أخبار الآن | بيروت – لبنان (خاص)
منذ الرابع من شهر أغسطس الجاري، ولبنان يعيش على وقع غليان لم يكن أقل من الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت في ذلك اليوم وخلف عشرات القتلى وآلاف الجرحى ودماراً واسعاً في العاصمة اللبنانية.
الواقع الأليم الذي يعشيه لبنان هو نتاج سيطرة حزب الله على الدولة اللبنانية كما يراه الكثير من المراقبين، دون أن ننسى بطبيعة الحال أن الشعب اللبناني حمل الحزب مسؤولية الانفجار الذي حدث في مرفأ العاصمة.
الكاتب الصحفي طوني بولس اعتبر في مقابلة مع “أخبار الآن“، أن ميليشيا حزب الله ساهمت في تأخر لبنان سياسياً واقتصادياً، متوقعاً أن يضطر الحزب إلى تقديم تنازلات على وقع الاحتجاجات الشعبية في البلاد والظروف السيئة التي تعيشها إيران، وقال: “حزب الله يمسك بالسلطة فقط، ولا يمسك بالشعب، هناك حالة من الانفصام بين السلطة والشعب، الشارع المنتفض من جهة والسلطة من جهة أخرى التي لا تعبر عن حقيقة الشعب ولا تمثل تطلعات الشعب اللبناني”.
وأردف: “حتى المجتمع الدولي لم يعد يثق في الدولة اللبنانية، فعلى سبيل المثال المساعدات الهائلة التي وصلت إلى لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت، تم توجيهها بشكل مباشر إلى الشعب اللبناني بعيدا عن أيادي السلطة، عبر الجمعيات ووكلائها داخل البلاد. طبعا تم تجنب السلطة لأن المجتمع الدولي يعرف أنها سلطة سارقة وفاسدة وناهبة لأموال الشعب وبالتالي فإن الشارع اللبناني والمجتمع الدولي لا يعترفان بالسلطة اللبنانية التي يمسكها حزب الله، فعمليا الحزب لا يمسك شيئا، فقط يمسك سلطة وقانون ومؤسسات فارغة يتحكم بها ويجعل منها ستارا أماميا له ولكنها فارغة من حيث المضمون”.
وتوقع بولس أن الأحداث الأخيرة ستجبر حزب الله إلى تقديم تنازلات قياساً أيضا إلى الظروف الصعبة التي تعيشها إيران الداعم الأبرز للحزب، وقال: “لا يستطيع حزب الله الاستمرار في حكم لبنان في الوقت الذي يعارضه فيه الشعب اللبناني بكل أطيافه، فلا يمكن للبنان والشعب اللبناني أن يخرج من أزمته السياسية والاقتصادية إلا بإجراء إصلاحات جوهرية في النظام السياسي وإخراج حزب الله من الحكم، وإذا استمر حزب الله بذات سياسيته فإنه سيسقط هو والسلطة التي يمسك بها وسيضطر مرغماً إلى الجلوس على طاولة المفاوضات مع الفرقاء الأخرين في لبنان”.
وتابع: “اتوقع أن يقدم حزب الله تنازلات قد ينتج عنها تسويات سياسية أو تغيير لبنية النظام في لبنان. اليوم قوة حزب الله هي استتباع لقوة إيران. حزب الله من دون إيران هو حزب بسيط جدا لا حول له ولا قوة، وليس له أي تأثير لا في لبنان ولا في المنطة وطبعا قوة حزب الله الحالية هي نتاج الدعم اللامحدود الذي تقدمه طهران للحزب من جميع النواحي سياسيا وعسكريا واقتصاديا وحتى معنوياً. وعلى ضوء ما سبق يمكن أن نتوقع أنه في ظل استمرار العقوبات المفروضة على إيران، وفي ظل كذلك الإرادة الدولية التي تسعى للحد من أنشطة طهران، فإنه يمكن القول فإن الحزب وإيران سيضطران في نهاية المطاف إلى تقديم تنازلات”.
وفي معرض إجابته عن أي إيجابيات رافقت إمساك حزب الله بالسلطة، أكد بولس أنه من اللحظة التي تسلم فيها الحزب مقاليد السلطة فإن لبنان بات رهينة للتراجع السياسي والاقتصادي، وقال: “طبعا لا يوجد أي إيجابيات لسيطرة حزب الله على الدولة اللبنانية، كل ما حصل منذ لحظة تسلم الحزب السلطة في لبنان، عبارة عن سلبياتمتتالية، فكلما زاد توغلاً في السلطة زاد انهيار الوضع في لبنان على المستويين السياسي والاقتصادي”.
وأدرف: “كلنا رأينا أن حزب الله عندما سيطر على السلطات الثلاث في لبنان، ونعني بذلك السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية فإن لبنان بات بلداً مارقاً
لا يوجد أي بلد آخر يتعاطى معه كما يجب. رأينا حكومة حسان دياب قبل استقالتها، وهي حكومة مسيطر عليها بالكامل من قبل حزب الله كيف كانت منفصلة عن الواقع بشكل كامل، لا الشعب اللبناني يعترف بها ولا الدول العربية ولا المجتمع الدولي”.
وكانت الحكومة اللبنانية برئاسة حسان دياب، قدمت استقالتها في العاشر من شهر أغسطس الحالي، بعد تفجر الشارع اللبناني على خلفية انفجار مرفأ بيروت.