أخبار الآن | الموصل – العراق – (وكالات)
معركة أخري فاصلة تخوضها القوات العراقية المدعومة من قوات التحالف الدولي غرب الموصل، حيث أعلنت القوات استعدادها لبدء المعركة الحاسمة لاستعادة الجامع النوري الكبير بمدينة الموصل العراقية، وهو أحد المعالم والمناطق التي لا تزال تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي بالجانب الغربي من المدينة.
وتبدو أن أطماع تنظيم داعش الإرهابي ستنتهي من حيث بدأت، حيث يستمر تقدم الجيش العراقي ناحية الأحياء الخمسة " الزنجيلي، الشفاء، الصحة، باب سنجار، والمستشفى الجمهوري" بالإضافة إلى أجزاء من المدينة القديمة والجامع النوري الكبير، ما يشير لاقتراب موعد حسم المعركة لصالح القوات العراقية المكونة من قوات مكافحة الإرهاب وقوات الشرطة الاتحادية، وقوات البشمركة، وعناصر الحشد الشعبي.
وتعد استعادة الجامع النوري الكبير، نقطة تحول في مسار المعركة لصالح الجيش العراقي، نظرًا لأهمية الجامع التاريخية وموقعه الاستراتيجي، فضلًا عن أن الجامع هو آخر المناطق التي يحتلها داعش بالموصل منذ عامين، وأول مكان شهد خطبة لزعيم التنظيم الإرهابي " أبو بكر البغدادي".
الجامع النوري.. تاريخ الموصل العريق
ومنذ 9 قرون.. تأسس الجامع النوري على ثلاث سنوات على يد نور الدين زنكي، مؤسس الدولة الزنكية، حيث قرر زنكي إنشاء جامع ثاني بالموصل، بعد إعلان المصليين العراقيين عن غضبهم من ضيق الجامع الأموي أول الجوامع التي تأسست بالمدينة، ليأمر ببدء البناء والتشييد لمعمار الجامع عام 1173.
وفي عهد سيف الدين غازي الثاني حاكم الموصل وقتها، اتجه زنكي إلى المدينة وبسط نفوذه عليها، وشرع في إجراء عدة إصلاحات معمارية وتوسعات في معالمها، ليستكمل عملية بناء الجامع النوري الكبير، الذي منح المنطقة المحيطة به نفس الاسم حتى يومنا هذا.
ويعد أن استمع نور الدين زنكي بصفته حاكم الموصل الجديد لشكوي العراقيين من ضيق الجامع الأموي، وحاجة السكان لمساحة أكبر تستوعب المصليين التي بدأت أعدادهم في التزايد بمنتصف القرن السادس الهجري، بحث مع أهالي الموصل إمكانية تأسيس جامع بالمدينة، فنصحه البعض بالتوجه ناحية مساحة شاسعة غرب الموصل ووسط الأسواق، لتبدأ عملية التشييد والبناء للجامع، ويقرر بعدها توظيف المؤذنين والخدم بعد عامين من قرار البناء، ليصبح الجامع في شكله المعماري النهائي عام 1176.
واستكمالًا لخدمة أهالي الموصل، أمر زنكي بتشييد مدرسة ملحفة بالجامع النوري، ولكن تعرض الجامع ومعالمه للهدم والتخريب والتدمير أكثر من مرة، وكلن يعد احتلال المغول للعراق أكثر الفترات التي تعرض فيها الجامع للتخريب، وبعد أن دخل المغول لـ للعراق، وبسط سيطرتهم على الموصل في عام 1258، تأثر معمار الجامع النوري، ليعاد بنائه وإعماره وتنظيفه من جديد عام 1944.
المئذنة الحدباء.. من المغول إلى داعش
ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه، فحالة الدمار والتخريب التي شهدها الجامع النوري الأثري التاريخي على يد عناصر داعش الإرهابي بعد احتلاله الموصل في يونيو/ حزيران 2014، تشبه كثيرًا أثار الدمار التي خلفها احتلال المغول للمدينة نفسها في القرن الـ 13، وتعرض الجامع ومئذنته الشهيرة المعروفة باسم المنارة المحدبة نحو الشرق والتي يصل طولها لـ 45 م، لتخريب ودمار كبير على مدار العصور.
وتعد المئذنة الحدباء هي الجزء الوحيد الباقي من المعمار الأصلي للجامع، وتتميز المئذنة بهندسة معمارية تجمع بين المعار الآسيوي والمعماري الإيراني، وتتشابه مع أكثر من منارة بجوامع في أربيل وسنجار وماردين، حيث تمثيل عن الزاوية القائمة بعدة أقدام، رغم بنائها بشكل مستقيم وسليم من البداية.
وأطلق على المنارة الوحيدة الباقية من البناء الأصلي للجامع بهذا الاسم، نسبة لأحد ألقاب مدينة الموصل، لترجح بعض المصادر التاريخية أن السبب الرئيسي وراء انحناء المئذنة هي الرياح الغربية الشديبدة بالموصل، وأخرى تشير إلى تأثر المبني بالمياه الجوفية التي تحيط بالمنارة.
وتتراوح تكلفة الجامع النوري الكبير بين 60- 300 ألف دينار عراقي، وللجامع عدة أوقاف بينهم " العقر الحميدية – قيسارية الجامع – أرض خبرات الجمس"
ووفقًا لتصريحات أحد قادة الشرطة الاتحادية غرب الموصل، فإن خسائر تنظيم داعش الإرهابي، لا تتوقف فقط عند خسارة المناطق والمدن العراقية، لكن تمتد إلى الخسائر البشرية في صفوفهم منذ بدء معركة تحرير المدينة في الـ 17 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث خسر داعش 80% من مقاتليه في المعارك شرق وغرب الموصل، بالإضافة لخسارة العديد من العتاد والأسلحة، ما يؤكد على أن معركة تحرير الجامع النوري الكبير ستصبح من أشرس المعارك بين القوات العراقية وتنظيم داعش بالموصل.
إقرأ : داعش يحصّن الموصل القديمة مع اقتراب الجيش من جامع النوري
قتلى في قصف لداعش على حي العريبي شمال الموصل