أخبار الآن | الخرطوم – السودان (تطبيق خبِّر)
أخيراً انطلقت امتحانات الشهادة الثانوية في السودان صباح الأحد، وذلك بعد تأجيلها لأكثر من مرة، فهى عادة كانت تنعقد في شهر أبريل/ نيسان من كل عام، ولكن نظراً لجائحة كورونا تم تعليقها إلى أجل غير مسمى، ومن ثم حدد لها موعد جديد، وجاء موسم الخريف، بفيضانات غير مسبوقة، دمرت العديد من المدارس والمنازل والبنية التحتية، وتعالت الأصوات المطالبة بتأجيلها مرة أخرى لضمان سلامة الطلاب. إلا أن وزارة التربية والتعليم أصرت على قيامها في موعدها الجديد، لتنهي بذلك أطول عام دراسي في السودان، تعاقبت عليه كل فصول السنة، وانطلق في السابع من يوليو/ تموز 2019 حتى الثالث عشر من سبتمبر/ تشرين الأول للعام 2020 .
أكبر مشكلة واجهت الطلاب رغم الوقت المهدر في الانتظار تمثل في جائحة كورونا وعدم توفر الاحترازات الصحية الكافية في المدارس، إلى جانب برمجة قطوعات الكهرباء التي لا تزال مستمرة، وتصل في اليوم أحياناً إلى أكثر من 10 ساعات انقطاع، فضلاً عن فيضان النيل ومشاكل ترحيل الطلاب من منازلهم إلى مراكز الامتحانات لشح الوقود، مما تسبب في خلق ظروف غير ملائمة للدراسة والتحصيل، وفقاً لكثير من الآراء التي استطلعها مراسل “تطبيق خبِّر” الميداني في السودان “عزمي عبد الرازق”.
وزارة التربية والتعليم أشارت إلى أن أن العدد الكلي للجالسين لامتحانات الشهادة السودانية في المساقين الأكاديمي والفني بلغ نحو نصف مليون طالب وطالبة، تم توزيعهم على (4125) مركزا داخل وخارج السودان. وذكرت الوزارة أن اليوم الأول مضى دون مشاكل تذكر. وان الامتحانات انطلقت في توقيتها بكل ولايات السودان.
وكان عدد من الاعلاميين ورجال المجتمع أطلقوا مبادرة تحت مسمى “وصلني معاك” تُعنى بتوفير السيارات لتوصيل الطلاب من بيوتهم إلى مراكز الامتحانات. وقال الدكتور عبد الوهاب السيسي أخصائي العيون وأحد أبرز الناشطين في المبادرة لمراسل “تطبيق خبِّر” الميداني في السودان “عزمي عبد الرازق”، “إن نقص الوقود وأزمة الموصلات والمحنة التي تعيشها البلاد أملت عليهم اطلاق تلك المبادرة لإنقاذ العام الدراسي”، وأضاف:” تواصلنا مع جهات حكومية ورجال أعمال ووفرنا مئات السيارات والباصات، وحددنا مسارات تحركها من الأحياء إلى مراكز امتحانات الشهادة في الخرطوم، مؤكداً أن المبادرة لم تقتصر على العاصمة وأانما انسحبت إلى كل ولايات السودان، وقد نجحت في ترحيل الطلاب خلال اليوم الأول بنسبة 90 ٪ وسوف تتواصل حتى نهاية الامتحانات، مشيراً إلى أهمية تضافر جهود المجتمع والدولة لمساعدة الطلاب الممتحنين.
وتداولت موقع التواصل الاجتماعي السودانية بكثافة رسائل تحث على انجاح المبادرة. تضمنت عبارة “لو صادفوك أولاد وبنات لابسين لبس المدرسة معناها ديل ممتحنين الشهادة الثانوية، كلنا عارفين الموصلات ما متوفرة عشان ظروف البلد، فياريت لو ناخدهم في سكتنا عشان يحصلوا الامتحان” وقد شاركت وحدات من الجيش والشرطة وقوات الدعم السريع في المبادرة بشكل جعل عدداً من الطلاب استطلعهم مراسل “تطبيق خبِّر“، يعربون عن سعادتهم وتبديد مخاوفهم، المتمثلة في عدم القدرة على الوصول إلى مراكز الامتحانات في الوقت المناسب. لكنهم اشتكوا بالمقابل من نقص في وجبة الفطور وعدم توفر الخبز والمياه الصالحة للشرب في بعض مراكز الامتحانات، مما يستدعي حملة أخرى موازية لتوفير وجبة غذاء واحدة على الأقل خلال اليوم.
وبالرغم من انه لأول مرة منذ حوالي عقدين من الزمن يتمكن طلاب محليتن في ولاية وسط دارفور غرب السودان من الجلوس للامتحانات الثانوية، إلا أن اليوم الأول بولاية جنوب دارفور شهد غياب 2169 طالب وطالبة، ورجحت مصادر غير رسمية أن يكون السبب في ذلك الغياب توقف العام الدراسي لفترات متقطعة، إلى جانب الغلاء والضائقة الاقتصادية مما دفع أعداداً كبيرة من الطلاب لترك الدراسة والتوجه لمجالات أخرى كالعمل في التعدين والتجنيد في الحركات المسلحة أو القوات النظامية، حيث تدور الحرب والصراعات الأهلية في إقليم دارفور منذ سنوات عدة.
وتبدو الحاجة لتوفير الكهرباء وحماية الطلاب الممتحنين من المدارس الآيلة للسقوط هاجساً يؤرق الاعلامية عزيزة عوض الكريم. فهى تنظر لقرار وزارة التربية والتعليم بقيام الامتحانات في هذا الموعد بأنه قرار خاطئ، وقالت عزيزة لمراسل “تطبيق خبِّر” وهى طبيبة نفسية وأم ايضاً لطالبة، إن “تأجيل امتحانات الشهادة السودانية لأكثر من مرة واختيار هذا التوقيت الصعب تسبب في عدم استقرار الطلاب نفسياً، وأصبحوا بالتالي غير مهيئين للتعامل مع امتحانات مصيرية على مستقبلهم، كما أن كل الظروف الحالية ضدهم، مثل سقوط المنازل ودمار المدارس وتلف الكتب والأدوات المدرسية والأزياء بسبب الفيصانات”، وأضافت عزيزة: “كان من المهم تبني مبادرة أخرى لتوفير وجبات الفطور المجانية داخل مراكز الامتحانات والضغط على الحكومة لعدم قطع التيار الكهربائي ليتمكن الطلاب من المذاكرة” لكن ذلك لم يحدث، وكل ما حدث أن الامتحانات قامت في موعد غير مناسب، ودون موافقة ولاة الأمور والطلاب، مما سينعكس بصورة سلبية في النتيجة النهائية”.