أخبار الآن | لبنان – خاص
يشهدُ لبنان مرحلة صعبة في ظلّ تفشي فيروس “كورونا” المستجد، خصوصاً أن عدد الإصابات تجاوز الـ20 ألفاً، أمس الأحد، وفقاً لبيانات وزارة الصحة العامّة اللبنانية.
وازداد عدد الحالات بشكل ملحوظ وكبير خلال وبعد شهر أغسطس/آب الماضي، خصوصاً بعد كارثة انفجار مرفأ بيروت، الذي أدى إلى الكثير من التجمعات وازدحام المستشفيات التي تعاني أساساً من أزمة ماليّة كبيرة نظراً للتقلبات التي فرضتها أزمة الدولار في لبنان.
ورغم تمديد التعبئة العامّة في البلاد حتى آخر العام الجاري، فإنّ الإلتزام بالإجراءات الوقائية ما زال ضعيفاً، خصوصاً لناحية ارتداء الكمامات وتجنّب التجمعات، وذلك مع المطالبات الدائمة لوزارتي الصحة والداخلية بوجوب التزام المواطنين بالمعايير الوقائية المتبعة، لتجنّب الإصابة بالعدوى المنتشرة محلياً.
استبعاد لفتح المدارس.. وعدد الإصابات أعلى بكثير
ووسط الواقع القائم والصعب، فإنّ الأنظار تتجهُ إلى مدى قدرة لبنان على الصمود في معركته ضدّ “كورونا”، خصوصاً أنه يعاني من أزمة اقتصادية كبيرة ازدادت بشكل أكبر مع انفجار الميناء الذي كان يعتبرُ مصدراً أساسياً للأموال إلى البلاد، كونه يعدّ مرفقاً حيوياً.
ويقول النائب في البرلمان اللبناني بلال عبدالله في حديث لـ”أخبار الآن” أنّ “الدولة اللبنانية لم تتشدّد في الإجراءات المرتبطة بالفيروس المستجد، كما أنها لم تحاسب المخالفين، والأهم أنها لم تفرض الرقابة الشديدة على المصابين والمخالطين لهم، وهذه خطوة مهمّة جداً”.
وكشف عبدالله، وهو عضو في لجنة الصحة النيّابية في البرلمان، أنّ “عدد الإصابات في لبنان هو أعلى بكثير من المُعلن عنه رسمياً، ويمكن ضرب العدد الموجود بـ5 مرّات”، لافتاً إلى أن “الدولة مقصّرة جداً، خصوصاً أننا نعاني من تدهور في القطاع الصحي والإستشفائي في لبنان”، وقال: “الكثير من المستشفيات تعيش في ضائقة مالية وتشهد أزمة سيولة حتى قبل انتشار الوباء، لا سيما أن مداخليها بالليرة اللبنانية في حين أن جزءاً كبيراً من مصاريفها بالدولار الأمريكي”. وتابع: “هناك الكثير من المستشفيات أغلقت أقساماً عديدة وصرفت موظفين، وهذا أمرٌ يحتّم علينا أن نتعاطى بحذر، لا سيما أن المقومات الموجودة لدينا ضعيفة، ولهذا يستوجب الأمر الالتزام بالإجراءات الوقائية”.
وأشار عبدالله لـ”أخبار الآن” إلى أنه “يستبعد إعادة فتح المدارس والجامعات في لبنان”، وقال: “بناءً لقراءتي العلمية ولمستوى انتشار الفيروس، ومع النظر في مقومات القطاع الاستشفائي وقدرته على الصمود، فإن قرار إعادة فتح المراكز التعليمية ليس قراراً سهلاً أبداً. ومع هذا، فإنه لا يمكن النظر أبداً في تجارب الدول الأخرى التي أعادت فتح المدارس، لأن مقومات كل دولة تختلف عن الأخرى، علماً أن كل الدول حول العالم تعيشُ تخبطاً كبيراً وواضحاً، ولا يمكن اعتماد أي نموذج والسير به”.
وأوضح عبدالله أنّ “القطاع الصحي الحكومي يتحمل العبء الأكبر في معركة كورونا، وعلى القطاع الاستشفائي الخاص بشكل كامل أن ينخرط في مواجهة الوباء”، مشيراً إلى أنّ “هذا الأمر يفرضه واقع كورونا القائم في لبنان، باعتبار أننا دخلنا في مرحلة الانتشار المحلي”، وقال: “حالياً، نحن لا نستطيع وقف تفشي الوباء، ولكننا نعمل ليصبح ذلك أبطأ”.
ماذا عن الإقفال العام؟
وخلال شهر أغسطس/آب الماضي، أعلنت الحكومة اللبنانية فرض الإقفال العام لمدّة أسبوعين، لكنّ هذا القرار لم يقابله أي التزام واضح، خصوصاً أن المؤسسات تعاني من ضائقة اقتصادية، ولا يمكن الصمود في ظلّ الإقفال. وعن هذا الأمر، يقول عبدالله: “لا أؤيد إقفالاً عاماً بشكل كامل، ويمكن أن يكون هناك إقفال موضعي في مناطق تواجه طفرة في عدد الإصابات. الإقفال يستوجب منع الأماكن التي تشهدُ تجمّعات بالدرجة الأولى”.
إلى ذلك، رأى عبدالله أنّ “نسبة الإصابات بين الوافدين هي قليلة جداً مقارنة مع نسبة الحالات بين المقيمين، كما أن حركة الطيران إلى لبنان خجولة ومحدودة، والحديث عن إقفال مطار بيروت مجدداً غير وارد، لأنه المنفذ الأساسي لدخول الأموال إلى لبنان، والإبقاء عليه مفتوحاً هو ضرورة وحاجة اقتصادية كبيرة”.
نسبة الدخول المستشفيات انخفضت
من جهته، قال نقيب أصحاب المستشفيات الخاصّة في لبنان سليمان هارون أنّ “هناك عملاً دؤوباً ومستمراً ليصبحَ لدينا مستشفيات كثيرة تستطيع استيعاب أزمة كورونا، وذلك من خلال استحداث جناح خاص بالوباء مع كامل التجهيزات”، وأضاف: “المهم هو أنه في حال وصل مريض كورونا إلى المستشفيات، أن يتم الاهتمام به، ولهذا السبب المرافق الصحية الخاصة تقوم بتجهيز نفسها”.
ولفت هارون في حديث لـ”أخبار الآن” إلى أنّ “نسبة الدخول إلى المستشفيات الخاصّة تأثرت بشكل كبير، إذ انخفضت خلال الفترة الماضيّة”، موضحاً أن “المستشفيات التي تضررت جراء انفجار مرفأ بيروت، عادت تعمل ولكن بوتيرة ضعيفة، والعودة الكاملة لها تحتاج لأشهر عديدة”.
وناشد هارون اللبنانيين “الإلتزام بالإجراءات الوقائية”، كما علّق على مسألة تخطّي الإصابات للعدد الرسمي بالقول: “إنّ عدد النتائج الإيجابية له علاقة بعدد الفحوصات التي نقوم بها حالياً، والتي تصل إلى 7 آلاف فحص يومياً. وتلقائياً، فإنه كلما ارتفع عدد الفحوصات، ستظهر حالات أكثر. ولكن، الأكيد هو أن هناك إصابات أعلى من الرقم المعلن، كون الفحوصات التي نجريها عددها محدود، وبالتالي هناك إصابات لم تظهر بعد. أما الحديث عن حجم هذه الزيادة، فلا يمكن التكهّن به من دون أساس علمي”.