أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة
تستغل التنظيمات الإرهابية المتطرفة الأزمات من أجل توظيفها بهدف الوصول إلى اهدافها، عبر التسلق على الأزمات لتعظيم مكاسبها، لكن هذه التنظيمات بدأت تفشل في هذه المساعي رغم محاولاتها المستمرة، بسبب الوعي المجتمعي من خطورتها وإرهابها وإجرامها الذي تمارسه باسم الدين.
ومن أبرز الأزمات التي حاولت الجماعات الإرهابية المتطرفة استغلالها، هي “جائحة كوفيد- 19” التي تعد واحدة من أبرز الأزمات في القرن الراهن، والتي حاولت معظم التنظيمات الإرهابية استغلالها من أجل الوصول أهدافها الإجرامية سواء من خلال تجنيد أكبر عدد من الأفراد من خلال المنصات الرقمية أو تشويه صورة الانظمة الحاكمة من أجل تأليب الرأي العام ضدها.
وقال الخبير في الشؤون الأمنية موفق كمال لـ “أخبار الآن” : إن “تنظيم داعش الإرهابي يحاول دوما تصوير كورونا على أنه عقاب إلهي لا سيما في ظل عدم اكتشاف علاج أو لقاح للمرض حتى الآن”، مشيراً إلى أن التنظيم يمكن أن يكون قد استغل المرض في نشر أعضائه المصابين بين الناس ضمن ما يسمى بالإرهاب البيولوجي”.
وتابع كمال: “التنظيم اليوم عاجز عن التمدد أو بناء نفسه من جديد .. حتى ولو كان يسعى إلى النشاط مجددا في الميدان لا سيما في المناطق التي تعاني من ضعف أمني بسبب النزعة الإجرامية الموجودة لدى أعضائه”.
وفي هذا الاطار، قال الباحث في شؤون التنظيمات الإرهابية منار الرشواني لـ “أخبار الآن” إن “هناك مخاوف من المؤسسات الحكومية والبحثية لاستغلال التنظيمات الإرهابية لفيروس كورونا”، معتبراً أنه وعلى الرغم من إمكانية استغلال التنظيم الإرهابي للوباء، إلا انه من غير المستبعد أنه في حال ظهور الوباء بين أعضاء التنظيم فقد يضعف ذلك التنظيم”.
وتابع أن التنظيمات الإرهابية تحاول نشر فكرة أن الأوبئة عقاب إلهي كونها تؤمن بان من لا يتبع نهجها ليس مؤمنا، من أجل بث الأفكار المرعبة لدى الناس.
وأضاف الرشواني: ” لا يعرف حتى الآن إلى أي مدى يمكن للإرهابيين توظيف الفيروس كسلاح لكن يجب العمل بسرعة على احتواء كورونا حتى لا يستغله التنظيم الإرهابي والتنظيمات المتطرفة الأخرى”.
من جهته، قال مدير عام مركز تريندز د. محمد العلي في دراسة له نشرت على موقع المركز إن “حركات الإسلام السياسي تشترك بوجه عام في سمة “الاستغلال السياسي للأزمات” وتوظيفها سواء للوصول إلى السلطة أو التحريض ضد الأنظمة الحاكمة ومحاولة تشويه صورتها أو في التغلغل في المجتمع وبناء قاعدة شعبية لها، وخاصة ضمن أوساط الطبقات الفقيرة والمهمشة”.
وأضاف د. العلي أن “توظيف جماعات الإسلام السياسي لجائحة كورونا اتخذ العديد من المظاهر ولعل أبرزها محاولة استغلال الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة الناجمة عن هذه الجائحة في تعزيز تغلغلها في المجتمع”، فضلا عن محاولة تديين بعض القرارات و”إسباغها ببعد سياسي”، كقرار إغلاق المساجد، واستغلاله في تشويه صورة الحكومات العربية، باعتبارها “تعادي” الدين.
كما أبرز الباحث د. أشرف العيسوي في ورقة بحثية له حول ذات الموضوع نشرت من قبل مركز تريندز، قائلاً إنه “وجراء انشغال دول العالم بمواجهة وباء كورونا المستجد سعت العديد من الجماعات المتطرفة في أكثر من منطقة إلى إثبات أنها ما تزال قادرة على الفعل والحركة، حيث دعا تنظيم “داعش” عناصره لاستغلال الوباء لتنفيذ عمليات إرهابية في العالم”.
وتابع العيسوي أن التنظيم الذي خسر مناطق نفوذه الرئيسية في كل من العراق وسوريا وتم اغتيال زعيمه أبوبكر البغدادي والعديد من قياداته الميدانيين يحاول استغلال هذا الوباء في إعادة تنظيم صفوفه مجدداً، وكسب نقاط قوة جديدة، خاصة مع إعلان التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” الذي تقوده الولايات المتحدة في 20 من مارس 2020 سحب بعض قواته في العراق وإعادة تمركزها خوفاً من تفشي فيروس كورونا المستجد بين قوات التحالف.
وزاد أيضاً أن “جماعات الإسلام السياسي حاولت استغلال انشغال العالم بمواجهة كورونا في تعزيز مكاسبها، خاصة في مناطق الأزمات، في مؤشر صارخ على الانتهازية السياسية التي لا تعرف معنى للأخلاق والإنسانية”.
كما ظهرت دعوات الشماتة من قبل التنظيمات الإرهابية في هذا المجال؛ إذا كشفت المراكز البحثية والإعلامية أن التنظيم الإرهابي وباقي التنظيمات الإرهابية لم تترك مجالًا إلا واستغلته لمحاولة كسب تأييد الشباب وتجنيدهم.
وكان تنظيم داعش الإرهابي نشر مقالات افتتاحية في العددين 220، 223 من صحيفة “النبأ” التابعة للتنظيم المتطرف بعنوان: “إن بطش ربك لشديد”، و”ضلَّ من تدعون إلا إياه” أظهر التنظيم خلالهما الشماتة من انتشار الفيروس، على الرغم من أن الفيروس هو بمثابة مرض وليس دعوة للشماتة.
وكانت وثيقة استخباراتية صادرة عن وزارة الداخلية العراقية كشفت سابقاً أن “تنظيم داعش الإرهابي سعى إلى تجنيد عناصره المصابين بفيروس كورونا، ونشرهم في عموم محافظات العراق، واستخدام هؤلاء المصابين كقنبلة بيولوجية بشرية، مخالفين بذلك أحكام الشرع الشريف التي جاءت لحفظ الإنسان والأكوان، حيث يقول الله عز وجل: ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها”.
ويرى مختصون أنه التنظيف حاليا يعاني من ضعف كبير في الإقناع أو التأثير حتى لو استغل أزمة كورونا الأمر الذي قد يشكل خطوة أولى نحو تلاشيه نهائياً.