أخبار الآن | الإمارات العربية المتحدة
ينام ويصحو سكان المنطقة المغاربية على وقع الجرائم.. جرائم بشعة أبرزها القتل والإغتصاب.. ويحدث أن لا يكتفي الجاني بذلك.. بل ينكل بجثة ضحيته بطريقة تؤشر عن حقد أو مرض نفسي خطير.
عثر في الجزائر بمنطقة الثنية (ولاية بومرداس) على جثة مفحمة لدرجة صعب معها التعرف على هوية الشخص، واليوم الأحد تم الإعلان عن تحديد هويتها وهي فتاة صغيرة تبلغ من العمر ( 19 عاما ). ونقل الإعلام الجزائري أن الجثة تعود للمواطنة الشابة “شيماء سدو” تم اختطافها ثم إغتصابها وقتلها، ليقوم الجاني بعدها بحرق جثة الضحية بطريقة بشعة، حيث تفحمت لدرجة استغرق المحققون وقتا للتعرف على هويتها .
ووفق ما نقلته تقارير صحف محلية فإن شيماء التي تقطن بالرغاية بضواحي العاصمة الجزائر تلقت تهديدات من قبل شخص، أمرها بملاقاته خارج بيتها.. قبل أن تختفي منذ أسبوع قضاه أهله في البحث عنها. ليتم العثور عليها بعدها جثة متفحمة في محطة مهجورة بمدخل مدينة الثنية بولاية بومرداس المجاورة للعاصمة. ونقل الإعلام الجزائري عن والدة شيماء أن ابنتها أخبرتها يوم الجريمة بأنها ستغادر المنزل من أجل الذهاب لسداد فاتورة هاتفها الجوال، وكانت تخفي ملاقاة الشخص الذي هددها خوفا من رد فعل عائلتها.
الجريمة هزت الرأي العام في الجزائر، ونشر رواد مواقع التواصل الإجتماعي صور الفتاة الضحية مرفوقة بعبارات التعازي ودعوات لتطبيق حكم الإعدام، مع العلم أن حكم الإعدام مجمد في الجزائر منذ بداية التسعينات بسبب ملفات الإرهاب.
وتعليقا على هذه الجريمة الشنعاء طالب الصحفي الهادي بن حملة بمعاقبة قاتل شيماء ” بالإعدام حرقا في ساحة عمومية “، وتساءل عما آلت إليه الشكوى التي تقدمت بها والدة شيماء في 2016 ضد مغتصب ابنتها يومها، الذي كرر اليوم فعلته قبل ان يقتل ضحيته ويحرق جثتها. بدوره كتب المحامي طارق مراح : ” الجريمة التي وقعت بمدينة الثنية في حق هذه البنت البريئة، غاية في الفظاعة و البشاعة .. إستدراج و إحتجاز زائد إغتصاب زائد تعذيب زائد قتل زائد حرق .. و لا حول ولا قوة إلا بالله ! “.
جرائم متزامنة في المنطقة المغاربية!
جريمة قتل شيماء بالجزائر ليست جديدة عن المنطقة المغاربية من حيث بشاعتها أو استهدافها للفئات الهشة (أطفال وفتيات)، فقبل أيام قليلة اهتزت تونس والمنطقة المغاربية على وقع جريمة بشعة أخرى راحت ضحيتها ” رحمة لحمر” التي اختطفها أحد المسبوقين قضائيا واغتصبها قبل أن ينكل بجثتها. وهي الجريمة التي أغرقت مواقع التواصل الاجتماعي بدعوات للعودة إلى تنفيذ حكم الإعدام في تونس، وفجرت جدلا واسعا انخرط فيه حتى الرئيس التونسي قيس سعيد الذي دعا إلى تطبيق عقوبة الإعدام وقال: ” من قتل نفسا بغير حق جزاؤه الإعدام “.
وقبل هذه الجريمة وبعدها شهدت تونس جرائم أخرى راح ضحيتها شباب ونساء وأطفال.. جمع التونسيون صورهم ونشروهم على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم هاشتاغ ” #طبق_الإعدام “. وقبل جريمة رحمة التونسية بفترة قصيرة اهتزت المنطقة المغاربية على وقع جريمة اختطاف واغتصاب وقتل الطفل عدنان المغربي الذي عثر على جثته الصغيرة غير بعيد عن مكان سكن عائلته في طنجة.
