من فكرة جاءتها إلهاماً وهي في صالون تزيين نسائي، أطلقت الفلسطينية نائلة أبو جبة تاكسي المختارة لخدمة نقل السيدات في قطاع غزة.
سائقة التاكسي الجديدة في مهنتها هذه، تبلغ من العمر 39 عاماً، وهي أول سيدة في غزة تقرر تأسيس عمل خاص بها، مخصّص لنقل النساء فقط، وتصبح بذلك سائقة تاكسي للسيدات.
مراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في غزة نيللي المصري، رافقت السائقة أبو جبة في جولة سريعة بسيارتها في شوارع غزة للتعرف على مبررات فكرتها وردود أفعال الناس.
شرحت “أبو جبة” مشهداً حضرته وهي في صالون التجميل النسائي، لخّص أمامها أهمية أن تكون هناك خدمة خاصة للسيدات، تؤمن لهنّ ولعائلاتهن الراحة النفسية والاطمئنان.
قالت إن الفكرة “جاءت صدفة عندما كنت في أحد صالونات التجميل، ولاحظت أن السيدات بعد التجميل يجدن صعوبة في العودة إلى بيوتهن مع سائق رجل، غريب عنهن”. وأضافت أنه كانت هناك “سيدة في صالون التجميل تنتظر أن يقلها زوجها، لكنه اتصل ليخبرها بأنه أرسل لها تاكسي لعدم قدرته على القدوم بنفسه، وكأوصاها بأن ترتدي النقاب لكونها ستكون مع سائق غريب”.
أشارت أبو جبة إلى أنها في تلك اللحظة طرحت الفكرة أمام صاحبة محل التجميل، مبينة أن مكتباً خاصاً بتوفير النقليات للسيدات مهم، حتى لا يواجهن الحرج في مثل هذه المواقف. لكن فكرتها لم تلقَ ترحيباً من قبل صاحبة الصالون التجميل، التي اعتبرت فكرتها فكرة مجنونة.
أوضحت المختارة نائلة، كما تلقب بين معارفها لأنها “حلالة المشاكل”، كيف أنها قررت لدى عودتها للمنزل أن تطبق الفكرة، وتكسر الصورة النمطية، وتكون بنفس الوقت قد ابتكرت عملاً خاصاً بها، يساهم في تكاليف المعيشة لها ولعائلتها. فهي أم لفتاة وأربعة شباب، واحد منهم متزوج.
أضافت المختارة نائلة أنها باشرت في اليوم التالي، بأخذ خطوات عملية تجاه البدء بهذا المشروع، إذ توجهت إلى مطبعة لتجهز لها بطاقة تعريفية باسمها ورقم هاتفها المحمول كي توزعه على الزبونات، وبعد ذلك وجدت نفسها قد بدأت تطبيقها على أرض الواقع.
بدأت نائلة مشروعها بعدة طلبات من بعض السيدات داخل مدينة غزة. تقوم بنقل النساء بسيارتها الخاصة، وتستقبل اتصالات زبوناتها للتوصيل خلال فترة العمل اليومية التي تبدأ من ساعات الصباح الباكر وتنتهي مع بدء حظر التجوّل اللّيلي في غزة، ابذي تفرضه جائحة فيروس كورونا المستجد.
وحول طلبات التوصيل، أوضحت لمراسلة “تطبيق خبّر” أن “عدد الطلبات قليل جداً بسبب الوضع في ظل فيروس كورونا، وعدم خروج الناس من البيت كما كان في السابق”. وأشارت أن عائلتها تخاف عليها في حال جاءها طلب توصيل ليلي، مبيّنة أنها “قبل يومين تلقيت طلباً الساعة ٧ مساء، فرفضت ابنتي الخروج، خوفاً علي، ولكنني أقنعتها بأنه لا داعي للقلق وإن الموضوع بسيط جدا وقمت بتوصيل الزبونة”.
أبو جبة لديها شهادة بكالوريوس قسم الخدمة الاجتماعية. وهي تعمل أساساً مدربة تنمية بشرية. وقد ترك لها والدها بعد وفاته مبلغاً من المال، وكانت تفكر بالاستفادة منه لفتح مشروع تعيل به أسرتها في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في غزة.
لفتت أبو جبة النظرإلى أنها بدأت بمشروعها هذا قبل أسبوعين. وإلى جانب بطاقتها التعريفية التي توزعها على السيدات وعبر صالون التجميل، اقتحمت مواقع التواصل الاجتماعي وسخرتها لدعم مشروعها الخاص، وصارت الراغبات بالخدمة يمكنهن التواصل معها أيضاً من خلال صفحة “تاكسيات المختارة” على فيسبوك أو إنستغرام أو عبر تطبيق واتس أب.
وعن تجربتها في الأيام الماضية، أكدت أن الفكرة لاقت ترحيباً من النساء، كما أنها لم تلمس أي رد فعل عكسي في المجتمع، وهذا ما يجعلها تفكر بتوسيع مشروعها وفتح باب الانضمام أمام صديقاتها لها ممن تمتلكن سيارة خاصة بهن، وترغبن بالعمل أملاً في تخفيف الأعباء المالية العائلية..
ووسط تبعات جائحة فيروس كورونا المستجد، فإن اقتصاد قطاع غزة قد تضرر كثيراً، كما في كل المناطق والدول في العالم، ما أدى إلى خسارة كثيرين لأعمالهم ووظائفهم. ومع فك الحجر الصحي خلال ساعات النهار، عادت الحركة في القطاع، لكن عجلة الاقتصاد لا تزال متأثرة بتبعات الفيروس والإغلاق.