة.
مقدمات غريبة للانخفاض
لم يكن المواطن السوري حتى في مرحلة ما قبل الثورة يجرؤ على التصريح بحيازته للدولار الأمريكي، بسبب القانون الذي كان يعاقب التداول به بالسجن استنادا إلى "محكمة اقتصادية". بل إن لفظ كلمة "الدولار" كانت تهمة بحد ذاتها وكأنها يفرة سياسية معارضة! لذلك كان الاسم المتداول هو "الأخضر" كإشارة إلى لون الدولار.
منذ أقل من أسبوع، ظهرت مرونة غريبة في التعامل مع حيازة الدولار وحتى صرفه، فبعد أن كان يقتصر التعامل به على "البنك المركزي" ومحلات الصرافة المعتمدة، بات من المقبول رؤيته متداولا بين أيادي المواطنين في الشوارع العامة وأمام المحلات المختلفة. واستكمل التغير في الحال الهبوط "الغريب" لسعر صرفه أمام الليرة السورية إلى أقل من النصف، فبعد أن وصل إلى "660" ليرة سورية للدولار الواحد،انخفض إلى أقل من "300" ليرة" في حادثة لا يمكن تفسيرها اقتصاديا في بلد يعيش الحرب وغير مستقر.
طرح هذا الأمر أمام المهتمين سؤالا جديا حول ذلك، فإذا كان البنك المركزي للنظام قادر على تجاوز أزماته الاقتصادية، فلماذا كان الانهيار المفاجئ خلال المرحلة السابقة؟، وهل هذه الخطوة في الانخفاض لها خلفيات سياسية؟.
خداع اقتصادي و"احتيال" المصرف المركزي
المحلل الاقتصادي الدكتور "ع. س" اسم مستعار من جامعة دمشق يقول في حديث خاص لنا هو الموضوع ما يلي:
إذا تتبعنا سير عملية انخفاض الدولار، نكتشف أن هناك خطة سياسية دعائية لذلك. فقد فرض المصرف المركزي على شركات الصرافة شراء مبلغ مليون دولار ومكاتب الصرافة مبلغ 100 ألف دولار ملحقا ذلك بعقوبات إغلاق الشركات والمصارف في حال تم رفض الشراء.
لكن الذي حدث كان عكس ذلك، فالشركات والمصارف تفضل الإغلاق على أن تشتري الدولار بالسعر الخيالي الي كان صرفه وقتها، مما اضطر إلى ضخ البنك المركزي للمبالغ الكبيرة من الدولارات.
ويتابع الدكتور حديثه: قد يبدو الأمر مفاجئا للبعض لكنه في الحقيقة غير ذات أهمية، فقد احتاج السوق وبحسبة اقتصادية سهلة إلى ما يقارب 25 مليون دولار كافية لإنعاشه وتسهم لفترة قصيرة. لكن النتائج الحقيقية سوف تظهر بعد فترة قصيرة جدا، إذ سيتطلب ذلك ضخ الكثير من الأموال حتى يستقر التوازن في سعر السوق من خلال تثبيت سعر الصرف.
ويضيف: الخطير في الأمر هو أن ما يجري هو دخول البنك المركزي في منافسة مع الشركات والمكاتب لشراء الدولار بما يحقق مكاسبه، وبالتالي سوف يعود صرف الدولار إلى أعلى من سابقه وقد يتجاوز حاجز 700 ليرة سورية للدولار الواحد قريبا.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن كل ما يجري يرتبط بـ "الحلقة الضيقة" للنظام من التجار ورجال الأعمال الذين يتحكمون في السوق السورية. والآن باتت القصة مكشوفة من خلال سحب العملة الأجنبية "الدولار" من السوق المحلية كمقدمة لانهيار جديد لليرة السورية.
في كافة الأحوال، يبدو أن النظام "على المستوى السياسي" بحاجة إلى تصدير صورة عن قوته وتحكّمه بمقدرات البلاد السياسية والعسكرية وبالضرورة الاقتصادية، لاسيما بعد موجة من عدم الرضا والتذمر من الشعب الذي سيخرج إلى الشوارع إن لم يجد القوت في بيته.
خسائر سوريا خلال الحرب تجاوزت 200 مليار دولار
وفي كل هذا، يرجح الخبراء أن انهيار الدولار في السوق السورية ليس إلا مقدمة للسقوط الأخير. مع أن الحديث عن توقعات الأيام القادمة سابق لأوانه.