موريتانيا هي الأخرى شهدت عددا من جرائم الإتصاب في حق العديد من النساء خلال الفترة الاخيرة، ما دفع نشطاء وناشطات للتظاهر مطالبين بحماية المرأة وسن قوانين تردع الجناة مرتكبي هذا النوع من الجرائم . ولا يزال الموريتانيون مصدومون لمقتل شابة استدرجها أحدهم ( 40 عاما ) بحجة توفير عمل لها، فقام باغتصابها وقتلها ودفنها في مكان مهجور، فنهشت الكلاب المفترسة جثتها . و قضت المحكمة بإعدام الجاني قصاصاً .
درس للأسر المغاربية
حذر الصحفي والناشط الجزائري إيدير دحماني الأسر الجزائرية والمغاربية عموما ودعاها لتحفظ الدرس جيدا بالاعتبار من قصة شيماء التي رواها كما يلي ” تعرضت شيماء للاغتصاب سنة 2016، وعلى غير العادة، شيماء لم تسكت، تقدمت بشكوى للقضاء، وتحصّلت على حقها. المجرم عوقب بالسجن، عاشت شيماء جحيم التهديد من والدة الجاني خلال فترة سجنه، تارة بالقتل وتارة أخرى بالانتقام. خرج المجرم من السجن واختطفها بالرغاية، استفرد بها وقام بضربها حتى أغمي عليها، وأعاد اغتصابها ثم قام بذبحها وحرق جثتها، بسبب التفحم، استغرق التعرف على الجثة طويلا من قبل أجهزة التحقيق الأمنية. كل هذا الانتقام لأنها أقدمت على تقديم شكوى ضده متهمة إياه بالاغتصاب. اليوم صباحا تعرفت والدة شيماء على جثة ابنتها وهي تعرف من اغتصبها ثم قتلها. هذا درس رهيب للعائلات و للقضاء وللأطفال. نتمنى أن يحفظ الجميع هذا الدرس.. أخذ الحيطة و عدم ترك حرية كاملة للأطفال خاصة البنات وبصفة خاصة في عمر المراهقة.. من الضروري التحدث مع الأطفال وتحذيرهم قبل ان تقع المصيبة. ” كما اعتبر إيدير أن جريمة اليوم ” درس للقضاء لأن الجاني كان قد حكم و أدين و سجن لنفس الجريمة. يجب أن يكون للقضاء آلية مراقبة “جرائم العود” (أي الجريمة التي يعود مرتكبها لإرتكابها مرة أخرى).
الحقوقيون يرفضون إعدام “الجناة ”
بعد سلسلة الجرائم التي هزت المنطقة المغاربية مؤخرا توحدت أصوات الكثير من المغاربيين المنادية بتطبيق حكم الإعدام في حق ” الجناة ” مرتكبي هذا النوع من الجرائم البشعة، خاصة الإغتصاب والقتل في حق الأطفال والنساء . وتم إطلاق عدة حملات على الفايسبوك على غرار ” طبق الإعدام ” #القصاص هو الحل ” وغيرها.. لكن ككل مرة ترتفع فيها أصوات منادية بالإعدام.. ترد أصوات الحقوقيين الرافضين لهذه العقوبة، والمدافعين عن ” الحق في الحياة ” من منظور حقوقي. ففي تونس انتقدت 28 منظّمة وجمعيّة تونسية غيرحكوميّة في بيان الداعين لعودة تطبيق عقوبة الإعدام في تونس معتبرة ذلك إنتهاكا للحقّ في الحياة . ودعت الجمعيّات إلى فتح حوار وطني شامل حول ظاهرة الجرائم الخطيرة وتفاقم العنف لتفكيك واجتثاث جذورها وطرح الحلول الناجعة للحدّ منها. مؤكدة أنّ استفحال العنف والجرائم البشعة، أمر لا تنفرد به تونس، و يفسر ذلك – حسبها – بعوامل مُتعدّدة سياسية واجتماعية ونفسية وتربوية وثقافية، وهو ما يدعو جميع الأطراف المتداخلة لمعالجتها معالجة جذرية بدل اعتماد خطاب تحريضي واتهامي أُحادي الجانب.
بعد سلسلة الجرائم البشعة في حق الأطفال والنساء الذين يتعرضون للإغتصاب والقتل.. هل ستتم الإستجابة لصوت الشارع المطالب بإعدام المتورطين في هذه الجرائم وتتم العودة لتطبيق عقوبة الإعدام في البلدان المغاربية خاصة تونس والمغرب والجزائر.. أم أن الكلمة الأخيرة ستكون للحقوقيين الرافضين لهذه العقوبة؟