أخبار الآن | بغداد – العراق – (رويترز)
شجع تدفقُ موجاتٍ غير مسبوقة من السائحين على منطقةِ الأهوار في جنوبِ العراق خلالَ الشهورِ القليلة الماضية سكانَ المنطقة على بناءِ أماكن من القصب الذي تشتهرُ المنطقة به
وصارت منطقة الأهوارمقصدا لقضاءِ العطلات للعراقيينَ والأجانب في السنواتِ الأخيرة بعد إعادة تزويدها بالمياه وضمها لقائمةِ مواقعِ التراث العالمي لمنظمةِ الأممِ المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في يوليو تموز 2016.
وتوفر منطقة الأهوار، التي يغذيها نهرا دجلة والفرات، أراضي للمزارع السمكية على الخليج وتضم أنواعا من الطيور مثل أبو منجل.
وتعد أيضا نقطة استراحة وتوقف لآلاف الطيور المهاجرة بين سيبيريا وأفريقيا.
وأقام صدام حسين، الذي اتهم سكان الأهوار بالخيانة خلال الحرب مع إيران بين عامي 1980 و1988، عددا من السدود وقام بتجفيف المنطقة في التسعينات لإخراج المتمردين الذين كانوا يختبئون وسط النباتات التي تنمو بالقرب من مياهها.
ويقول عرب الأهوار إن الحكومة دشنت في عام 2016 مشروعا استثماريا لبناء مرافق ترفيهية في المنطقة لجذب السائحين لها. وتشمل تلك المرافق بناء بيوت ضيافة تقليدية ومطاعم، لكن المشروع توقف بعد فترة قصيرة بسبب مصاعب اقتصادية، الأمر الذي دفع السكان المحليين للاعتماد على أنفسهم في استكماله.
ومن بين سكان منطقة أهوار الجبايش الذين بنوا مضايف لاستضافة زائري المنطقة رجل يدعى فائق حلو مزهر.
وقال مزهر لتلفزيون رويترز وهو واقف أمام مضيفه الجديد المقام من قصب مقوس "عدد السياح الذي جاء هائل، يعني جاء في نوروز تقريبا بلا مبالغة ٦٠٠٠ شخص، ٦٠٠٠ شخص ما تستوعب هذه المناطق. فالناس بدأت تبني المضيف، يبني الكفرة (بيوت البردي العائمة في الهور)، تبني هذا. الدولة من شافت هذا سوت (عملت) لنا هذا المشروع، المشروع كان مهمل هذا، فبدأت به، بإعادته، الحمد لله سووها (عملوها) من قصب، تراث والعمل يمشي شوي شوي".
وأوضح مزهر أن السائحين يفضلون الإقامة في بيوت تقليدية، مصنوعة بالكامل من القصب المأخوذ من المياه المفتوحة وبدون استخدام أي مسامير أو الخشب أو زجاج، أثناء زيارتهم للأهوار.
وأضاف مزهر الذي يستخدم ستائر لتقسيم المساحات داخل مضيفه التقليدي لمنح العائلات إحساسا بالخصوصية "السائح من يأتي ماذا يريد؟ يريد مكان قديم، يعني يريد القصبة، يريد الماء، يريد البردي، الموجودة هذه عندنا بالأهوار. إحنا إذا تجيبه (تأتي به) هو قاعد في بيت طابور وتجيبه تقعده (تسكنه) في بيت وتسوي له غرفة ومشتملات، هذا ما يجي يرتاح. هو يريد يقعد بقصبات، يقعد في بردية، يقعد على الجبايش (حصيرة مصنوعة من القصب) هاي نسميها، يعني يجي يرتاح".
من جانبه قال رعد حبيب، رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية إن المنطقة تحتاج إلى مشروعات استثمارية لبناء بنية تحتية للسياحة تضم فنادق واستراحات.
وأضاف حبيب "السياحة تحتاج إلى مقومات سياحية، المقومات السياحية لابد أن تكون عن طريق البناء والإعمار. تعرف الآن الدولة تمر بضائقة مالية، فأهالي المنطقة مشكورين هم اللي ينطلقوا انطلاقة جيدة والحمد لله والشكر انه الآن جاي تلاحظ انه أهالي المنطقة استثمروا الأماكن في بناء المضيف، مضايف الأهوار زادت يعني قبل عام ٢٠١٤ سوينا إحصائية ٥٥ مضيف، الآن تقريبا ما يقارب ٨٠ مضيف".
وأوضح رعد حبيب أن بناء بيوت من القصب يسهم في الحفاظ على الهوية المميزة للأراضي الرطبة ويعكس طريقة الحياة الطبيعية لقاطنيها.
وقال "من تذكر اسم الجبايش لازم تذكر الأهوار وتذكر القصب. أما إذا ما ذكرت الأهوار والقصب هذه لا تعتبر هوية الجبايش. فكلش لازم يبنى بالجبايش حتى يدل دلالة على عمق التاريخ وينقل ثقافة المنطقة. فكل هذا اللي شفته مصنوع من القصب هو يعبر عن المنطقة، عن حياة المنطقة، عن طبيعة المنطقة حتى السائح أو الشخص أو الزائر أو الضيف اللي ييجي للجبايش يلاحظ انه الطبيعة منعكسة على بناء الأهوار، على المطعم، على الحديقة، على الكوفي (المقهى)، هذا كله يعكس ثقافة المنطقة وبالإضافة الهدف الأساسي انه نحافظ على تراث المنطقة والأكثر إنه صديق، كل هذا البناء يكون صديق للبيئة، ما به أضرار".
ويعيش عرب الأهوار في المنطقة الرطبة منذ آلاف السنين لكنهم على هامش المجتمع العراقي. وقدرت دراسة عددهم بنحو 400 ألف في الخمسينات لكن فر مئات الآلاف منهم بسبب قمع صدام أو لأسباب اقتصادية.
وكانت منطقة الأهوار تغطي 9000 كيلومتر مربع في السبعينات لكنها تقلصت إلى 760 كيلومتر مربع بحلول عام 2002 ثم استعادت نحو 40 في المئة من المنطقة الأصلية بحلول عام 2005. ويقول العراق إنه يهدف إلى استعادة 6000 كيلومتر مربع في المجمل.