بدأت نورهان عامها الثالث والأخير في المدرسة الثانوية الأسبوع الماضي (17 تشرين الأول/ أكتوبر)، بترقب كبير لمعرفة ما ستدرسه العام الجاري عن محطات الطاقة الشمسية. يحدوها الأمل أمل بإكمال هذه المعرفة في العام المقبل عبر الالتحاق بكلية الهندسة جامعة أسوان قسم الطاقة المتجددة، كي تحقق حلمها بالعمل في محطة بنبان، أكبر محطة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في العالم، التي ستنتج مع اكتمال جميع محطاتها 1456 ميجاوات من الكهرباء.
في المدرسة انضمت نورهان إلى 46 طالبة أخريات تخصصن في الطاقة المتجددة،. وفي سطح المبنى، وقفت إلى جوار صديقتها فاطمة حسن أمام ألواح الطاقة الشمسية والتي تزود معامل المدرسة بالطاقة اللازمة، وذلك ضمن فترة التدريب العملي التي تم تحديدها بيومين أسبوعياً. وأشادت أمام المراسل الميداني ل“تطبيق خبّر” في مصر إبراهيم مصطفى، بتخصيصالمدرسة وقتاً مناسباً للتدريب العملي.
كما أوضحت نورهان أنها اختارت التعليم الفني عوضاً عن التعليم العام، لأنها رأت في مجال الطاقة الشمسية فرصة لمستقبل مشرق وفرص عمل، خاصة في محطة بنبان التي لا تبعد كثيراً عن منزلها في مدينة أسوان. وأكدت أنها تتطلع لأن تكون مهندسة في المحطة بعد استكمال دراستها الجامعية في كلية الهندسة قسم الطاقة المتجددة.
أما زميلتها فاطمة، فأكدت لمراسل “تطبيق خبّر” أن أسرتها شجعتها على التوجه للتعليم الفني عوضاً عن الثانوية العامة، مشيرة إلى أن نصف الفتيات من زميلاتها توجهن للتعليم الفني بعد المرحلة الإعدادية، ومن بين 110 طلاب في قسم الطاقة المتجددة بمدرسة “محمد حسين هلال” توجد 47 طالبة.
في نفس الصف مع فاطمة ونورهان، جلس عمر في المعمل يجرب كيفية عمل نموذج مصغر لمحطات الطاقة الشمسية. وروى لمراسل “تطبيق خبّر” إبراهيم مصطفى كيف حوّل مشروع بنبان أنظاره من التعليم العام إلى التعليم الفني، على الرغم من التحاق أشقائه بكليتيّ الطب والهندسة. وقرراه هذ اتخذه بعدما رأى وزملائه في هذا المشروع مستقبلاً مشرقاً لهم ولأسوان. وأضاف عمر أن الإقبال من جانب الناجحين في الشهادة الإعدادية قبل عامين، رفع مستوى التنسيق لمدارس الطاقة المتجددة بالتعليم الفني لتقبل الحاصلين على أكثر من 260 درجة من أصل 280، ما حول فصول الطاقة المتجددة إلى قسم للأوائل. وأشار إلى أن مدارس الطاقة المتجددة تتميز بوجود معامل وتدريب عملي يساعد فيما بعد على الالتحاق بالعمل في محطات إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة.
أما زميله محمد إبراهيم، فبيّن تشجيع أسرته له على اختيار التعليم الفني، قائلاً: “قالوا لنا أن بنبان أكبر مصنع في العالم وفيه مرتبات ومستقبل”. واتفق كل من محمد وعمر على أن خطوتهما المقبلة هي كلية الهندسة جامعة أسوان، قسم الطاقة المتجددة.
تشتهر محافظة أسوان أقصى جنوب مصر بالآثار الفرعونية، لكنها الآن تحاول استخدام ثروة أخرى لم تُستغل من قبل هي الشمس الساطعة بقوة طوال العام، من خلال أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم بمنطقة “بنبان” التي من المخطط أن تنتج كهرباء بقدرة 1456 ميجاوات، أي ما يعادل 90% من قدرة السد العالي. وقد دخل منها حتى نهاية العام الماضي 32 محطة طاقة شمسية، ويتوقع أن تصل إلى 40 محطة نهاية العام الحالي.
ويؤمن مشروع بنبان للطاقة الشمسية حتى الآن حوالى 20 ألف وظيفة دائمة ومؤقتة، مع توقعات بارتفاع فرص العمل مع اكتمال بناء كل المحطات فيه. ومثلما يؤمن المشروع مستقبل مصر في الطاقة الكهربية، فإن مدارس التعليم الفني بأسوان تؤمن مستقبل العمل في المشروع الأضخم بالعالم في مجال الطاقة الشمسية، إذ تُخرج شباب وفتيات قادرين على العمل فنيين في المحطة أو مهندسين إذا أكملوا الدراسة الجامعية.
يذكر أن فصول الطاقة المتجددة بمدرسة محمد حسين هلال للتعليم الفني بدأت عام 2018 بتمويل من الاتحاد الأوروبي، عبر برنامج دعم وتطوير التعليم الفني والتدريب المهني في مصر. وهي واحدة من 5 مدارس أخرى بالمحافظة، يوجد بها قسم للطاقة الشمسية، بإجمالي يفوق 600 طالب.