أخبار الآن | العاصمة تونس – تونس – (أحمد اللالي)
يحتفلُ العالم اليوم الـ الثالث والعشرين من نيسان/أبريل باليوم العالمي للكتاب، تثيرُ هذه المناسبة العديد من المخاوفِ بسبب فقدان الكتب لقيمتها شيئا فشيئا، نظرا للمنافسة الشديدة من الوسائل الحديثة للتعليم والاتصال الرقمي، مما قد يعجل باندثارِ المهن اليدوية الخاصة بتجليدِ الكتب وصيانتها، والتي لا تستهوي عددا كبيرا من الشباب. محمد من تونس أخذ على عاتقه تجليد الكتب القديمة، ليُعيد لها بريقها من جديد.
يقال إن خير جليس في الأنام الكتاب، غير أنه قد فقد الكثير من قيمته في الزمن الحاضر، فقد هجرت الأجيال الجديدة مطالعة الكتب بشكل كبير، وأقبلت على اقتناء الأجهزة الرقمية والذكية لمواكبة العصر، هي لم تعد تكترث كثيرا لشأن الكتاب نظرا لتسارع نسق الحياة. ومع فقدان الكتب الكثير من قيمتها، تهجر المهن اليدوية الخاصة بصيانتها.
غير أن العم محمد بن ساسي لا يزال يعيش أيام الماضي في حاضره، هو مجلد يدوي تونسي، يتخذ من أحد أزقة المدينة العتيقة بتونس مكانا لورشته المليئة بالكتب القديمة، والمعدات الخاصة بصيانتها يمينا وشمالا. يفوح من ورشته عبق التاريخ المنبعث من الكتب القديمة الذي يأخذك بسحره إلى أصالة الماضي.
يبلغ من العمر 63 عاما، امتهن حفظ وصيانة وترميم الكتب القديمة لأكثر من أربعة عقود من عمره. يحمل نفسه المسؤولية التاريخية للحفاظ على مهنته التي هجرها آخرون لقلة الإقبال وضعف الطلب ويصر على حمايتها من الاندثار. تقاعد من وظيفته الإدارية الرّسمية سنة 2015 وأراد أن يمضي بقية حياته في ورشته الخاصة.
العم محمد هو آخر شخص يمتهن تجليد وصيانة الكتب تبقى في المدينة العتيقة بتونس، لم يهجر مهنته وظل متشبثا بها لسنوات، على الرغم من بعض فترات الركود. أصبحت له أكثر من مجرد مهنة؛ هي الشغف والنشوة بالنسبة إليه.
يطمح العم محمد إلى تمرير مهاراته الى الأجيال الحالية والقادمة، وهو يؤمن بدور الكتاب في رقي المجتمعات والأمم، وأن الكتب لن تندثر مهما تعددت أزماتها.