أخبار الآن | الخرطوم- السودان (بيانات تحليلية- نسمة الحاج)
بدأت قبل 4 أشهر محاكمة الرئيس السوداني -المعزول- عمر البشير، الذي حكم السودان لمدة 30 عاماً بقبضة من حديد، وسقط بعد 4 شهور من احتجاجات شعبية حاشدة انطلقت في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وأسقطته في 11 أبريل/ نيسان 2019، حيث أعلن الجيش خلعه عن السلطة وبدء مرحلة انتقالية لمدة عامين تنتهي بإقامة انتخابات لنقل السلطة.
وأصدرت المحكمة الجنائية السودانية في 14 دسيمبر/ كانون الأول الجاري، حكماً ضد البشير، يقضي بإيداعه لمدة عامين في مؤسسة إصلاح اجتماعي مع مصادرة الأموال التي تحصل عليها بطرق غير شرعية، وجاء ذلك على خلفية تهم تدينه بتداول النقد الأجنبي بشكل غير قانوني والتربح غير المشروع والثراء الحرام.
وأشار القاضي عند النطق بالحكم، أن أقصى عقوبة في التهمتين التي يحاكم عليهما البشير تبلغ 13 عاماً في السجن، إلا أن الحُكم خُفف على البشير، إلى عامين يقضيهما في مؤسسة إصلاح اجتماعي بسبب تجاوز سنه السبعين عاماً، إذ أنه يبلغ من العمر 75 عاماً. إلا أن الحكم المخفف أثار جدلاً واسعاً بين أفراد الشعب السوداني، الذين اعتبروا أن المحاكمة كانت “مسرحية” لإنقاذ البشير من السجن، ومنهم من اعتبر الحكم “تشريعاً لسرقة الأموال العامة والنهب لمن هم فوق السبعين عاماً”.
لكن الأمر لا ينتهي هنا، فطوال 3 عقود، ارتكب البشير، وحزبه، وقواته، جرائم لا تحصى ولا تعد في حق الشعب السوداني، شماله وجنوبه، قبل انفصال الأخير. فالبشير، مطلوب أيضاً لدى المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرتي اعتقال بحقه في عام 2009 وعام 2010، لتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية لما ارتكبه في ولاية دارفور غربي السودان، كما اتهم البشير بالتحريض والضلوع في قتل المتظاهرين في ثورة ديسمبر، وتم استدعاؤه مؤخراً لاستجوابه في دوره في انقلاب 1989 الذي أتى به إلى السلطة.
السجن لمدة عامين ومصادرة المبالغ المالية.. إليكم ما تم في محاكمة #البشير#السودان
إعداد: #محمد_سويلم pic.twitter.com/XNsmiRqPJu
— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) December 14, 2019
وفي هذا السياق، يذكر أن البشير تقلد كرسي الحكم عن طريق انقلاب عسكري ضد الحكومة التي كان يرأسها رئيس الوزراء الصادق المهدي في 1989، وتولى منصب رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني، تلاه رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية السودانية، ومنذ ذلك الوقت لم تتم أي انتخابات رئاسية حتى عام 2010، وفاز فيها البشير، بعد انسحاب المعارضة منها. إلا أن السودانيون خرجوا في مظاهرات واحتجاجات ضد البشير عدة مرات قبل ثورة ديسمبر الأخيرة التي أسقطته، ففي سبتمبر/ أيلول 2013، اندلعت احتجاجات شعبية واسعة في السودان ضد حكم البشير، حيث تظاهر السودانيون تنديداً بارتفاع أسعار المحروقات والمواد التأمينية، وتردي الأوضاع الاقتصادية بشكل عام، إلا أن قوات الأمن الحكومية مارست أساليب قمع مختلفة لإنهاء الاحتجاجات التي سقط فيها ما لا يقل عن 200 متظاهر على أيدي القوات الأمنية، بالإضافة إلى اعتقال وتعذيب واختطاف الكثير من المواطنيين. وفي عام 2015، أعلن البشير عن عدم رغبته في الترشح لمنصب الرئاسة في انتخابات عام 2015، إلا أنه لم يف بوعده حينها.
ما هي التهم التي يجب أن يحاكم عليها البشير؟
شملت مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية أمري اعتقال بحق البشير، الأول صدر في 4 مارس/ آذار 2009، والثاني في 12 يوليو/ تموز 2010، على إثر الصراع الدموي الذي تسبب فيه نظامه، والذي عذبت وشوهت واغتصبت خلاله، قواته وحلفاؤه، مئات الآلاف في إقليم دارفور منذ عام 2003، وبحسب منظمة العفو الدولية، فإن الرقم التقديري لعدد القتلى المدنيين نتيجة حرب دارفور تعدى نصف مليون شخص. بداية بعمليات الإبادة العرقية ضد قبائل الفور والمساليت والزغاوة، التي اعتبرها نظام البشير من الجماعات المسلحة التي تقاتل حكومته، ونهاية بالجرائم التي ارتكبها الجيش السوداني وميليشيا الجنجويد المتحالفة مع نظام البشير، وجهاز الأمن والمخابرات الوطني، حيث تعتبر المحكمة الجنائية الدولية أن البشير لعب “دوراً أساسياً” في تنظيم هذه الجماعات والأجهزة. كما كشف تحقيق أجرته منظمة العفو الدولي، أدلة مروعة تؤكد استخدام نظام البشير أسلحة كيميائية بشكل متكرر ضد المدنيين بمن فيهم الأطفال، على أيد القوات الحكومية السودانية.
وعلى صعيد آخر، كشف المكتب التنفيذي للنائب العام السوداني في بيان، عن تحقيقات جارية في جرائم تحت المادة 130 بتهمة القتل العمد والتي تصل عقوبتها للإعدام، والمتمثلة في “قتل المتظاهرين وانتهاكات حقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، بالإضافة إلى جرائم الاغتصاب والتعذيب والاختفاء القسري، فضلاً عن انقلاب 1989، ذلك بجانب تهم الفساد الأخرى التي تصل المبالغ الواردة فيها إلى مليارات الدولارات. كما طالبت النيابة العامة بضرورة تعديل المادة (27)(2) والمادة (33) والمادة (48) من القانون الجنائي لسنة 1989، المختصة بمنع تنفيذ حكم الإعدام على المدان الذي يفوق عمره 70 عاماً، مشيرة إلى أنه سبق أن تم توقيع الإعدام على شيخ تجاوز من العمر 70 عاماً في قضية رأي عام.
اقرأ المزيد:
السجن لمدة عامين ومصادرة المبالغ المالية.. إليكم ما تم في محاكمة البشير