أخبار الآن | بيروت – لبنان (رويترز)
كان كريم دايا أحد آخر أصدقائه وأفراد عائلته الذين لا يزالون في لبنان. والآن وبعدما خسر وظيفته فقد شرع في حزم أمتعته استعداداً للهجرة.
قال كريم (27 عاماً) وهو خريج درس تصميم الجرافيك “صار اللي صار، اضطرينا نسكر (نغلق)، ومتل ما شايف هلق (الآن) أنا بلا شغل يعني، شركتنا كمان سكرت كذا فروع مطاعم يعني، وحتى المعاشات (الرواتب) كمان ٨٠ بالمية قبضونا يعني، والوضع عم بيسوء لقدام وين رايحين؟ مش معروف أبداً أبداً يعني”.
وتعكس مشاعره الإحباط الذي يعانيه الكثير من الشبان اللبنانيين المتضررين من أسوأ أزمة اقتصادية بالبلاد منذ الحرب الأهلية التي وقعت بين عامي 1975-1990.
وكانت سلسلة المقاهي التي عمل بها كريم تعاني حتى من قبل الاحتجاجات العارمة التي أثارها الغضب من الفساد والمحسوبية وأطاحت بالحكومة في الشهر الماضي. ووجهت الاضطرابات الأخيرة الضربة القاضية لها.
ويخطط كريم للسفر إلى بلغاريا حيث يعيش أخوته وذلك للبحث عن عمل في قرار حاول تأجيله من قبل. ولكن وفي ظل معاناة 37 في المئة من الشبان اللبنانيين من البطالة فإن الآفاق تبدو قاتمة.
وقال كريم دايا “خلاص بدي أهاجر صراحة، رايح ع بلد اسمه بلغاريا، الزعماء هيك بدهن إيانا يعني، ما بدهن حدا يبقى بها البلد. وإن شاء الله، الله بيوفقنى وكتير حازعل، حاشتاق كتير للبنان يعني صراحة، بلد خلقت فيه بس إنه ما فيه مستقبل بها البلد، ما فيه مستقبل أبداً، ولا حيصير يعني طول ما الزعماء باقيين ومتمسكين بالكراسي تعونهن يعني”.
والبنوك مغلقة في أنحاء لبنان وتجاهد الأنشطة التجارية حتى لا تضطر للتوقف.
وتمتلئ شوارع لبنان بمطاعم خاوية ومتاجر مغلقة. وأفلست المزيد من الشركات أو علقت أنشطتها وسرحت موظفين بالجملة في مساع للبقاء.
وقال موظفون في 15 شركة لرويترز إنهم فقدوا وظائفهم أو قلصت رواتبهم الشهر الماضي مع عشرات من زملائهم.
وقال بيير بطرس وهو مهندس يدير شركة للمقاولات ومصنعاً للأثاث “هالخنقة الاقتصادية وصلت لمرحلة وانفجرت. نحن بعدنا من الشركات التي استمرت حتى 2019”.
وأضاف “بالعجيبة، بمشاريع صغيرة وهيك،ونتفات نتفات عم نقدر نستمر، لصارت هيدي آخر حفلة، البنوك اليوم سكرت، المنشآت تبعنا وقفت، سيولة ما فيه، حتى لو إجاكي سيولة، التدفق النقدي تبعنا ما بيغطي حاله”.
واضطر بطرس لتقليص الرواتب وتسريح عشرات العمال في الأسابيع الأخيرة. ومن المرجح أن يسرح المزيد من الموظفين. وقد تراجع عدد موظفي الشركة إلى 70 فرداً من ذروة نشاطها قبل 2016 حين بلغ عدد موظفيها 425.
وإذا استمرت الأزمة قد يضطر بطرس لتجميد نشاطه.
وقال “وحاسين نحنا إذا الأزمة مطولة، وهيك هيئتها، ممكن نسكر (نغلق)، بنسكر لنجمد أنشطتنا، متل ما هي، بنحطها وبنقفل عليها متل ما هي. لنا مصاري، علينا مصاري، متل كأنه راح نغفا شهر، إثنين، ثلاثة، أربعة، لتحل الأزمة، بنرجع بنفتح متل كأن عم نفتح اليوم، بنجي بنقول شو عندنا، شو علينا، شو لنا، بنمسح الغبرة عن حالنا وبنبلش نشتغل”.
وتأتي خسائر الشركات بعد سنوات من انخفاض النمو، وشلل حكومي، وصراع إقليمي، وتوقف تدفقات رؤوس الأموال من الخارج”.
ومنعت البنوك، التي أغلقت أبوابها طوال نصف أكتوبر تشرين الأول، معظم عمليات سحب الدولار والتحويلات للخارج في محاولة لمنع هروب رؤوس الأموال. وأغلقت البنوك مجدداً هذا الأسبوع بعد إضراب للموظفين بشأن مخاوف على سلامتهم في ظل مطالب الناس بسحب أموالهم.
وأضر شح العملة الصعبة بالتجارة مما دفع الناس لتخزين السيولة في منازلهم، وضغطت على الليرة اللبنانية المربوطة بالدولار منذ 22 عاما.
ويقول ملاك الأنشطة التجارية إنهم يضطرون لتنفيذ معظم معاملاتهم نقدا في السوق السوداء حيث ضعفت الليرة بنسبة 20 بالمئة أمام الدولار مقارنة بالسعر الرسمي المربوط بالعملة الأمريكية.
ويطالب الموردون باستلام أموالهم بالدولار أو بالليرة بناء على السعر غير الرسمي الذي يغيره التجار بشكل يومي.
وقال علي وهو موظف مبيعات وأب لطفلين جرى تقليص راتبه بواقع النصف “ما بقى فينا نتحمل. بكرا حيصير في فوضى أكتر بكتير اذا ضل الوضع على ما هو عليه. وما في دولار بالبلد. أنا حياتي صارت كتير سيئة…مش قادر أصرف على أولادي، مش قادر أعيش أولادي العيشة اللي أنا بدي”.
وأضاف “لازم يرجعوا يوقفوا البلد على اجريه (رجليه) كرما لنحنا نقدر نتنفس، الشعب كتير عم ينضغط. ما بقى فيه يتحمل، بكره حتصير فيه فوضى أكتر من هيك إذا ظل الوضع على ما هو عليه”.
ولجأت عائلات لتخزين بعض السلع مثل الأغذية المعلبة والأرز والطحين. وقال عدة أفراد إن البنوك أبلغتهم بأن عليهم رد الديون بالدولار الأمريكي.
وفي ظل صغر حجم القطاع الصناعي ونقص الموارد، يعتمد اقتصاد لبنان على الواردات والتدفقات النقدية من اللبنانيين في الخارج التي تراجعت في السنوات الأخيرة مما تسبب في ضغوط على احتياطات المصرف المركزي من العملة الأجنبية.
وذكرت دراسة رسمية في وقت سابق من العام الجاري أن لبنان يصدر طلابا خريجين أكثر من أي بلد عربي آخر.
مصدر الصورة: REUTERS
اقرأ المزيد: