كغيرها من القطاعات، استطاع فيروس كورونا المستجد أن يفرض قانونه الاقتصادي الخاص به، وأثر سلباً على إحدى أهم وأعرق المكتبات، التي تقع في محيط شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة التونسية، وتُعرف محلياً باسم “كهف علي بابا”.
تُمثل المكتبة إرثاً تاريخياً وحضارياً للشعب التونسي، لذلك واظب عشرات التونسيين، منذ السبت الماضي على زيارة المكتبة لشراء الكتب القديمة والجديدة لإنقاذها من شبح الإفلاس، والمساهمة في بقاء أبوابها وردهاتها مفتوحة.
مراسل “تطبيق خبّر” الميداني حسام جراي التقى محمد العربي، أحد الناشطين الداعمين للحملة، الذي أبدى أسفه بسبب الأوضاع التي آلت إليها المكتبات بشكل عام. وقال العربي إنه “للأسف، وخلال السنوات الماضية، تم إغلاق أهم المكتبات التي تُعتبر وجهة المثقفين، وهذا الأمر بحد ذاته خسارة للشعب التونسي بشكلٍ عام ولمُحبي الكتب والقراءة بشكلٍ خاص”.
كما أكّد أن الكتاب الواحد يُباع بثمنٍ زهيد، لا يتعدى خمسة دولارات، وبالتالي فإنه عبر شراء الكتب وقراءتها، يتثقّف الشعب التونسي من جهة، ومن جهةٍ أخرى ترتفع أرباح المكتبات، وتحافظ على استدامتها.
من جانبه، أعرب فوزي الهذيلي، صاحب مكتبة نهج إنجلترا، عن فرحع بتعاضد محبي القراءة والكتب معه، وتعبيرهم عن مساندتهم لاستمرار المكتبة من خلال إطلاق حملة دعم لها. وقال الهذيلي، “أمضيتُ حياتي في المكتبة، حرفياً، وهي تُعد جزءاً من ذاكرة أجيال عديدة، حيث تربوا على المطالعة داخل أورقتها، فهي تعني الكثير لي ولفئة كبيرة من الأشخاص”.
وذكر الهذيلي لمراسل “تطبيق خبّر” أنّ السنوات العشر الأخيرة، شهدت تردى الوضع الماديّ في المكتبة، بسبب هيمنة الإنترنت، وتراجع الإقبال على شراء الكتب الورقية، لكن جائحة فيروس كورونا المستجد، وما فرضته من إجراءات احترازية، من ضمنها الإغلاق العام، أدى إلى تدهور الوضع المادي بشكلٍ سريع، “ما جعل الخيار الوحيد أمامنا هو إغلاق المكتبة”.
وأكّد صاحب “كهف علي بابا” أن السبب الأساسي وراء عزوف الشباب عن القراءة هو استبدال الكتب الورقية بمحركات البحث عبر الإنترنت، إذ أصبحت المعلومة لا تكلف القارئ جهداً للبحث عنها داخل الكتاب. وأشار إلى أن الحملة لعبت دورا كبيرا في إحراز تقدم وزيادة طفيفة في نسبة المبيعات، الأمر الذي دفعه للعدول عن فكرة إغلاق المكتبة.
كما ناشد وزارة الشؤون الثقافية بالتدخل السريع لإيجاد الحلول المناسبة لإنقاذ هذا الإرث، لما يحتويه من كتب تاريخية، يعود الكثير منها للقرن الماضي.
كما أظهر تفاعل التونسيين مع الحملة الأثر الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي في يوميات الناس، كما تمسك التونسيين بإرث عمره تجاوز 70 عاماً من الكلمات ورائحة الورق وشغف القراءة والكتب.