لم يتوقع الفلاح عبد الخالق محفوظ تعطل أنظمة السقي خلال زمن قصير في ضيعته بمنطقة المعيصرة التابعة ترابياً لإقليم العطاوية نواحي مدينة مراكش في المغرب.
عبد الخالق، كباقي الفلاحين مالكي الضيعات المتاخمة لمراكش، كان قد استبشر خيراً سنة 2017، بعد تنفيذ الدولة أحد مشاريع “مخطط المغرب الأخضر” الخاص بجهة مراكش تانسيفت الحوز، حسب التقسيم الإداري للمملكة المغربية.
اعتمد المشروع مقاربة تشاركية لدعم عدة مشاريع همّت الفلاحة التضامنية، والفلاحة ذات القيمة المضافة العالية.
من بين هذه المشاريع، تقنيات الري والسقي بالتنقيط، التي شملت كل من أقاليم مراكش والحوز وقلعة السراغنة والعطاوية.
من خلال المشروع، استفاد الفلاحون أصحاب الضيعات المتوسطة الإنتاج ذات الفلاحة التضامنية من أجهزة سقي ومضخات مياه وأحواض خاصة.
لكن أحداً منهم لم يتوقع أن هذا المشروع التقني سيعرف بعد سنتين أو ثلاث أخطاء واختلالات تقنية عديدة، لم تدرسها الجهات الحكومية المسؤولة التي برمجت المشروع المذكور بالشكل الذي هو عليه الآن.
فبعد تجهيز الحقول بأحواض مائية مكشوفة مرتبطة بقنوات ناقلة للماء تجري فوق التراب والحصى أي ما يسمى محليا “المصارف”، تأتي هذه الأخيرة بالحشائش والأتربة الطينية (الطمي) لتصب في الأحواض البلاستيكية.
ويؤدي استقرارها في قاع الحوض إلى تعطل الأجهزة التي تمتص الماء بمحرك ومصفاة خاصة تساوي ملايين الدراهم المغربية، وتكلف الفلاح الصغير خسائر مادية جد مكلفة.
وهي معاناة مستمرة أوقفت عملية السقي بمنطقة “الدزوز” ودواوير أخرى في منطقة “العطاوية” على وجه الخصوص.
الفلاح عبد الخالق، البالغ من العمر 50 سنة، بيّن لمراسل “تطبيق خبّر” في مدينة مراكش جواد الأطلس أنه انتظر سنوات حتى يستفيد من مشروع تقنيات السقي بالتنقيط بعد أن وضع طلبه لدى المصالح المختصة بالمركز الفلاحي الخاص بالإقليم.
لكن فرحته لم تدم، فما هي إلا فترة قصيرة حتى لحقت أنظمة السقي في ضيعته أعطال كثيرة وخلل في انسيابية المياه إلى الحقول التابعة في التقسيم المجالي “للساقية المسناوية”.
وأضاف أن المحصول الفلاحي يعاني وتأثر كثيراً في الآونة الأخيرة، نظراً لمرور القناة الكبرى الموردة للمياه إلى الفلاحين في مسار بدون خرسانة، ما يسبب كشطاً للأتربة والحصى التي تستقر في قاع الخزانات التي يتوفر عليها كل فلاح.
بصوت تشوبه الحسرة، قال عبدالخالق “إن آليات سحب المياه تتعطل مراراً وأثقلتنا بالمصاريف والديون.. حقاً، الفلاحون بهذه المنطقة يعانون”.
كما أوضح أن الفلاحين بالمنطقة يلجؤون عادة لعملية تنظيف الأحواض المائية البلاستيكية أسبوعيا (كما مبين في الصورة 1)، وهي طريقة جد متعبة ومكلفة مالياً.
وأشار إلى أن هذه الأساليب هي مجرد حلول ترقيعية، ولا تدخل ضمن العمل الطبيعي لهذه الأليات التي توزع مياه السقي على المحاصيل الزراعية.
من جهته، قال “عبد الرحيم”، 22 سنة، إبن المنطقة الشاب، لمراسل “تطبيق خبّر”، أثناء عملية تنظيف الأحواض رفقة الفلاح عبد الخالق، إن الأحواض البلاستيكية التي يعتمد عليها الفلاحون لتجميع حصتهم من المياه قد تعرضت للتلف، بالنظر للكمية التي تستقر فيها من أتربة.
وأوضح أن الأمر يضطرهم لإفراغها من المياه بشكل متكرر ومحاولة تنظيفها من الطين بالاستعانة بعدد من العمال، مؤكداً أن هذه مصاريف أخرى تضاف لمجموع الخسارة التي يتكبدها فلاحو المنطقة.
وتابع “عبد الرحيم” قائلا: “لقد تواصلنا مرات عديدة مع المركز الفلاحي بإقليم العطاوية لينقل رسالتنا للمركز الجهوي بمراكش، لكن لم نتلق لحد اللحظة أي جواب، لاسيما أن السواقي تحتاج لخرسانة، وكذلك طريق محاذية تمكن الفلاح من مراقبة السير العادي لقنوات السقي”.
كما لفت عبد الرحيم النظر إلى أن الفلاح بمنطقة العطاوية كان يعاني من مشكلة الجفاف سابقاً، والتجأ في السنوات الأخيرة لهذه التقنيات الجديدة بالنسبة له، إلا أنه بتوقفها تضيع فلاحته وتزيد معاناته أكثر من ذي قبل. فهي مصدر عيشه الوحيد.
يذكر أن مشروع “مخطط المغرب الأخضر” هو استراتيجية متكاملة ومندمجة لتنمية القطاع الفلاحي، عبر نقاط عديدة تتلخص في:
- إعطاء القطاع الفلاحي دينامية متطورة متوازنة مع مراعاة الخصوصيات
- تثمين الإمكانات واستثمار هوامش التطور
- مواجهة الرهانات المعاصرة مع الحفاظ على التوازنات السوسيواقتصادية
- مواكبة التحولات العميقة التي يعرفها قطاع الصناعات الغذائية على المستوى العلمي