أخبار الآن | بغداد – العراق (أحمد التكريتي)
حتى عام 2003 كان العراق ممراً للمخدرات في المنطقة، لكنه تحول فيما بعد إلى منطقة استهلاك بسبب عمليات التهريب الكبيرة القادمة من إيران في جنوب العراق.
جميع هذه المخدرات التي تجتاح مدن جنوب العراق تأتي من إيران التي تعتبر العراق مصدراً أساسياً لاستهلاك ما تُصنّعه، خاصة تلك التي تُعرف بمادة “الكريستال”.
بدأت مادة الكريستال تبرز وتجتاح مدن الجنوب خلال العقد الأخير، وهذه المدن يسكنها الشيعة الذين يُعتبرون المتضرر الأساسي من المخدرات القادمة من إيران، إلا أن الميليشيات الموالية لها تمنع وتُحذر من الحديث بهذا الشأن.
في عام 2019 أعلنت مفوضية حقوق الإنسان في العراق تسجيل أكثر من سبعة آلاف محكوم بقضايا المخدرات منهم 125 من الإناث.
وقال عضو مفوضية حقوق الإنسان، فاضل الغراوي، إن “أغلب أنواع المخدرات التي يتعاطاها المدمنون هي مادة الكريستال بالدرجة الأولى”.
وقال ضابط في شرطة محافظة البصرة القريبة من إيران، إن “المخدرات تجتاح المحافظة وبقية محافظات الوسط والجنوب، ومصدر كل هذه المخدرات إيران، وهناك من يتعاون معها في الداخل وهم أصحاب نفوذ”.
وأضاف، أن “السجون في المحافظة امتلأت بالمدمنين والتجار الصغار الذي يُتاجرون بمادة الكريستال التي بدأت تُصنع في العراق بعدما كانت تأتي من إيران، لكن التجار الكبار لا أحد يستطيع الوصول لهم، فهم محميون من متنفذين في الدولة وجماعات مسلحة”.
وأشار الضابط إلى أن “العراق لم يعد يستهلك المخدرات فحسب، بل وصل إلى مرحلة تصنيعها أيضاً، فهناك معامل موجودة في منازل وفي مقار جماعات مسلحة تقوم بتصنيع هذه المادة”.
أرقام مخيفة
حصلت “أخبار الآن” على معلومات من مصادر حكومية عراقية تُشير إلى أن “العدد الكلي للموقوفين والمحكومين في العراق خلال عامي 2017 – 2018 بلغ 7358 محكوماً عدا إقليم كردستان للعامين”.
من بين هؤلاء هناك 79 من الإناث، وسجلت محافظة بغداد أعلى نسبة لتعاطي وتجارة المخدرات بواقع 3435 موقوفاً تليها محافظة البصرة بواقع 1452 موقوفاً ثم محافظة الديوانية بواقع 602 موقوفاً.
وبحسب الإحصائية، فإن الذكور أكثر تعاطياً للمخدرات بنسبة (89.79%) أما الإناث فتبلغ نسبتهم 10.2%، كما بينت أن الفئات العمرية الأكثر تعاطياً هي فئة الشباب وتحديداً من 29-39 سنة بنسبة 40.95%، تليها الفئة العمرية من 18-29 سنة بنسبة 35.23%.
لماذا جنوب العراق؟
قال سياسي عراقي يخشى ذكر اسمه لأسباب أمنية، إن “إيران تسعى إلى قتل شباب جنوب العراق من خلال المخدرات التي تُصدرها إليه والتي تُتاجر بها ميليشيات مقربة ومسنودة منها، وهي تهدف من خلال ذلك إلى اشغال الشباب وإبقاء تحكمها من خلال ميليشياتها في كل شيء”.
وأضاف، أن “جنوب العراق يمثل لإيران عمقاً استراتيجياً لا يُمكن التفريط به، لذلك تُحاول اشغال شبابه بالسلاح والانتماء للميليشيات وبالمخدرات التي بدأت تقتل الشباب بشكل كبير وتورط غالبيتهم في قضايا السلاح والتهريب”.
ما هي طُرق إدخال المخدرات؟
منفذ “الشلامجة” في محافظة البصرة والذي يُعتبر منفذاً رسمياً هو إحدى المعابر التي تستخدمها إيران لإدخال المخدرات إلى العراق، لكن هذا المعبر ليس الوحيد الذي تستخدمه، فهناك منفذ “مندلي” في محافظة ديالى المحاذية لإيران.
يتم إدخال هذه المخدرات وفقاً لمصادر أمنية تحدثت لـ”أخبار الآن” مع المواد الزراعية، ومرة مع نعوش الموتى”.
وقال إن “هذه العمليات لا تكون في كل وقت، بل في أوقات سيطرة متنفذين من أعضاء ميليشيات وموظفين في المنافذ الحدودية مدعومين من قبل أحزاب موالية لإيران، وهناك في محافظة ديالى جماعات مسلحة مختصة بهذه العملية”.
ومن بين الطرق التي يشرحها المصدر لإدخال المخدرات من إيران إلى العراق هي الطائرات المسيرة، فعصابات المخدرات وفقاً لقوله تستخدم هذه الطائرات لنقل المخدرات من الشريط الحدودي بين البلدين وتستخدمها فيما بينها وبتنسيق عال.
وبشأن سبب استخدام الطائرات المسيرة، أوضح المصدر الأمني، أن “استخدام الطائرات المسيرة يعود إلى تشديد الإجراءات الأمنية من قبل القوات العراقية”.