اعتادت أستاذة المسرح بالمركز الثقافي الغالي، المتواجد بحي التشارك بمدينة الدار البيضاء في المغرب، نجاة قنبي, أن تصعد خشبة المسرح رفقة 70 طفلاً ضمن الحصة التدريبية الواحدة. اليوم بالكاد أن يأتيها 4 أو 5 أطفال، كما حدث معها يوم السبت، وهو الموعد الأسبوعي لحصة المسرح التعليمية بالمركز.
كباقي المراكز الثقافية بالمملكة المغربية التي تأثرت بجائحة فيروس كورونا المستجد، يشهد المركز الثقافي الغالي حضوراً متقلصاً لعدد الأطفال المنخرطين فيه خلال هذه السنة، بالرغم من تنوع الأنشطة الثقافية والخدمات التي يستمر بتقدميها خاصة يوم السبت، وعلى رأسها المسرح ورقص الباليه والموسيقى والرسم والفنون القتالية .
وقد أعربت أستاذة المسرح “قنبي” لمراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في الدار البيضاء هدى لبهالة، عن حزنها بسبب الواقع الذي فرضته الجائحة على الناس جميعاً، خصوصاً أن للحجر أثره الكبير على الأطفال، لأن نشاطهم قد تقلص بشكل كبير خارج البيت.
أهالي حي التشارك يترددون في تسجيل أطفالهم بالأنشطة خوفاِ من كورونا
الوضعية الوبائية التي يشهدها المغرب في ظل انتشار أكبر لفيروس كوفيد 19 على مساحة المملكة، جعلت خوف أهالي الأطفال المنخرطين بالمركز أو أولئك الذين كانوا من المفترض أن يلتحقوا لأول مرة، يحول دون التحاق العديد منهم.
لكن بعض أولياء الأمور تحدوا الوضعية الراهنة، وقرروا تمكين أبنائهم من استثمار وقت فراغهم في أنشطة ثقافية وفنية ستساهم في بناء شخصيتهم واكتشاف الملكات الإبداعية الباطنية.
من ناحيتها، وصفت والدة أحد الأطفال المنخرطين في تعلم الموسيقى، هذا التباين في صفوف المستفيدين من الأنشطة، بالوضع المتأزم، معتبرة أنه سيؤثر سلباً على نفسية الأطفال الذين لم يلتحقوا هذه السنة بالمركز.
والدة هذا الطفل تحدت الخوف ليتابع شغفه الموسيقي
وأضافت أن هذا الأثر السلبي سيمتد ليشمل الأطفال المشاركين في الأنشطة والحصص التدريبية لأن غياب أصدقائهم عن الأنشطة خلق جواً من الصمت وقلة الحماس، وهو ما لمسته في تصرفات ابنها حينما ينتهي من التدريب.
كما أوضحت لمراسلة
“تطبيق خبّر” أنها فضلت أن يلتحق بالأنشظة ويواصل التدرب على الموسيقى بالرغم من الجائحة تجنباً لحرمانه من هوايته التي يحب ممارستها، وتنمي حسه الإبداعي والتواصلي وتنعكس إيجاباً على تحصيله الدراسي.
ويستقبل المركز الثقافي “الغالي” سنوياً أكثر من ستين مشارك ضمن النشاط الثقافي الواحد، إلا أن السنة الحالية سجلت انخفاضا كبيراً في صفوف المستفيدين.
في هذا الصدد بيّنت بسمة فراج الله، مدربة رقص الباليه بالمركز، أن عدد الإناث اللواتي تتراوح أعمارهن بين 6 سنوات و 12 سنة والمنخرطات في رقص الباليه، انخفض من 40 فتاة إلى 20 فتاة في الحصة الواحدة ، مرجعة السبب إلى خوف الآباء والأطفال أيضا من حدوث إصابة بالفيروس.
انخفض عدد الفتيات الملتحقات بدورة الباليه إلى النصف
من جهتها، أكدت حنان بوعلام، المشرفة على المركز، أن أنشطة المركز التي يقام أغلبها يوم السبت، ابتداء من الساعة التاسعة صباحاً إلى الساعة السادسة مساءً، عرفت إقبالا منخفضاً هذه السنة عكس السنوات الماضية، بالرغم من تنوع الأنشطة المقدمة، وتوفر المركز على مدرسين و مدربين محترفين في مجال عملهم.
كما أشارت إلى أنه وعلى الرغم من قرار تقديم هذه الخدمات بثمن رمزي موحد يصل إلى 8 دولارات شهرياً لكل نشاط يختاره الطفل أو والديه، فإن الإقبال بقي ضعيفاً.
و أضافت أن الآباء فضلوا تأجيل التحاق أطفالهم هذه السنة إلى حين تحسن في الوضع الوبائية، مؤكدة أن هذا الاختيار فوّت على مجموعة من الأطفال المنخرطين سابقاً أو أولئك الذين كانوا من المفترض أن ينخرطوا هذا العام، فرصة تطوير مهاراتهم الإبداعية والتواصلية، وقضاء وقت ممتع رفقة أصدقائهم وأساتذتهم.
جدير بالذكر أن
المركز الثقافي “الغالي” تأسس سنة 2014، ويضم إلى جانب المسرح، ورقص الباليه والرقص الكلاسيكي، والموسيقى، مكتبة تضم كتباً أدبية وقصصاً للأطفال، كما تحتوي على مراجع علمية خاصة بطلاب الجامعات ومجموعة من أجهزة الكمبيوتر تحت إشارتهم.
كما يعطي المركز أيضاً دروساً في الحساب الذهني واللغات الأجنبية وفنون الطبخ، ويتوفر على قاعة للمسرح بها 356 مقعداً مع نظام صوت وإضاءة متطورين، إذ تقام به احتفالات نهاية السنة الدراسة ويقدم على خشبته الأطفال المنخرطين بالمركز عروضا متنوعة مستوحاة من مكتسباتهم التي تعلموها طيلة عام من التمرينات والإبداع.