أخبار الآن | إدلب – سوريا (تطبيق خبِّر)
“محمود غبيس” حكم وبطل دولي في رياضة كمال الأجسام وحائز على بطولات عالمية عدة، حطّت به الرحال بعد رحلة تهجير الغوطة الشرقية في القرية الطينية قرب بلدة عزمارين شمال غربي إدلب، وبدأ آنذاك بإنشاء حياة جديدة كان أولها المسكن ومن ثم العمل الذي يعيله في قضاء حوائجه.
بعد أن انتهى “غبيس” من بناء منزل لنفسه، راح يبحث عن عمل يناسبه حتى وجد ما كان يصبو إليه وهي وظيفة (مدرب رياضي) التي وهِبَ حياته من أجلها.
وقال “غبيس” لمراسل “تطبيق خبِّر” الميداني في إدلب “محمد العمر”: “بعد أن قدمت إلى مدينة إدلب ،واستقريت هنا في القرية الطينية على الحدود، بنيت منزلًا جديدًا لكي استقر وعائلتي فيه بعد رحلة الشقاء والتهجير، وبعد الانتهاء بدأت بالبحث عن فرصة عمل لأعيل بها عائلتي”، لافتًا الى أنه “استغرق وقتًا طويلًا في أثناء بحثه عن فرصة عمل حتى التقى مع شخص من بلدة عزمارين كان بصدد افتتاح نادٍ رياضي مختص في (بناء الأجسام)، وبحاجة الى مُدرب ليتابع شأنه والمُتدربين”.
هكذا بدأت قصة المدرب “غبيس” في إدلب، من إنشاء منزله وصولًا الى الوظيفة التي اختصَ بها طيلة حياته حتى أنه تعرّف في أثناء عمله في ذاك النادي على الكثير من الأشخاص من بينهم أناس لديهم أقارب من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ما دفع “غبيس” الى تخصيص جزءٍ من وقته ليقدم العلاج الفيزيائي بشكل مجّاني لعدّة أشخاص من أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة من بينهم أطفال قد تعرضوا لإصابات سببت لهم الإعاقة بعد فقدان أحد أطرافهم”.
وتابع قوله: “بعد فترة من الزمن ونتيجة توافد المتدربين للنادي الرياضي، عرض عليّ أحدهم مشكلة ولده وهي أنه غير قادر على تحريك يده بشكل طبيعي نتيجة لأذيّة عصبية، وطلبت منه رؤية الطفل، ومن بعدها أخبرتُ والده أنه من الممكن أن يحرك يده بشكل طبيعي، ولكن الأمر يحتاج منه المثابرة على التمارين، وبدأت آنذاك في تدريب الطفل وتقديم التمرينات المناسبة”.
خصص “غبيس” برنامجًا خاصاً لكل حالة من أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة لكون كل حالة تحتاج لعلاج مختلف عن الآخر، ومع التدريب المتواصل، ساهم “غبيس” في عودة الأشخاص للحياة الطبيعية تدريجيًا من بينهم الطفل “محمد” الذي كان قد تعرض لإصابة سابقة منعته من تحريك يده أو حتى مدّها”.
اثناء التدريب ومع مرور الوقت أصبح وضع الطفل “محمد” أفضل بكثير مما كان عليه سابقًا، وأصبح بامكانه استخدام يده جيدا أثناء التدريب واللياقة البدنية في منزله، أوشك على انتهاء العلاج الفيزيائي وفق ما تحدث لنا، ويقول: “بعد وقت من اجراء التمرينات اللازمة لي، بدأت أحرّك يدي بشكل سليم وجيد، بعد أن كانت شبه متوقفة عن العمل، ولا أستطيع أن أفعل بها شيئاً، مشيرًا الى أن ممارسة التمارين بشكل دوري وفق برنامج المدرب، كانت العلاج الفعال ليده وعودة حركتها الطبيعية كما في السابق”.
وفي السياق ذاته، قال أبو العلاء (مهجّر من الغوطة الشرقية، ويعاني من شلل رباعي في جسده نتيجة للإصابة التي تعرض لها في الغوطة الشرقية) “عندما كنت في الغوطة، تعرضت لإصابة بليغة أدت لشلل شبه تام في طرفاي السفليين، فيما كنت قادراً على تحريك يداي بضعة سنتيمترات عن الكرسي المتحرك، وأضاف: “بعد التهجير قدمت لهذا النادي وأشرف المدرب “غبيس” على علاجي، وأصبحت قادرًا بفضل التدريبات على رفع يداي للأعلى بشكل جيد، فيما لازالت قدماي بحاجة للمزيد من التمرين وإن وضعهما الحالي أفضل من السابق بكثير”.
يحصد غبيس نتائج عمله هذا من الفرحة التي يجدها في وجوه أصحاب الإصابة أو ذويهم بعدما فقدوا الامل من عودتهم للحياة الطبيعة نتيجة للواقع المعيشي الصعب في ادلب، والتكاليف الكبيرة التي تترتب عليهم في حال أرادوا العلاج.
وهنا يقول “غبيس: “اشعر أنني قد أنجزت شيئا جميلا عندما أرى وجوه ذوي الإصابات وهي تبتسم بعد ان استطاعوا تخطى الإعاقة التي رافقتهم لعدة سنوات، وخصوصا ان العديد منهم عاجز حتى على ان يخصص جزءا من مدخوله الشهري ليقدم العلاج لولده في أحد المراكز الخاصة”.
ويعتبر “غبيس” أن العمل الذي يقوم به هو واجب عليه في مساعدة أهله الجدد الذين قدم إليهم بعد تهجير الغوطة وانه مستمر في أداء ما يملي عليه ضميره تجاه كل محتاج وباستطاعته تقديم يد العون له.
رسالة من ذوي الاحتياجات الخاصة في محافظة بابل العراقية، نقلها لـ “أخبار الآن” مراسل “تطبيق خبِّر” الميداني في بابل “حيدر الجلبي”.
للمزيد: